Liturgical Logo

الأحد الخامس من زمن السنة (ج)

الأب لويس حزبون

يصف لوقا الإنجيلي في مطلع خدمة يسوع الرسولية في الجليل دعوة بطرس اول الرسل بعد الصيد العجائبي. ويتبعه أخيه اندراوس وثم يعقوب ويوحنا. وهم أربعة يمثلون العالم بأقطاره الأربعة. ومن هنا تكمن اهمية البحث في وقائع النص الانجيلي وتطبيقاته.
أولا: وقائع النص الإنجيلي (لوقا 5: 1-11)
1وازْدَحَمَ الـجَمعُ علَيهِ لِسَماعِ كَلِمَةِ الله، وهُوَ قائمٌ على شاطِئِ بُحَيْرَةِ جِنَّاسَرِت.” : تشير عبارة” وهُوَ قائمٌ على شاطِئِ بُحَيْرَةِ” الى مكان لقاء يسوع مع الجمع لتعليمهم (مرقس 2:13، 3: 7، 4: 1). أما عبارة “بُحَيْرَةِ جِنَّاسَرِت” فتشير الى بحيرة طبرية او بحر الجليل (يوحنا 6: 1). وكانت تحيط في البحيرة أيام المسيح نحو ثلاثين مدينة للصيادين، وأكبرها مدينة كفرناحوم.
2فَرَأَى سَفينَتَينِ راسِيَتَينِ عِندَ الشَّاطِئ، وقد نَزَلَ مِنهُما الصَّيَّادونَ يَغسِلونَ الشِّباك.”: تشير عبارة “يَغسِلونَ الشِّباك” الى ان الصيادين في بحيرة طبرية يستخدمون شباكاً على شكل جرس، لها أثقال ٌ من الرصاص مربوطة بأطرافها. وتلقى الشبكة مُسطحة مفرودة على المياه. فتقوم أثقال ُالرصاص بسحبها للأسفل فتغطي السمك تحتها حيث يجذب الصيادون بعد ذلك حبلا يسحبون به الشبكة حول السمك. ولا بد ان تُحفظ الشباك في حالة جيدة، لذا تُنظف لإزالة الأعشاب العالقة، ثم ترتق.
3فرَكِبَ إِحْدى السَّفينَتَين وكانَت لِسِمعان، فسأَلَه أَن يُبعِدَ قَليلاً عنِ البَرّ. ثُمَّ جَلَسَ يُعَلِّمُ الـجُموعَ مِنَ السَّفينَة.” تشير عبارة “جَلَسَ” الى موقف المعلم مع تلاميذه (لوقا 4: 20).
4ولـمَّا فَرَغَ مِن كَلامِه، قالَ لِسِمعان: ((سِرْ في العُرْض، وأَرسِلوا شِباكَكُم لِلصَّيد)). 5فأَجابَ سِمعان: يا مُعَلِّم، تَعِبْنا طَوالَ اللَّيلِ ولَم نُصِبْ شَيئاً، ولكِنِّي بِناءً على قَولِكَ أُرسِلُ الشِّباكَ.” تشير عبارة “مُعَلِّم” Ἐπιστάτα الى أحد القاب يسوع الذي لا يَرِد إلا في انجيل لوقا وعلى لسان التلاميذ دائما الذين يؤمنون بيسوع ويثقون بسلطته. (لوقا 8: 24، 9: 33). وهذا اللقب يشير الى إيمانٍ أعمقٍ بسلطة يسوع من اللفظة اليونانية διδάσκαλος أي معلم. (لوقا: 7: 40). اما عبارة “طَوالَ اللَّيلِ” فتشير الى أفضل وقت للصيد. اما عبارة “لَم نُصِبْ شَيئاً” فتشير الى صعوبة العودة الى الصيد بعدما فشل الصيادون في الصيد شيئا طيلة الليل.
