Liturgical Logo

تأملات آباء الكنيسة حول مريم العذراء

آباء الكنيسة

إفرحي أيتها الممتلئة نعمة والقدّيس ألريد دو ريلفو (1110 – 1167)، راهب سِستِرسيانيّ
العظة 59، الثالثة عن البشارة
»افَرحي، أَيَّتُها الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ«
لقد أرسل الآب إلينا في هذه الأيّام، يوسف الحقيقي لكي “يفتَقِدْ سَلامةَ إِخَوَتِه وسَلامةَ الغَنَم” (تك 37: 14). ومما لا شكّ فيه أن يوسف هذا هو الذي كان “أَباه يُحِبُّه على جَميعِ إِخْوَتِه” (تك 37: 3)… ها هو، المحبوب أكثر من الجميع، والأكثر حكمة من الجميع، والأكثر روعة من الجميع، هذا من أرسله الآب اليوم… لقد قال الله الآب: “مَن أُرسِل، ومَن يَنطَلِقُ لنا؟” (إش 6: 8) وها هو الابن يجيب، “هاءنَذا أَنشُدُ خِرافي وأَفتَقِدُها أَنا” (حز 34: 11). ونزل من الأعالي وانحدر نحو “وادي حَبْرون” (تك 37: 14). ها إن آدم قد تسلّق جبل الكبرياء، وإذا بابن الله ينزل إلى وادي التواضع. وهو يجد اليوم أيضاً وادياً ينزل إليه لكن أين هو؟ هذا الوادي ليس فيك، يا حواء، يا أم بؤسنا، ليس فيك… ولكن في مريم العذراء المباركة. هي حقًا وادي حبرون بسبب تواضعها وأيضًا بسبب قوتها… إنها قوية لأنها تشارك في قوة من قيل عنه أنّه “الرَّبُّ العَزيزُ الجبَار” (مز 24[23]: 8). هي المرأة الفاضلة التي يتوق اليها سليمان، “مَن يَجِدُ المَرأَةَ الفاضِلة؟” (أم 31: 10) … وحوّاء، على الرغم من أنها خلقت في الفردوس، لا تعرف الفساد، ولا الضعف ولا الألم، أظهرت أنها ضعيفة جدًا، عاجزة جدًا. ” مَن يَجِدُ المَرأَةَ الفاضِلة؟” فهل نجد في البؤس هنا أدناه ما لم نعثر عليه في السعادة هناك؟ هل نجد المرأة الفاضلة هنا في وادي الدموع هذا، في حين لم نعثر عليها في نعيم الجنة؟ لقد عثرنا عليها، اليوم، نعم اليوم. إن الله الآب وجد هذه المرأة ليقدّسها، والابن وجدها لينزل فيها، والرُّوح القدس وجدها ليزّينها بالأنوار… ووجدها الملاك فسلّم عليها قائلاً: “افَرحي، أَيَّتُها الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ”. ها هي، المرأة الفاضلة. ففي هذه المرأة الفاضلة، تتواجه الجدّية والتواضع والعذرية مع الفضول، والغرور، والشهوة. وقد كُتب أن الملاك دخل إليها. فهي لم تكن متلّفتة نحو العالم الخارجي، لم تكن في الخارج. بل كانت في الداخل، في حجرتها تصلّي إلى أبيها في الخفية (راجع مت 6: 6).
…………………

 

أقوال القديس يعقوب السروجي عن مريم العذراء
(451- 521)
+ سفينة غنية فيها ارسل كنز الأب الى المكان المحتاج ليغنى المساكين.
+ لم تستعجل مريم كمثل أمها حواء التى من صوت واحد صدقت وحملت الموت.
+ تفرح البتول اذ صارت أماّ رغم بتوليتها.
+ عتيق الايام والعظيم داخل البطن جنينا بينما هو غير محدود وبذلك صارت مريم اعظم من السموات واستضاءت بنوره..
فانظر الى السماء والى تلك الام البتول واخبرنى ايهما اقرب اليه ومحبوب لديه؟ فمباركة انت فى النساء يا مريم وممتلئة نعمة .
+ أنت يا مريم السماء الثانية وافضل من الطغمات السمائية او صارت احشائك مركبة نورانية ترتعد منها الشاروبيم وحدث هذا عندما التقت مريم العذراء باليصابات فقالت بمحبة:
” من اين لى هذا ان تاتى الىّ أم ربي ”
+ لقد تجسد من مريم العذراء وولد بالجسد ليلدنا بالروح تواضع لكى يرفعنا اتحد بطبيعتنا ليعطينا موهبة الروح القدس لآن يوم ميلاد ملك الملوك ورب الارباب وان تجسده كان من اجل خلاصنا.
+ كيف أقدر بالالوان العادية أن أرسم صورة هذة العجيبة الجميلة
مكرمة جداً وممجدة هى صورة جمالهاعاشت حكيمة ومملوءة حبا لله
لم تتدنس قط بشهوة ردئية، بل سارت فى استقامة منذ طفولتها فى الطريق الحق بغير خطأ أو تعثر .
…………………

أقوال في مريمَ العذراء للقديس جان ماري فيانيه 1
“هناكَ في السماء، مريمُ العذراء تملُكُ كُلِّ النِّعَمِ وتوزِّعَها على البشر المُحتاجينَ إليها على الأرض”.
“مريم العذراء هي بابُ السموات وفاتِحَةُ كنوزِ النِّعمة”.
قال القديس جان ماري فيانيه: “العذراء هي أمي فقد أحببتُها قبلَ أن أعرِفَها”.
وقال أيضاً القديس جان ماري فيانيه: ” لو تطلَّب الأمر أن أُعطي شيئاً لمريم العذراء لبِعتُ أنا نفسي وما تردَّدتُ في عمل ذلك”.
“مِن جُملةِ الصَّلواتِ المقبولَةِ جِدًّا لدى الرَّب هي الصَّلاةُ إلى مريمَ العذراءُ لتُقدِّمَ للآبِ الأزلي ٱبنَها الإلهي ملطَّخاً بدِمائِه ومُهمَّشاً من أجلِ رجوعِ الخطأة… هذه هي أشرفُ صلاةٍ ممكِنةٍ للإنسان. لأنَّ جميعَ الصَّلواتِ تتمُّ بٱسمِ سيِّدِنا يسوعَ المسيحِ وبٱستحقاقاتِه”.
“آهٍ، ما أحنَّ قلبَ مريم، وما أرقَّه لنا. فنحنُ لا نستطيعُ أبداً أن نفهمَ هذا الحنان وتِلكَ الرَّأفة”.
“يا لِسعادتِنا بحصولِنا على مَثَلِ مريم! فإنَّ قلبَها يطفحُ شفقةً علينا، ولا تُريدُ إلاَّ خلاصِ نفوسِنا”.
“يا لِسعادة مَن يعيشُ ويموتُ تحتَ حمايةِ مريمَ العذراء! فإننا نستطيعُ القول أنَّ خلاصُه آمِن وأنَّ السماءَ ستكونُ من نصيبه يوماً ما”.
“إذا جمعت قلوب أمهات العالم، فإنَّها لا تساوي قطعة من الجليد مقارنة بحرارةِ حبّ مريم العذراء لنا”.
…………………