6وفعَلوا فأصابوا مِنَ السَّمَكِ شَيئاً كثيراً جداً، وكادَت شِباكُهُم تَتَمَزَّق.” يشير لوقا ان ” السَّمَكِ شَيئاً كثيراً جداً ” في حين يذكر يوحنا الإنجيلي ان الشبكة امتلأت 153 سمكة (يوحنا 21: 11). فقد ورد عند القديس ايرونيموس ان علماء الطبيعة الاقدمين كانوا يجعلون السمك 153 صنفا. فعلى شبكة الرسل ان تجمع جميع الاسر البشرية في الكنيسة الواحدة (متى 13: 47-50). اما عبارة “شِباكُهُم ” فيشير لوقا انها َتَمَزَّقت؛ اما يوحنا فان الشبكة لم تتمزق (يوحنا 21: 11)
7فأَشاروا إِلى شُرَكائِهم في السَّفينَةِ الأُخرى أَن يَأتوا ويُعاوِنوهم. فأَتَوا، ومَلأُوا كِلْتا السَّفينَتَينِ حتَّى كادَتا تَغرَقان. 8فلَمَّا رأَى سِمعانُ بُطرُسُ ذَلِكَ، اِرتَمى عِندَ رُكبَتَي يَسوعَ وقال: ((يا ربّ، تَباعَدْ عَنِّي، إِنِّي رَجُلٌ خاطِئ)). تشير عبارة “سِمعانُ بُطرُسُ” الى الاسم المزدوج الذي يطلقه لوقا على بطرس للمرة الوحيدة. وفي ضوء الكتاب المقدس من أطلق على أحد اسما جديداً، كان له سلطان عليه (2 ملوك 23: 34)، كسلطان الاب على ابنه عند مولده، وهو يحدَّد له أيضا مصيراً جديداً بفضل الاسم الجديد (تكوين 17: 5). تروي الاناجيل إطلاق اسم “بطرس” على “سمعان” في ظروف مختلفة؛ في انجيل لوقا ومرقس غيَّر يسوع اسم سمعان الى بطرس لدى اختياره الاثني عشر (لوقا 4: 38؛ مرقس 3 :16). اما في انجيل متى فإن تغيير اسم سمعان كان جوابا عن شهادة سمعان انَّ يسوع هو المسيح المنتظر (متى 16:18)؛ اما في إنجيل يوحنا فغيّر يسوع اسم سمعان في اول لقاء المعلم والتلميذ (يسوع وسمعان) (يوحنا 1: 42). اما عبارة” اِرتَمى عِندَ رُكبَتَي يَسوعَ” فتشير الى رهبة بطرس امام الصيد العجائبي، فعرف بطرس نفسه على حقيقته. وكانت استجابته الأولى نحوها هي الإحساس بحقارته بالمقارنة بهذا الشخص العظيم يسوع. اما عبارة “رَجُلٌ خاطِئ” فتشير الى ان بطرس اكتشف في المعجزة قوة يسوع الإلهية فاعترف أنه غير مستحق ان يمثل أمام الرب وشعر انه ليس أهلا أن يبقى معه. أمَّا عبارة “يا ربّ” فتشير ان بطرس عرف نفسه في ضوء يسوع فخاطبه باللقب ” يا رب”. يا رب نداء من كلمة واحدة، ولكنها تحمل الكثير من المعاني، فحين ردَّدها بطرس شعر فيها معاني كثيرة، ومنها الانكسار للمسيح الرب فاعترف انه صاحب القدرة والفضل، وأيضا تحمل كلمة “يا رب “معنى الحب العميق لواهب النعم. وفي كلمة “يا رب” أيضا سؤال طلب العون وتفريج الهم والغم، وأخيرا تحمل كلمة “يا رب” معنى الغنى بالمسيح ولو فقد الكثير من أمور الدنيا، وتعني أيضا الفقر من دون المسيح، وإن ملك الدنيا وما فيها. ما أروعها هذه الكلمة إلى كل من ثـقل عليه الهم وضاقت عليه الأرض برحابها إلى أن ضاقت عليه نفسه. اما عبارة ” تَباعَدْ عَنِّي” فتشير الى ان بطرس اكتشف قدرة الله في يسوع (الرب) فاعترف انه غير جدير بأن يبقى معه. كما حدث مع إبراهيم (تكوين 18: 23) وأيوب (أيوب 42: 6) وأشعيا النبي (اشعيا 6: 5). انها عاطفة نجاسة امام القداسة، عاطفة الضعف امام القدرة، عاطفة الحيرة والدهشة اما معجزة الايمان واليقين.
9وكانَ الرُّعْبُ قدِ استَولى علَيهِ وعلى أَصحابهِ كُلِّهم، لِكَثَرةِ السَّمَكِ الَّذي صادوه. 10ومِثلُهُم يَعقوبُ ويوحنَّا ابنا زَبدَى، وكانا شَريكَي سِمْعان. فقالَ يسوعُ لِسِمْعان: ((لا تَخَفْ! سَتَكونُ بَعدَ اليَومِ لِلبَشَرِ صَيَّاداً)). تشير عبارة “سَتَكونُ بَعدَ اليَومِ لِلبَشَرِ صَيَّاداً” الى أقدم وعد عن دعوة الانجيل بحيث يوحي انَّ العمل الرئيسي للدعوة في العالم هو ان يربح آخرين للمسيح، فيجمعهم من أجل الدينونة والدخول الى الملكوت (متى 13: 47-50). يدعو يسوع بطرس ليتبعه لا كسامع فقط، بل كمعاون وشاهد لملكوت الله وعامل في حصاده (متى 10: 1-27). ترك مهنة يعيش منها، وأخذ مهنة أخرى، حين يكرز بالإنجيل، يجمع الناس كما يجمع الصياد السمك في الشباك. تبدلت حياته كليا من شبكة الى شبكة، ومن صيد الى صيد؛ ان الدعوة الإلهية تغيّر مصير الانسان في لحظة.
11فرَجَعوا بِالسَّفينَتَينِ إِلى البَرّ، وتَركوا كُلَّ شَيءٍ وتَبِعوه. تشير عبارة “تَركوا كُلَّ شَيءٍ” الى انه يجب على التلاميذ ان يتركوا كل شيء” ويتبعوا يسوع على مثال متى العشار (لوقا 5: 28) فإتباع يسوع قد يستلزم هجر الحرفة وقصم عُرى الروابط العائلية. إنها دعوة الى ولاءٍ وإخلاص من القلب. اما عبارة “تَبِعوه” فتشير لفظياً الى أنهم “جاءوا وراء يسوع” (متى 4: 20) وهو امر أكثر من مجرد الاعتراف به مخلصا، فانه يعني ترك الماضي خلفهم، وتكريس مستقبلهم للمسيح. وهذا الاتباع يتطلب الزهد بالنفس وحمل الصليب والسير وراء يسوع كما صرّح يسوع “مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صَليبَه ويَتبعْني”(مرقس 8: 34). فإتباع يسوع يتطلب الزهد في النفس المعبّر عنه بقبول الصليب، أي بتعريض حياته للخطر في سبيل يسوع والبشارة (مرقس 8: 35-37). فيلازم شخص يسوع. وأخيرا عندما نتبع يسوع لا بد لنا من الاعتراف بطبيعتنا البشرية الخاطئة، فنحن لا نقدر ان نخلص أنفسنا، وليس سوى الله وحده الذي يقدر ان يخلصنا.

ثانياً: تطبيقات نص الإنجيلي (لوقا 5: 1-11)
انطلاقا من هذه الملاحظات الوجيزة حول وقائع النص الإنجيلي يمكننا ان نستنتج ان النص يتمحور حول الصيد العجائبي ودعوة بطرس. من خلال دعوة يسوع اثناء صيد السمك العجائبي تمّت مواجهة بين سيدنا يسوع في عظمته وسره من ناحية، وبين بطرس الذي ظهر على حقيقته بما فيه من خوف وثقة وإيمان من جهة أخرى. ومن هنا نتساءل عن نقطتين: على ماذا تقوم دعوة سمعان بطرس وما علاقة الصيد العجائبي في الدعوة؟
أولا: على ماذا تقوم دعوة سمعان بطرس؟
بطرس هو سمعان واسم ابيه يونا (متى 16: 17) واسم أخيه اندراوس واسم مدينته بيت صيدا. فلما تبع سمعان يسوع سمَّاه يسوع “كيفا” Κηφᾶς (يوحنا 1: 42) وهي كلمة آرامية כֵיפָא معناها صخرة والصخرة باليونانية Πέτρος أي بطرس (متى 16: 18). وبعد قيامة يسوع، حقق بطرس ما أنبأ المسيح عنه ” أَنتَ صَخرٌ وعلى الصَّخرِ هذا سَأَبني كَنيسَتي ” (متى 16:17). وقد دعا يسوع بطرس ثلاث مرات. فأولاً دعاه ليكون تلميذا، (يوحنا 1: 15-42) ودعاه ثانيةً لكي يكون رفيقا له ملازما باستمرار (لوقا 5: 10) ثم دعاه ثالثة لكي يكون رسولا له (لوقا 6: 13-14).