أقوال القديس يوحنا فيانيه في العذراء مريم 2
قال القديس يوحنا فيانيه خوري آرس:”إنَّ واحِدةً من “السلامُ عليكِ يا مريم” إذا قيلت جيِّداً، تَهِزُّ جَهَنَّم تحتَ أقدامِ الشَّياطين”.
“إنَّ العِبادة لمريم كُلُّها عُذوبةٌ وحلاوةٌ وقوَّة”.
“السلام الملائكي صلاةٌ لا تُمِلُّ أبداً”.
“حينما تتعطَّرُ أيدينا بالطُّيوب تُعطِّرُ كلَّ شيءٍ تلمِسُه، كذلكَ إن قدَّمنا صلواتِنا بواسطةِ مريم العذراء تُعطِّرُها”.
“للإبنِ عدلُه أمَّا مريم فلها حبُّها”.
“قبلَ مجيءِ مريمَ العذراء كان غضبُ اللهِ مُعلَّقاً فوقَ رؤوسِنا كسيفٍ مُعَدٍّ ليَضرِبَنا، لكن حالما ظهرت مريمُ العذراء على الأرض هَدَأَ غضبُه تعالى”.
“إنَّ مريمَ العذراء هي حُبِّيَ الأقدم، أحببتُها حتى قبلَ أن أعرِفَها”.
“يكفي أن تتحدَّثوا إلى العذراءِ مريم لتُستَجابَ طلباتِكُم”.
“لنُسبِّحِ العذراءَ النَّقِيَّةَ فائِقَةَ القداسَةِ أُمَّ اللهِ إِلى الأَبَد”.
…………………

أقوال مريم العذراء 3
“إذا تَضرَّعَتَ إلى مريمَ العذراء في وقتِ التَّجرِبة، فستأتي حالاً لمساعَدَتِكَ، وسَيَهرُبِ الشَّيطان”.
“سعيدٌ هو مَن يحيا ويموتُ تحتَ حِمايةِ أُمِّنا مريمَ العذراء”.
“لا أحد يدخُلُ بيتاً دونَ أن يُخاطب البوَّاب. فمريم العذراء هي بوَّابةُ السَّماء”.
“يا مريم التي حُبِل بها بلا خطيئة، صلِّي من أجلِنا، نحنُ المُلتجيئنَ إليكِ. يا مريم، لتُغَبِّط كلُّ الأُمم ٱسمَكِ المقدَّس، ولتُكَرِّم سائرِ المسكونَةِ وتُبارِك قلبَكِ الطَّاهِر”.
…………………

أقوال في طاعة العذراء أم الله القديس أفرام السرياني
“ما أُفسَدَتْهُ حوَّاءُ بِتَمَرُّدِها، أصلَحَتْه العذراءُ بطاعتِها”.
(القديس أفرام السرياني الشَّماس ومعلِّمُ الكينسة 306- 373)
“إِنَّ عِظامي ستَصرُخُ مِنَ القَبرِ بأَنَّ العَذراءَ هي أُمُّ الله”.
(القديس أفرام السرياني الشَّماس ومعلِّمُ الكينسة 306- 373)
…………………

أقوال في مريم العذراء للقديس برناردوس رئيس الدير ومعلِّم الكنيسة
(1090- 1153)
“إنَّ الحُبَّ الإلهي عَمَّقَ الجُرحَ في نفسِ مريم إلى درجةِ أنَّه لم يترُك جُزءًا منها غيرَ مجروحٍ بالمحبَّة، فصارت تلكَ التي تُحِبُّ من كُلِّ قلبِها وكُلِّ ذِهنِها وكلِّ قوَّتِها، وغدَت المُمتلئة نِعمة” (القديس برناردوس).
“لا يوجَد في العالمِ خليقةٌ رَفَعَها اللهُ إِلى أَعلى الدَّرَجات مثلَ مريم، والسَّبَبُ هو أنَّه لا يوجَد خليقةٌ تواضعت مِثلَها. فقد تعلَّمَت من ٱبنِها الذي قال: “تَعَلَّموا منِّي أَنا الوديعُ المُتواضُع القلب” (القديس برناردوس).
“إذا تَبِعتَ العذراءَ لا تتيه، وإذا دعوتَها لا تيأس، وإذا تأمَّلتَها لا تضِل، وإذا أَسنَدَتكَ لا تَعْثُر، وإذا حَمَتكَ لا تَخاف، وإِذا أَرشَدَتكَ لا تَتعَب، وإِذا نِلتَ لديها حُظوةً بَلَغتَ الميناء”. (القديس برناردوس).
“لنسألِ النِّعمة بشفاعةِ مريم، لأنَّها لا تسألُ شيئًا إِلاَّ نالتهُ، ولا يُمكِنُ أن تُرَدَّ فيما تطلُبُه”. (القديس برناردوس).
“مَن كانَ للعذراءِ عَبْدًا لا يُدْرِكه الهلاك” (القديس برناردوس).
“إِنْ أَنتُم ٱقتَفَيتُم أَثَرَها فَلَنْ تَضيعوا، أَو ٱستَغَثْتُم بِها فَلَنْ تَيأَسوا، أَو تأَمَّلتُم بها لَنْ تَضِلُّوا”. (القديس برناردوس 1090- 1153)
“بِعَونِها لا خوفَ عليكُم، وتَحتَ حِمايَتِها لا خَطَرَ عليكُم، وفي إِثْرِها لَنْ يُدرِكَكُم العَياء، وإِنْ هي رَضيَتْ عنكُم بَلَغْتُم ميناءَ السَّلام”. (القديس برناردوس 1090- 1153)
…………………

العذراء مريم والقديس دون بوسكو يوحنا بوسكو (1815- 1888)
“ثِقوا بمريم سيدة المَعونة وترونَ المُعجِزات”.
“تناول القربان عَامود أحد قُطبَي العالم. أمَّا الثَّاني فهو إِكرامُ مَريمَ العَذراء”.
“لنُرضي مريمَ أُمِّ المعونة. علينا أن نكرّم ٱبنها بالوسائل التالية: الإقتراب من الأسرار المقدّسة وقبول القربان ما أمكن، وإنْ لم يكن قبولَه بواسطة السرّ فبالشَّوق، والمُشارَكَةِ في القُدَّاس، وزيارة يسوع القرباني، والقيام بأعمال الرَّحمَةِ إِكرامًا ليسوع، لأنها تُرضي الرَّبّ”.
“مَن حَمى يَتيمًا بارَكَه اللهُ في حياتِه، وحَمَتْهُ مَريمُ ساعَةَ مَماتِه”.
“لو أَدركْتُم بأَهَمِّيَّةِ إِكرامِ العَذراءِ مَريمَ لَما ٱستَبدَلتُموه بِذَهَبِ العالَمِ ولَكَرَّمتُموها بِعِظَمَةٍ ودِقَّةٍ وصِدقٍ وثَبات”.
“أيُّها الشُّبَّان، يَكفيكم أَنْ تَدخُلوا دارًا سالسية حتَّى تَشمُلَكُم العَذراءُ بِحِمايَتها. ٱبتَهِلوا إِليها في الأَخطارِ وتُستجابُ صلاتَكُم”.
…………………

العذراء مريم والقديس لويس ماري غرينيون دي مونفورت (1673- 1716)

“إِنَّ خلاصَ العالَمِ ٱبتَدَأَ بِمَريم، وبِمَريمَ يَجِبُ أَنْ يَستَمِرَّ حتَّى النِّهاية”.
(القديس لويس ماري غرينيون دو مونفورت 1673- 1716)

“بقدرِ ما تَتَكَرَّسُ النَّفْسُ لِمَريمَ، بِقَدْرِ ذلِكَ، تَتَكَرَّسُ لِيَسوع”.
(القديس لويس ماري غرينيون دو مونفورت 1673- 1716)

“إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ يذهبُ إِلى النُّفوسِ الَّتي يَجِد فيها مريم”.
(القديس لويس غرينيون دي مونفورت 1673- 1716)
…………………