إن الدعوة هي نداء يوجّهه الله للإنسان الذي اختاره لذاته، والذي يخصه لعمل معيّن في تدبيره الخلاصي وفي مصير شعبه. وعليه فإن لدعوة بطرس عنصران نداء وجواب. نداء من يسوع يوجّه إلى قلب بطرس. اذ قالَ يسوعُ لِسِمْعان: ((لا تَخَفْ! سَتَكونُ بَعدَ اليَومِ لِلبَشَرِ صَيَّاداً” (لوقا 5: 10). وهذا النداء هو نداء شخصيّ موجّه إلى أعماق ضمير بطرس، فَقَلب أوضاع كيانه، لا في ظروفه الخارجية فقط بل أيضا في عمق قلبه. فجعل منه شخصاً آخر. إذ أطلق عليه اسما جديدا وهو بطرس (يوحنا 1:42). إن الدعوة تفترض تغييراً في الحياة. المسيح يدعو الناس، ليس لما هم عليه، بل لما يجعلهم هو ان يكونوا، إذا ما كانوا مستعدين لإطاعته. فنداء يسوع لبطرس جعله ينتقل من صياد سمك الى صياد بشر (لوقا 5: 9) ودفع به نحو مكان لا يعرف سرَه إلا يسوع المسيح: ترك كل شيء وتبع يسوع ” (لوقا 5: 11) كما قالَ الرَّبُّ لأَبْرام: ((اِنطَلِقْ مِن أَرضِكَ وعَشيرَتكَ وبَيتِ أَبيكَ، إِلى الأَرضِ الَّتي أُريكَ ” (تكوين 12: 1).
ولكل نداء جواب. على النداء، انتظر يسوع جواباً، أي موافقة واعية تعبر عن الإيمان والطاعة. فجواب بطرس كان تكريس قلبه وحياته بأكملها. “تَرك كُلَّ شَيءٍ وتَبِع يسوع (لوقا 5: 11). لكن جواب بطرس بالموافقة لم تتم فورياً، قد خالجه شعور بالخوف كما تبيّن من كلام يسوع لبطرس “لا تَخَفْ! ” (لوقا 5: 9)، كما خالجه شعور بعدم الاستحقاق كما تبيّن من كلام بطرس “يا ربّ، تَباعَدْ عَنِّي، إِنِّي رَجُلٌ خاطِئ (لوقا 5: 7). ويلمّح هذا الكلام الى تأثر بطرس السريع بمعجزة الصيد العجائبي التي صنعها المسيح، فآمن بيسوع، ابن الله ووضع ثقته فيه.
اما غاية الدعوة فهي الارسال. يوجه الله هذا النداء إلى جميع من يختارهم كأداة لعمله أي تنفيذ ألأمر إلإلهي. دعا يسوع بطرس ليرسله كما ردد نفس الأمر لإبراهيم (تكوين 12: 1)، ولموسى (خروج 3: 10)، ولعاموس (عاموس7: 15)، ولإشعيا (إشعيا 6: 9)، ولإرميا (إرميا 1: 7)، ولحزقيال (حزقيال 3: 1). فبطرس كرسول لتَبْشيرِ المَختونين (غلاطية 2: 8) واصل بعد ما وضعت اساسات الكنيسة تبشيره حيث يوجد اليهود تاركا اورشليم لقيادة يعقوب، اخو الرب (اعمال الرسل 12: 17) وقيادة كنيسة الأمم الى بولس الرسول. واستشهد كما سبق الرب وأخبره ذلكَ “مُشيراً إِلى المِيتَةِ الَّتي سيُمَجِّدُ بِها الله” (يوحنا 21: 19). وبحسب تقاليد الإباء ايرونيموس واكليمندس الاسكندري وترتوليانس واريجانيوس واوسابيوس فانه قد استشهد في روما. وهكذا يبرز سمعان بطرس امامنا مثالا في تلبية الدعوة والثبات في الايمان ونموذجا للرجاء.
ثانيا: معجزة الصيد العجائبي ودعوة بطرس
يربط لوقا الانجيلي رواية الصيد العجائبي بدعوة سمعان بطرس. وتحدث هذه المعجزة في إطار تبشير الجموع. ولما انتهى يسوع من التبشير تمّت المعجزة. وتبدو هذه المعجزة خاصة بمظهر تعليم يُلقى على التلاميذ، وتعزز كلمة يسوع لسمعان بطرس “لا تَخَفْ! سَتَكونُ بَعدَ اليَومِ لِلبَشَرِ صَيَّاداً ” (لوقا 5: 9). ف
في نظر لوقا الانجيلي، ان المعجزة عمل من اعمال الله تدعو الانسان إلى الإيمان؛ وإنَّ بطرس حر في قبوله او رفضه. فهي دعوة موجّهة الى بطرس من قبل يسوع ليتقبّل بحرية هذه الدعوة ليكون صياد بشر. فمعجزة صيد السمك امر واقع، والمسيح حققه وعبّر من خلالها عن قدرته الإلهية. فكانت المعجزة علامة لبطرس. فالعلامة الأولى التي يجب ان ننتظرها من يسوع هي دعوته لبطرس الى الايمان به، الايمان بشخصه الذي يدعوه الى حمل رسالته. فقبل بطرس دعوة المسيح، لان الايمان مكَّنه من الاعتراف به من خلال المعجزة. فالمعجزة مهّدت لدعوة بطرس؛ والدعوة تضفي معنى على المعجزة، والمعجزة بدورها مكّنت الدعوة من ان تتحقق عمليا.
وعليه فإننا نجد صلة قائمة بين الكلمة (التبشير) والعمل (المعجزة). لم يكتف يسوع بالتبشير في الملكوت، بل اظهر هذا الملكوت في الاعمال. فقد أدخلت معجزة الصيد العجائبي التأهب والانفتاح على قلب بطرس بل هي دعوة لبطرس لاتخاذ موقف تجاه يسوع. فمن خلال صيد السمك العجائبي اكتشف بطرس نفسه يسوع المسيح وعرف ان الله تدخل في حينه عن طريق المعجزة. فالمعجزة هي علامة انارتها كلمة الايمان، وبالإيمان قبل بطرس دعوته في حمل رسالة يسوع الخلاصية بان يكون صياد بشر. فتخلي سمعان بطرس ورفاقه عن حرفة الصيد وصاروا أتباعا ليسوع. وكانت مهنة صيد السمك تمرينا حسنا على الاحتمال والصبر اللازم للعمل في صيد البشر وربح النفوس للمسيح.
خلاصة:
استلزمت دعوة يسوع ورسالته معجزة ليقتنع بها سمعان بطرس ليتبع يسوع. إذ طلب منه أن يترك صيد السمك ” ليصبح صياد البشر” ويأتي بالآخرين الى الله ويربح الناس الى ملكوت الله. ما عمله يسوع في الماضي على الأرض، لا يزال يعمله اليوم. فالحياة المسيحيّة هي دعوة، لأنها حياة في الروح ولأن الروح يقودنا إلى عالم جديد (رومة 8: 16). ولأن الروح هو منشئ الدعوة المسيحية. ويوجد داخل هذه الدعوة الواحدة، ” مواهب على أنواع… وخدمات على أنواع… وأعمال على أنواع… ” ولكن، رغم هذه المواهب المختلفة، لا يوجد إلا جسد واحد وروح واحد (1 قورنتس 12: 4-13).
الرب يسوع لا يزال يدعو كل واحد لنتبعه. إتباع يسوع يعني أننا نترك نظرتنا ونأخذ بمشروع الله. ترك الصيد والشبكة والسفينة في البحر لكي نتبعه لصيد آخر وهو صيد النفوس، وترك شبكة لنأخذ شبكة الدعوة الانجيلية التي تنتشل الناس من قعر ظلمات الجهل والضلال الى الأفق المنير، وترك سفينة العالم لنأخذ سفينة الكنيسة. فيسوع الناصري هو نفسه الذي أولى كل سلطان في السماء والأرض والباقي مع كنيسته حتى نهاية العالم كما وعد تلاميذه قبل صعوده الى السماء “إِنِّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض. فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم”. (متى 28: 18-20)، هذه هي دعوة يسوع المسيح لسمعان بطرس ولرسل والتلاميذ ولجميع المسيحيين في العالم.