العذراء والبابا فرنسيس
“تُثبِتْ حياة مريم أنَّ اللهَ يتمِّم أعمالاً عظيمةً بواسطة مَنْ هُم أكثر تواضعًا”.
“ساعدينا يا مريم، أم الأحزان، على فهم مشيئة الله في أوقات الضّيقة الشديدة”.
“لنسأل العذراءَ مريم أن تساعد كلّ العائلات، وبالأخص تلك التي تعاني من البطالة”.
“العذراءُ مريم هي الممتلئة نعمة. وهي ملجأٌ أمين لنا في وقت التجربة”.
…………………

العذراء والقدّيس بِرنَاردُس (1091-1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة
عظات عن هذه كلمات من الإنجيل: “أُرسل الملاك”، الرقم 2، 17
“مريم التي ولدت يسوع وهو يُدعى المسيح”
“وٱسم العذراء مريم” (لو1: 27). يعني هذا الإسم وكما يُقال “نجمة البحر”، وهو يناسب تمامًا أمّنا العذراء. لا شيء صحيح أكثر من مقارنتها بنجمة توزّع أشعّتها بدون أن تتغيّر، كما ولدت ابنها ماكثة بتول. إنّها فعلاً “هذا الكوكب الذي خرج من يعقوب” (عد24: 17)، التي أنار بهاؤها العالم بأجمعه، الذي يضيء في السماوات ليصل إلى أعماق الجحيم… إنّها بحقّ هذه النجمة الجميلة والمتألّقة التي ارتفعت فوق البحر الشاسع متألّقة بمزاياها ومنيرةً بمثالها.
أنتم جميعًا، كائنًا مَن كنتم، أنتم الذين تشعرون اليوم بأنّكم وسط البحر، تتقاذفكم الأمواج والعاصفة بعيدًا عن اليابسة، أبقوا أعينكم على نور هذه النجمة لكي تتجنّبوا الغرق. إِن هبّت رياح التجربة، وإن شاهدت اقتراب المحنة، تطلّع نحو النجمة واستدعِ مريم! إن كانت أمواج الكبرياء والطموح والغيرة تتقاذفك، أنظر إلى النجمة واستدعِ مريم… إن كان ثقل خطاياك يثير فيك الاضطراب، إن كان ضميرك يشعرك بالعار وإن كنت مرتعبًا من الدينونة، إن كنت على وشك السقوط في هاوية الحزن واليأس، فكّر في مريم. في الخطر والقلق والشك، فكّر في مريم، إستدعِ مريم!
فليبقَ ٱسمها دائمًا على شفتيكَ وفي قلبك… فمن خلال اتّباعها، لن تعرف الضياع أبدًا؛ من خلال التضرّع إليها، لن يصيبك اليأس أبدًا؛ من خلال التفكير فيها، ستتجنّب كلّ سبيل خاطىء. إن تركتها تمسكك بيدك، لن تضيع أبدًا؛ إن تركتها تحميك، لن تخشى شيئًا؛ تحت قيادتها، لن تعرف التعب؛ تحت حمايتها، ستصل إلى المنتهى. وستفهم من خلال خبرتك كم هي محقّة هذه الكلمات: “اسم العذراء مريم”.
…………………

العذراء والقديس شربل مخلوف

“إِذا أَحبَبْتُم أَنْ تُخَلِّصوا أَنْفُسَكُم تَعَبَّدوا للعذراءِ مَريم، فهي قادِرَةٌ أَنْ تُخَلِّصَ مَن يَتَعَبَّدُ لها”. (القديس شربل 1828- 1898)
…………………

القديس توما كمبيس في قوَّةِ العذراء مريم
(1380- 1471)
فِكرَةٌ روحِيَّة
“الشياطينُ تَخافُ مِن قُوَّتِكِ يا مَريم وما إِنْ تَسمَعُ بٱسمِكِ حتَّى تَبدَأُ بالهَرَبِ كهَرَبِها مِن نارٍ آكِلَة”. (القديس توماس كمبيس 1380- 1471)
فِكرَةٌ روحِيَّة
“مَعَ مريمَ ٱبحثوا عَن يَسوع، وٱحمِلوه على ذِراعِكُم. مَعَ يسوعَ ومريمَ ٱجعلوا مَسكِنَكُم في النَّاصِرة. مَعَ مريمَ ٱذهبوا إِلى أُورشَليم. وٱمكُثوا بِقُربِ صَليبِ يَسوع، وٱدفِنوا ذَواتَكُم مَعَ يَسوع. مَعَ يَسوعَ ومريم ٱصعدوا إِلى السَّماء. معَ يسوعَ ومريمَ عيشوا وموتوا”. (القديس توماس كمبيس 1380- 1471)
…………………

القدّيس لويس مريم غرينيون المنفراتيّ (دي منفورت) الكاهن (1673- 1716)
تحتفل به الكنيسة في 28 نيسان من كُلِّ سنة
وُلِدَ لويس مريم غرينيون دو لا باشيليري في مونتفور لا كان، في 31 كانون الثاني 1673. كانت دراسته الإبتدائية تقيّة ومتينة؛ ثمّ أكملها عند اليسوعيّين في رين، حيث ذاع صيته باسم القدّيس لويس دو غونزاغ. في بداية مسيرته، أصبح هذا الكاهن الشاب مرشدًا في مستشفى بواتيه، حيث أجرى إصلاحًا سريعًا ومدهشًا في آنٍ معًا. نتيجة الإضطهادات التي أثارها الجنسينيّون، توجّه إلى روما ليضع نفسه في خدمة الإرساليّات الأجنبيّة أمام البابا، فتلقّى الأمر من الحبر الأعظم للعمل على نشر البشارة في فرنسا. منذ ذلك الحين، بدأ يتنقّل من إرسالية الى أخرى، طوال عشرة أعوام، في عدّة أبرشيّات في الغرب، حيث أجرى تغييرات جذريّة بفضل كلامه المؤثِّر، واندفاعه الكبير ومعجزاته. كما كان يغذّي حياته الروحيّة بالصلوات المتواصلة وبالرياضات الروحيّة الطويلة، ممّا جعل العذراء مريم تقوم بزيارته مرارًا وتكرارًا. بعد ستّة عشر عامًا من التبشير، فارق الحياة وهو يعظ في سان لوران سور سافر (الفانديه)، عن عمر يناهز الثالثة والأربعين سنة، تاركًا وراءه، لإكمال مسيرته، جمعيّة من المرسلين، وراهبات الحكمة، وبعض الرهبان للاهتمام بالمدارس والمعروفين اليوم في كلّ أنحاء العالم باسم رهبان القدّيس جبرائيل.
“سوفَ نَحصُلُ على كُلِّ شيءٍ بِسُهولَةٍ أَكبَر بشَفاعَةِ العَذراءِ الكُلّيَّةِ الطَّهارةِ، والَّتي وَكَلَ اللهُ إليها توزيعَ مراحِمِه. ولا شكَّ أنَّ إرَادةَ مريمَ العَذراءِ مُتطابقةٌ تَمامًا مع إرادةِ الله. فإنْ كَرَّسْنَا أَنْفُسَنا للهِ، فنَحنُ نُصبِحُ بين يدَيْها ويَدَيْ الله. فَلْنَترُكْها تقودُنا إذًا، فَلْنَترُكْها تأخُذُ بيدِنا، وَلْنَبقَ تحت قيادتِها واثِقِينَ مُطمَئِنِّين. سَتَهتَمُّ بِكُلِّ شيءٍ مِن أَجلِنا، ستُوَفِّرُ لنا كُلَّ شيءٍ، سَتُمِدُّنا بِسُرعَةٍ بكُلِّ حاجاتِ الجَسَدِ والنَّفْسِ، وستُبعِدُ عَنَّا بِنَفْسِها كُلَّ الصُّعوباتِ والشَّدائِدِ. آمين”. (القديس مكسيمليان كولبه 1894-1941)
…………………

القديس يوحنا فيانيه وقلب مريم الطَّاهِر
نُرفقُ لكم بعضُ العباراتِ والأقوالِ التي قالها القديس يوحنا ماري فيانيه – خوري آرس عن قلبِ مريمَ الطَّاهِر. ملتمسينَ نحنُ أيضاً أن نُكرِّمَها كما كرَّمها هو بالقول والفعل وبالصلوات الحارة والعميقة. فإليكم مقتطفاتٍ عن كلماتِه المُعبِّرة في علاقتِه الصَّادقة والخالِصة مع قلبِ أُمِّنا مريمَ البتولِ النقيَّة.
“إنَّ قلبَ هذه الأُمِّ الحنون كُلُّه حُبٌّ ورحمة. فهي لا ترغبُ في شيءٍ سِوى في أن ترانا سُعداء، لذلكَ يكفي الإلتجاءُ إليها لننالَ ما نحتاجُ إليه”.
“إنَّ قلبَ مريم حنونٌ للغاية، حتَّى إنَّنا إذا جمعنا كل قلوبِ الأُمَّهاتِ لوجدناها مثلَ قِطعةِ جليدٍ بالنسبةِ إلى قلب مريم الطّاهر”.
“يا لِسعادتِنا بحصولِنا على مَثَلِ مريم! فإنَّ قلبَها يطفحُ شفقةً علينا، ولا تُريدُ إلاَّ خلاصِ نفوسِنا”.
“أحبَّنا يسوعُ حتَّى ماتَ من أجلِنا، لكن في قلبِه العدلُ الذي هوَ من صِفاتِه تعالى. أمَّا قلبُ مريم فليسَ سِوى الرَّحمة… فيسوع يقولُ لأُمِّه: يا أُمَّاه لا أستطيعُ أن أرُدَّ عليكِ أمراً، فلو كان سُكَّانُ الجحيم يستطيعون أن يتوبوا لكنتِ تنالينَ خلاصَهم”.
“آهٍ، ما أحنَّ قلبَ مريم، وما أرقَّه لنا. فنحنُ لا نستطيعُ أبداً أن نفهمَ هذا الحنان وتِلكَ الرَّأفة”.
“إنَّ قلبَ العذراء القديسة هو النَّبع الذي ٱستقى اللهُ مِنه الدَّمَ الذي به فَدانا”.
…………………

من مواعظ القديس أمِيدِيوس أسقف لوزان
مَلِكَةُ العالَمِ ومَلِكَةُ السَّلام
أُنظُرْ وتَأَمَّلْ: إِنَّه أَمرٌ طَبيعِيٌّ أَنْ يُمَجَّدَ ٱسمُ مَريمَ العَجيبُ في كُلِّ الأَرضِ، حتّى قَبلَ ٱنتقالِها إِلى السَّماءِ، وأَنْ يَنْتَشِرَ صيتُها وإِكرامُها في كُلِّ مَكانٍ قَبلَ أَنْ تَرتَفِعَ عَظَمَتُها فَوقَ السَّماواتِ. كانَ يَليقُ بالبَتولِ الوالِدَةِ، وبِكَرامَةِ مَن وَلَدَتْه، أَنْ تَمْلِكَ أَوَّلاً على الأَرضِ ثُمَّ تُستَقبَلُ بَعدَ ذلِكَ بالمَجدِ في السَّماءِ. كانَ يَليقُ بِها أَنْ تَسمُوَ وتَرتَفِعَ في الدُّنيا، فَتَدْخُلَ الأَعاليَ بِمِلءِ القَداسَةِ. وكما نَقَلَها روحُ الرَّبِّ مِن فَضيلَةٍ إِلى فَضيلَةٍ، كذلِكَ رَفَعَها مِن كَرامَةٍ إِلى كَرامَةٍ.
لَمَّا كانَتْ على الأرضِ في الجَسَدِ كانَتْ تَتَذَوَّقُ بواكيرَ المَلكوتِ الآتي، سِواءٌ ٱرتفعَتْ إِلى سُمُوِّ اللهِ غيرِ المُدرَكِ، أَو تَنازَلَتْ وعَطَفَتْ على القَريبِ بِمَحَبَّةٍ لا تَفوقُها مَحَبَّةٌ. سامِيَةٌ بَينَ تَسابيحِ المَلائِكَةِ، ومُكَرَّمَةٌ بَينَ جَماهيرِ النَّاسِ. خَدَمَها جِبرائيلُ مَعَ جَوقاتِ المَلائِكَةِ، وفَرِحَ بِها وخَدَمَها يوحنا مَعَ الرُّسُلِ لَمَّا وُكِلَتْ إِليه أُمًّا بَتولاً عِندَ الصَّليبِ. هؤلاءِ فَرِحوا بِها مَلِكَةً، وهؤلاءِ ٱبتَهَجوا بِها سَيِّدةً، وكِلاهُما أَحاطوها بِمَشاعِرِ التَّقوى والإِكرام.
ٱستَقَرَّتْ في قَلعَةِ الفَضائِلِ الرَّفيعَةِ، وفاضَتْ بِبَحرِ المَواهِبِ الإِلهِيَّةِ، فَغَمَرَتِ الشَّعْبَ المُؤمِنَ والظَّمآنَ بِغَمْرِ النِّعَمِ الَّتي سَمَتْ بِها فَوقَ الجَميعِ. فَمَنَحَتْ العافِيَةَ للأَجسادِ والعِلاجَ للنُّفوسِ، في قُدْرَتِها على إِقامَةِ الجَسَدِ والنَّفْسِ مِنَ المَوتِ. مَن رَجِعَ مِن عِندِها وظَلَّ مَريضًا أَو حَزينًا أَو جاهِلاً لأَسرارِ السَّماءِ؟ مَن ٱلتَجَأَ إِلى والِدَةِ الإِلهِ وسَأَلَها كُلَّ ما شاءَ ولَمْ يَرْجِعْ إِلى شُؤونِه فَرِحًا مُبْتَهِجًا؟
عروسٌ فائِضَةٌ بِكُلِّ النِّعَمِ والخَيراتِ، وَالِدَةُ العَروسِ الأَوحَدِ، عَذْبَةٌ وعَزيزَةٌ في مَسَرَّاتِها، عَروسُ حَدائِقِ الرُّوحِ، وبِئرُ المياهِ الحَيَّةِ والمُحيِيَةِ المُتَدَفِّقَةِ سيلاً جارِفًا مِن جَبَلِ لُبنانِ الإِلهِيِّ ومِن جَبَلِ صِهيونَ، إِلى جَميعِ الشُّعوبِ المُحيطَةِ والبَعيدَةِ. تَتَدَفَّقُ مِن عِندِ اللهِ وتَسيلُ إِليها أَنهارُ السَّلامِ وفَيضُ النِّعَمِ. ولهذا لَمَّا أَحْضَرَ اللهُ وٱبنُه الوَحيدُ مَلِكُ المُلوكِ عَذراءَ العَذارى، فَتَهَلَّلَ المَلائِكَةُ وٱبْتَهَجَ رؤساءُ المَلائِكَةِ، تَمَّتْ نَبوءَةُ صاحِبِ المَزاميرِ القائِلِ للرَّبِّ: “قامَتْ مَلِكَةٌ عَن يَمينِكَ مُوَشَّاةً بالذَّهَبِ مُحاطَةً بِكَرائِمِها” (مزمور 44: 10).
…………………

أُمومة مريم العذراء في كتابات القديس يوحنا فيانيه
“إنَّ العذراءَ القدِّيسة هي بين ٱبنِها وبيننا، فبقدرِ ما نكونُ خطأة بقدرِ ذلك تكونُ شفيقةً علينا ورئيفةً بِنا. إنَّ الولدَ الذي يُكلِّفُ أُمَّه أحزاناً ومشقاتٍ أكثر من إخوتِه يكونُ أحبُّ إليها.. أولا تركضُ الأُمُّ لاحتضانِ الولدِ الأضعف من جميعِ أولادِها؟ أولا تسهرُ على الأكثرِ منهُم عُرضةً للأخطارِ؟ والطَّبيبُ في المستشفى ألا يعتني بالمريضِ الأكثرِ خطراً؟”.
“متى أردنا أن نُقدِّم شيئاً لأحدِ عِظام الرِّجال نُقدّمُه له بواسطةِ الشَّخصِ الأكثرِ قَبولاً لديه. هكذا إذا قدَّمنا صلواتِنا بواسطةِ العذراءِ القدِّيسة تكونُ مقبولَةً دائِماً، لأنَّ هذه السَّيِّدة المحبوبة هي الخليقةُ الوحيدة التي لم تُغظ اللهَ أبداً. فكلُّ ما يطلُبُه الإبن يُعطيه الآب، كذلِكَ كُلُّ ما تطلُبُه مريم يُعطيه الإبن”.
“أنا أظُنُّ أنَّ مريمَ العذراء لا ترتاح إلاَّ في آخر العالم. أمَّا ما دام هذا العالم موجوداً فلا يزالُ الجميعُ يُزعِجونها. إنَّ العذراءَ هي كأُمٍّ لها أولاد كثيرون فهي دائِماً مهتمَّةٌ بهذا وذاك”.
“إنَّ العذراءَ القدِّيسة ولَدَتنا مرَّتين: أوَّلاً في سِرِّ التَّجَسُّد وثانياً تحتَ الصَّليب. فهي إذاً أُمُّنا مرَّتين”.
“يُشبِّهونَ مريمَ العذراء غالباً بأُمٍّ، لكنَّها أحَنُّ من جميع الأُمَّهاتِ، لأنَّ أحَنَّ أُمٍّ على الأرض تُعاقِبُ ولَدَها الذي يُحزينُها بل تضرِبُه معتقدةً أنَّها حسناً تصنع. أمَّا مريمُ العذراء فلا تصنعُ هكذا بل هي حنونٌ، تُعامِلُنا دائِماً بمحبَّةٍ دونَ أن تُعاقِبَنا أبداً”.

“حتى في السَّماء لا تستطيعُ العذراءَ أن تَنعَمَ بالسَّلام، لأنَّها كالأُمِّ التي لها أولادٌ خارجَ البيت وتَنتَظِرُ عودتَهم. ستنتَهي همومُ مريم فقط في آخِرِ الأزمنة عندما يدخلُ آخرَ ٱبنٍ لها بيتَ الآب، حينئذٍ ستفرَحُ بالفردوس وهي محاطةٌ بجميعِ أبنائِها”.
كان الكاهن القديس يُذَكِّرِ المؤمنين دوماً بأنَّ “يسوعَ المسيح الذي أعطانا كُلَّ ما يستطيع إعطاءُنا إيَّاه يُريدُنا أيضاً أن نَرِثَ أثمنَ ما يملُك أي أُمَّه القدِّيسة”.
…………………

تَوَسُّلٌ لِوالِدَةِ الإِلهِ للقديسِ غريغوريوسَ بالاماس (1) (1296- 1359)
يا والدَةَ الإِلهِ، السَّيِّدَةَ فائِقَةَ القَداسَةِ، يا مَن وَلَدْتِ اللهَ الكلمَةَ بالجَسَدِ، أَعْرِفُ جيِّدًا أَنِّي لَستُ مُستَحِقًّا ولا يَليقُ بي أَنا الكثيرُ الشَّقاوَةُ، أَنْ أَنْظُرَ إلى أَيقونَتِكِ يا مَن أنتِ نَقيَّةٌ ودائِمةُ البَتوليَّةِ وجسدُكِ ونَفْسُكِ نقيَّان ولا يَشوبُهما عَيب، ولا أَنْ أُحَدِّقَ بِكِ بِعَينيَّ الخاطِئَتَين، أَو أَن أُقبِّلَكِ بِشَفَتَيَّ الرَّجِسَتَين غِيرالطَّاهِرَتَين ولا حتَّى أْن أَتَرَجَّاك. لأَنَّه واجبٌ وحقٌّ أَن تَمْقُتيني وتَرْذُليني أنا الضَّال. ولكنَّ اللهَ الكلمَةَ الَّذي وَلَدْتِهِ صارَ إِنسانًا لكي يدعوَ الخاطئينَ إِلى التَّوبَة، فأَتَشَجَّعُ أَنا أَيضًا لأَقِفَ أَمامَكِ وأَتَرَجَّاكِ والدُّموعُ في عينيَّ.
…………………

تَوَسُّلٌ لِوالِدَةِ الإِلهِ للقديسِ غريغوريوسَ بالاماس (2)
(1296- 1359)

يا سيِّدتي فائِقَةَ القَداسَةِ، إِقبَلي هنا ٱعترافَ خطايايَ الكَثيرةِ والمُرعِبة، وٱنقليهِ إِلى ٱبنِكِ الوَحيدِ وإِلهِكِ، وٱبتهلي إِليه لكي يُسامِحَ نَفْسيَ الشَّقيَّةَ البائِسَة. وبِما أَنَّ كثرَةَ خطايايَ تُعيقُني أْنْ أُواجِهَهُ وأَطلُبَ إِليهِ المُسامَحةَ، لذلِكَ جِئتُ إِليكِ أَرجوكِ أْنْ تتوسَّطي وتَتَضَرَّعي لأَجلي. وعلى الرَّغمِ من أَنِّي تَمَتَّعتُ بعطايا كثيرةٍ أَغدَقَها عليَّ اللهُ الَّذي خلَقني، إِلاَّ أَنِّي فَقَدْتُها كُلَّها وَغَدَوتُ أَنا الشَّقيُّ عَديمُ النَّفِعِ بالكُلِّيَّةِ وٱنْضَمَمتُ إِلى قطيِع البَهائِمِ الَّتي لا عَقْلَ لها وصِرتُ واحِدًا معَها. فٱفْتَقَرْتُ من الفَضائِلِ وٱغْتَنَيتُ بالأَهواء، وصِرتُ أَخجلُ حينما أَتَجَرَّأُ وأَحْضُرُ أَمامَ اللهِ مَلومًا مِنهُ ومُحْزِنًا الملائِكة، تُعَيِّرُني الشَّياطينُ ويَكْرَهُني البَشَرُ ويُبَكِّتُني ضَميري وأَخجلُ دائِمًا مِن أَعماَلي الشِّرِّيرة، وكِدْتُ أْنْ أَصيرَ مَيتًا قَبْلَ أْنْ أَموت، وأَشْعُرُ أَنِّي مُدانٌ مِن نَفْسي، بِحَقٍّ، ومِن قِبَلِ الدَّينونةِ الأَخيرة. وحتَّى مِن قِبَلِ الجَحيِم الأَبديَّة، أَنا أُعاقِبُ ذاتي، مُصابًا باليَأْس. لذلِكَ أَلجأُ إِلى مَعونَتِكِ الوَحيدة، أَيَّتُها السَّيِّدَةُ فائِقَةُ القَداسَةِ، أَنا المَدينُ بالكثِيرِ مِن المواهِبِ، والضَّال، الَّذي صَرَفْتُ كُلَّ ثَرْوتي الأَبويَّةِ مع الزَّواني، أَنا الَّذي فُقْتُ الزَّانِيَةَ المَذكورَة في الإِنجيلِ بالخطايا، وتَعَدَّيْتُ أَكثَرَ مِن مَنَسَّى، وصِرتُ عَديمَ الشَّفَقةِ أَكثَرَ مِن غَنِيِّ المَثَلِ الإِنجيليِّ، أَنا العَبدُ الطَّمَّاعُ الَّذي لا يَشْبَع، والوِعاءُ النَّتِنُ للأَفكاِر الشِّرِّيرةِ، وحارِسُ كَنْزِ الأَقوالِ البَذيئَةِ والمُقْرِفَةِ، وأَخيرًا، صِرْتُ غَريبًا مِن كُلِّ صَلاحٍ وعَمَلٍ فاضِل.
…………………

تَوَسُّلٌ لِوالِدَةِ الإِلهِ للقديسِ غريغوريوسَ بالاماس (3)
(1296- 1359)

يا سيِّدتي فائِقَةَ القَداسَةِ، إِصْنَعي رَحمةً مع حقارَتي، وأَشفِقي على مَرضي، يا مَن تُؤثِّرينَ كثيرًا على ذاك الَّذي وَلَدْتِه. لا أَحَدَ غَيرَكِ يَستطيعُ أَنْ يَفعَل ما تَستطعينَ فِعَلَه، كَوْنَكِ أُمَّ الله. تَستَطعينَ كُلَّ شيءٍ، لأَنَّك تَسْمينَ على كُلِّ مَخلوقاتِ الله، وليسَ مِن شيءٍ يَصعُبُ عَليكِ. يَكفي فَقط أَنْ تُريدي، فلا تَشيحي إِذًا نَظَرَكِ عن دموعي وتَزدري بِتَنَهُداتي. لا تَصْرِفي نَظَرَكِ عِن وجِع قلبي، ولا تُخَيِّبي رجائي الَّذي وَضَعْتُه عَليكِ. ولكن بطلباتِك الوَالِديَّة، الَّتي تَضْطَرُّ صلاحَ ٱبنِكِ وإِلهِكِ الَّذي لا أحَدَ يُجْبِرُه، أَهِّليني أَنا عَبدُكِ الشَّقيُّ وغَيرُ المُستَحِقِّ، أَنْ أَستَعيدَ البَهاءَ الأَوَّلَ الَّذي وَهَبَني إِيَّاهُ الله، وأَخْلَعَ عَنِّي شَناعَةَ الأَهواء، حتَّى أَتَحَرَّرَ مِن الخَطيئةِ وأَخْضَعَ للبِرِّ، وأَنْتَزِعَ نَجاسَةَ شَهَواتي الجَسَدِيَّةِ وأَلبَسَ قَداسَةَ النَّفْسِ ونَقاوَتَها، فأَموتَ عن العاِلَمِ لكي أَحيا في الفَضيلة.
…………………

تَوَسُّلٌ لِوالِدَةِ الإِلهِ للقديسِ غريغوريوسَ بالاماس (4)
(1296- 1359)

أَتَوَسَّلُ إِليكِ أَيَّتُها السَّيِّدَةُ فَائِقَةُ القَداسَةِ، عِندَما أَسيرُ كوني مُرافِقَتي، وعِندَما أُسافِرُ في البَحْرِ سافِري معي، وعِندَما أَسْهَرُ للصَّلاةِ قَوِّيني. عِندَما أَحْزَنُ عَزِّيني، وحينما أَفْقِدُ شجاعَتي أُعْضُديني. عِندَما أَمْرَضُ هَبي لِيَ الشِّفاء، وعِندَما أُظْلَمُ حَلِّي مَرارتي، وعِندما يوشى بي أبْريئيني، وعِندَما أَتَعَرَّضُ لِخَطَرِ الموتِ أَسرعي وخَلِّصيني، وعِندَما يُحيطُ بي أَعدائي غَيرُ المَنظورينَ كُلَّ يَومٍ، أَظْهِريني لهم رهيبًا وقَوِيًّا، لكي يَعْرِفوا جَميعَهم، كم يُعذِّبونني ظُلْمْا، أَنا العَبدُ المُؤمِن.
…………………

تَوَسُّلٌ لِوالِدَةِ الإِلهِ للقديسِ غريغوريوسَ بالاماس (5)
(1296- 1359)

نَعَم، أَيَّتُها السَّيِّدةُ فَائِقَةُ القَداسَةِ كُلِّيَّةُ الصَّلاحِ، إِستَمِعي تَضَرُّعي المُتواضِعَ ولا تَسمَحي أَنْ يَخيبَ رَجائي، يا مَن أَنتِ، بعدَ اللهِ، رَجاءُ البَشَرِ في كُلِّ أَقْطارِ الأَرض. أَطْفِئي نارَ أَهوائي الجَسَدِيَّة، هَدِّئي العَواصِفَ العاتِيَةَ الَّتي تَعْصِفُ في نَفْسي، حُلِّي مَرارَةَ غَضبي، وٱنْزِعي مِن ذِهْني الكِبرِياءَ وتَباهي المَجْدِ الفارِغِ، وٱمْحي مِن قَلبي التَّخيُّلاتِ اللَّيليَّةَ الَّتي تَضَعُها الأَرواحُ الشِّرِّيرةُ، والهَجماتِ الحاصِلَة في النَّهارِ مِن جَرَّاء الأَفكارِ الدَّنِسة، لَقِّني لِساني أْنْ يَلْهَجَ بِكُلِّ أَمْرٍ يُساعِدُ في نُمُوِّ حياتي الرُّوحِيَّة، وعَلِّمي عَينَيَّ أَنْ تَنْظُرا بٱستِقامَةٍ طَريقَ الفَضيلةِ القَويمَةِ، وٱجعلي قَدَمَيَّ تَرْكُضانِ مِن دونِ عَوائِقَ على طَريقِ الوَصايا الإِلهيَّةِ المَغبوطَةِ وقَدِّسي يَدَيَّ لأَسْتَحِقَّ أْنْ أَرفَعَهُما كي أَتَضَرَّعَ إِلى المَسيحِ، وطَهِّري فَمي، حَتَّى يَملِكَ الشَّجاعَةَ فيُصلِّي إِلى الآبِ، اللهِ الرَّهيِبِ والكُلِّيِّ القَداسَة. إِفْتَحي أُذُنيَّ لأَسْمَعَ، بِكُلِّ أَحاسيسي وذِهْني، أَقوالَ الكُتُبِ المُقَدَّسَةِ الأَحلى مِن العَسَلِ بِشَهْدِه، وأْنْ أَعيشَ بِحَسَبِ تَعاليمِها مُتَقَوِّيًا مِن نِعْمَتِكِ.
…………………
تَوَسُّلٌ لِوالِدَةِ الإِلهِ للقديسِ غريغوريوسَ بالاماس (6)
(1296- 1359)

أَعْطيني، يا سَيِّدتي فَائِقَةَ القَداسَةِ زمانًا للتَّوبَةِ، وفِكْرَ رجوعٍ إِلى بَيتِ أَبي. أُحْرُسيني وحَرِّريني مِن المَوتِ المُفاجِئْ، وخلِّصيني مِن حُكْمِ ضَميري. وأَخيرًا، أَرجوكِ أَنْ تكوني مُعينَتي حينَ ٱنْفِصالِ النَّفْسِ مِن جَسَدي الشَّقيِّ، مُخَفِّفَةً ذاكَ الغَضبَ الشَّديدَ الَّذي لا يُحتَمَلْ، ومُلَطِّفَةً الأَلَمَ الَّذي لا يُعَبَّرُ عَنه، ومُعَزِّيَةً قُنوطي الَّذي لا يوصَف، ومُخَلِّصَةً إِيَّايَ مِن رُؤيَةِ مَنْظَرِ الشَّياطِينِ المُظلِمينَ المُخيفَة، ومُنْقِذَةً إِيَّايَ مِنَ الفَخِّ الَّذي نَصبَهُ لِي جُنودُ الهَواءِ وسَلاطينُ الظَّلامِ، ومَزِّقي مَخطوطاتِ خطايايَ الكَثيرة، وصالِحيني معَ اللهِ، وٱجعليني مُسْتَحِقًّا، عِندَما تَأْتي ساعَةُ الحِسابِ الرَّهيبِ، أْنْ أَقِفَ عَن مَيامِنِه وأَرِثَ الصَّالِحاتِ الطَّاهِرَةِ والأَبَديَّةِ.
…………………

تَوَسُّلٌ لِوالِدَةِ الإِلهِ للقديسِ غريغوريوسَ بالاماس (7)
(1296- 1359)

أَعْتَرِفُ بِهذا كُلِّه لَكِ أَيَّتُها السَّيِّدَةُ فَائِقَةُ القَداسَةِ، والِدَةُ الله، يا نورَ عَينَيَّ المُظْلِمَتَين، وعَزاءَ نَفْسي ورَجائي، بَعْدَ اللهِ، وحِمايتي. فٱقْبَلي ٱعتِرافي أَيَّتُها العَذراءُ فَائِقَةُ القَداسَةِ ونَقِّيني مِن كُلِّ أَدْناسِ الجَسَدِ والرُّوحِ. وأَهِّليني في هذِه الحَياةِ الحاضِرَةِ أْنْ أَتناوَلَ بِلا دَينونَةٍ جَسَدَ ٱبْنِكِ وإِلهِكِ ودَمَهُ الطَّاهِرَينِ وكُلِّيَي القَداسَةِ، وأَمَّا في الحَياةِ الأَبَدَيَّةِ أَعْطيني أْنْ يَكونَ لِيَ حَظٌّ في العَشاءِ الفِردَوسيِّ الأَجمَل، حَيثُ توجَدُ السُّكْنى الوَحيدةُ للَّذينَ يَتَمَتَّعونَ بِفَرَحِ السَّيِّد. وعِندَما أَحصلُ، أَنا غَيرُ المُسْتَحِقّ، على كُلِّ هذِه الصَّالِحاتِ، أُمَجِّدُ ٱسمَ ٱبْنِكِ وإِلهِكِ كُلِّيِّ الشَّرَفِ والإِكرامِ إِلى دَهْرِ الدَّاهِرين، وهوَ يَقْبَلُ كُلَّ التَّائِبينَ بِصِدْقٍ، مِن أَجلِكِ، يا مَن صِرتِ وَسيطًةً وكَفيلَةَ كُلِّ الخَطايا. فإِنَّكِ بِمَعونَتِكِ الخاصَّةِ أَيَّتُها السَّيِّدةُ فَائِقَةُ الصَّلاِحِ ودائِمَةُ الذِّكْرِ تَقودِينَ إِلى الخَلاصِ الجِنْسَ البَشَرِيَّ، الَّذي يُسَبِّحُ ويُبارِكُ دَومًا، الآبَ والإِبنَ والرُّوحَ القُدُسَ، الثَّالوثَ فائِقَ القَداسَةِ، الوَاحِدَ في الجَوهَرِ، الآنَ وكُلَّ آنٍ وإِلى دَهْرِ الدَّاهِرينَ، آمين.
…………………
حَمَلَتْه في روحِها أَوَّلاً قَبلَ جَسَدِها القديس لاون الكبير البابا (461†)
(العظة الأولى في ميلاد الرب، 2 و3: PL 54، 191- 192)
حَمَلَتْه في روحِها أَوَّلاً قَبلَ جَسَدِها
ٱختارَ اللهُ بَتولاً مِن نَسلِ داودَ المَلك، لِتَحمِلَ وتَلِدَ ٱبنًا إِلهًا وإِنسانًا، فَحَمَلَتْه في روحِها أَوَّلاً قَبلَ جَسَدِها. ولأنَّها كانَتْ تَجهَلُ التَّدبيرَ الإِلهِيَّ وحتَّى لا تَخافَ مِنَ الأُمورِ الخارِقَةِ الَّتي سَتَتِمُّ فيها، عَلِمَتْ من كَلامِ المَلاكِ ما سَيَتِمُّ فيها بالرُّوحِ القُدُسِ. وآمنَتْ أَنَّ طَهارَتَها ستَبقى بِتَمامِها إِذا ما غَدَتْ والِدَةَ الإِله. ولماذا تَضطَرِبُ وتَخافُ من هذا الجديدِ في الحَمْلِ، فقد وُعِدَتْ بأَنَّ الأمرَ سَيَتِمُّ بِقُوَّةِ العَليِّ. وثَبَّتَ اللهُ إِيمانَها بِشَهادَةِ أُعجوبةٍ سابِقةٍ، فأَليصاباتُ أَصبحَتْ حامِلاً على غيرِ رجاءٍ: فالَّذي وَهَبَ الحَمْلَ للعاقِرِ لا شَكَّ أَنَّه قادِرٌ أَنْ يَهَبَه للبتولِ.
فكَلِمَةُ اللهِ، اللهُ وٱبنُ الله الَّذي كانَ “منذُ البدءِ لدى الله، والَّذي به كُلُّ شيءٍ كُوِّنَ، والَّذي بدونِه لَمْ يُكوَّنْ شيءٌ ممّا كُوِّن” (يوحنا 1: 3) صارَ إِنسانًا لِيُنَجِّيَ الإِنسانَ من المَوتِ الأَبَديِّ. ولمَّا تنازلَ فٱتخذَ تَواضُعَنا مِن غيرِ أَنْ يَلحَقَ نَقصٌ بجلالِه، بَقِيَ على ما كان، وٱتخَذَ ما لَمْ يكُنْه، فأَضافَ حَقًّا صُورَةَ العَبدِ إِلى صورَتِه، الَّتي هو بِها مُساوٍ للآب، وجَمَعَ بَينَهُما. جَمَعَ بينَ الطَّبيعتَيْنِ بِحيثُ إِنَّ مَجدَ الطَّبيعةِ العُليا لم يُزِلْ الطَّبيعَةَ الدُّنيا، ولا بٱتخاذِه الدُّنيا أَحدَثَ نَقصًا في العُليَا.
فَمَعَ الإِحتفاظِ بخاصِّيَةِ كُلٍّ مِنَ الجوهرَيْن، ومَعَ الجَمْعِ بَينَهُما في شخصٍ واحدٍ، ٱتخَذَ جلالُه تَواضُعَنا، وقُدرَتُه ضُعفَنا، وجَذَبَتْ الأَبَدِيَّةُ مَن كانَ قابلاً للموتِ. وليؤدَّى دَينُ طَبيعَتِنا، ٱتحدَتِ الطَّبيعَةُ الَّتي لا تَتَبَدَّلُ بالطَّبيعةِ المُتَبَدِّلةِ، إِلهًا حَقًّا وإِنسانًا حَقًّا في الرَّبِّ الواحِدِ. ولِيَتِمَّ الشِّفاءُ بِحَسَبِ ما يُلائِمُ طَبيعتَنا، ٱستطاعَ اللهُ الواحِدُ نَفْسُه، “الوَسِيطُ بَينَ اللهِ والنَّاس” (1 طيموتاوس 2: 5)، أَنْ يَموتَ بِحَسَبِ الطَّبيعَةِ الإِنسانِيَّةِ وأَنْ يَقومَ مِنَ المَوتِ بِحَسَبِ الطَّبيعَةِ الإِلهِيَّةِ. فميلادُ الخلاصِ حَقًّا لَمْ يُسبِّبْ أَيَّ مَساسٍ بالكَمالِ البَتولِيِّ، بَلْ إِنَّ وِلادَةَ الحَقِّ سُبحانَه كانَ حافِظًا لِتَمامِ البَتولِيَّةِ.
هذِه هي الوِلادَةُ الَّتي كانَتْ تَليقُ بالمَسيحِ، “قُدرَةِ اللهِ وحِكمَةِ الله” (1 قورنتس 1: 24)، بِها تَساوَى مَعَ طَبيعَتِنا الإِنسانِيَّةِ مَعَ بَقائِهِ مُتَمَيِّزًا بِطَبيعَتِه الإِلهِيَّةِ. لو لَمْ يَكُنْ إِلهًا حَقًّا لمَا أَتى بالعِلاجِ، ولو لَمْ يَكُنْ إِنسانًا حَقًّا لمَا كانَ لنا مِثالاً.
لهذا تَرَنَّمَ المَلائِكَةُ مُتَهَلِّلينَ بوِلادَةِ الرَّبِّ وأَنشدوا: “المَجدُ للهِ فِي العُلَى”، وبَشَّروا “بالسَّلامِ في الأَرضِ لِلنَّاسِ أَهلِ رِضَاهُ” (لوقا 2: 14). فقد رأَوْا أَنَّ أُورشليمَ السَّماوِيَّةَ تَتَكَوَّنُ مِن جَميعِ شُعوبِ العالَم. وكَم يَجِبُ أَنْ يَفْرَحَ الإِنسانُ في تَواضُعِه بِعَمَلِ حُبِّ اللهِ الَّذي لا يُوصَفُ كما تَهَلَّلَ وفَرِحَ المَلائِكَةُ في العُلى؟
…………………

“سوفَ نَحصُلُ على هذا كُلِّه بِسُهولَةٍ أَكبَرَ بِشفاعَةِ العَذراءِ الكُلّيَّةِ الطَّهارَةِ، والَّتي وَكَلَ اللهُ إِليها توزيعَ مراحِمِه. ولا شَكَّ أَنَّ إرَادَةَ مَريمَ العَذراءِ مُتَطابِقَةٌ تَمامًا مع إِرادَةِ الله. فإِنْ كَرَّسْنَا أَنْفُسَنا للهِ، فَنَحنُ نُصبِحُ بينَ يدَيْها ويَدَيْ الله. فَلْنَترُكْها تَقودُنا إِذًا، فَلْنَترُكْها تأخُذُ بيدِنا، وَلْنَبقَ تَحتَ قيادتِها واثِقِين مُطمَئِنِّين. ستَهْتَمُّ بِكُلِّ شَيءٍ مِن أَجلِنا، سَتُوَفِّرُ لنا كُلَّ شيءٍ، سَتُمِدُّنا بِسُرعَةٍ بِكُلِّ حاجاتِ الجَسَدِ والنَّفْسِ، وسَتُبْعِدُ عَنَّا بِنَفْسِها كُلَّ الصُّعوباتِ والشَّدائِد”. (القديس مكسيمليان كولبه 1894-1941)
…………………

شفاعةُ العذراءِ والقديسينَ في كتابات هيرونيموس نادال
(1507- 1580)
“إِنَّ شفاعَةَ العذراءِ مريمَ تُساعِدُ مُساعَدَةً قديرَةً عجيبَةً على طَلَبِ المواهِبِ والنِّعَمِ على ٱختِلافِها. فالعذراءُ القِدِّيسَةُ تنالُ لنا، من ناحِيَةٍ أُخرى، ثِقَةً كبيرَةً باللهِ”.
“كانَ أَحَدُهُم يسألُ العذراءَ مريمَ ما يَحْسُنُ عَمَلُهُ لِيُرضِيَ الله. فَهِمَ أَنَّ عليه أَنْ يَتَأَلَّمَ من أَجلِ المَسيح وأَنْ يُصبِحَ مِثالاً للمَسيح، فأَخَذَ حينذاك يَتَذَوَّقُ حياةَ المَسيحِ وأَعمالِه”.
“إِنَّ شفاعَةَ القديسِ بولُسَ تملأُ نُفوسَنا حَرارَةً وتَرْفَعُ عُقولَنا. أَمَّا شفاعَةُ القديسِ بُطرسَ فإِنَّها تُؤمِّنُ ٱنتِظامَ الحياةِ الرُّوحيَّةِ والثَّباتَ على بابِ الله. وشفاعَةُ الملاكِ الحارسِ أو الملاكُ حامي الرَّهبانِيَّةِ تُوَلِّدُ الميلَ إِلى توفيرِ خلاصِ القريبِ والبحث، دونَ إِهمالِ هذا الخلاص أَو وضْعِه جانِبًا، عن النِّعَمِ الَّتي تأتي بوساطةِ المُشاهَدَة”.
“إِنَّنا نُكَرِّمُ القدِّيسينَ ونَتَوَسَّلُ إِليهِم لكي يَشْفَعوا فينا أَمامَ الله. كَرّشم القِدِّيسينَ، إِمْتَدِحْهُم ومَجِّدْهُم. وبَعْدَ ذلِكَ، صَلِّ إِليهِم لِيَتَشَفَّعوا فيكَ”.
“إِنَّ جميعَ القِدِّيسينَ نالوا الخَلاصَ بِنِعْمَةِ المَسيحِ. في أَمْرِ تَعاوُنِ القِدِّيسينَ معَ النِّعْمَةِ، نالَ أَحَدُهُم ما هو شَبيهٌ بالنُّورِ السَّاطِعِ وما هو شَبيهٌ بٱختِبارٍ، ولكن في النِّعْمَةِ وبالنِّعْمَة. فما نَمْتَدِحْه وما نُكَرِّمْهُ عِندَ القِدِّيسينَ هو عطايا اللهِ الرَّائِعَةِ فيهِم”.
…………………

القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920-2005)، بابا روما
الرّسالة العامّة “الغنيُّ بالمراحم (Dives in Misericordia)”، العدد 9
“وَرحمَتَه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلذَّينَ يَتَقّونَه”
“بِمَراحِمِ الرَّبِّ لِلأبدِ أَتَغنَى وإِلى جيلٍ فجيلٍ أُعلِنُ بفَمي أَمانَتَكَ” (مز 89[88]: 2). في هذا النشيد الفصحي الذي تنشده الكنيسة يترددّ صدى العبارات الّتي قالتها العذراء لدى زيارتها إليصابات، بما فيها من ملء المعاني نبوية: “إنّ رَحمَتَه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلذَّينَ يَتَقّونَه”. وتأتي هذه العبارات، منذ لحظة التجسد، برؤية جديدة لتاريخ الخلاص. وبعد قيامة الرّب يسوع المسيح، أصبحت هذه الرّؤية الجديدة تاريخيّة واكتسبت طابعًا أخرويًا. ومنذ ذلك الحين، تتعاقب أجيال الناس وتتزايد في العائلة البشرية الكبرى، وتتبعها كذلك أجيال جديدة من شعب الله المطبوع بطابع الصليب والقيامة “والموسوم بوسم” سرّ المسيح الفصحي، أعني سرّ تجلّي هذه الرحمة التي نادت بها مريم على عتبة بيت نسيبتها قائلة: “إنّ رَحمَتَه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلذَّينَ يَتَقّونَه “…
مريم هي إذًا تلك التي عرفت معرفة عميقة سرّ الرحمة الإلهية، وعرفت أيضًا ما له من ثمن وأدركت كم هو عظيم. وإنّا، بهذا المعنى، ندعوها أم الرّحمة وسيدة الرّحمة أو أم الرّحمة الإلهية… وهي قادرة أن تكتشف أولًا من خلال ما جرى لإسرائيل من أحداث معقّدة ثم من خلال الأحداث التي تتأتّى لكلّ من الناس ولكلّ الناس تلك الرحمة الّتي اشترك فيها الجميع “جيل إلى جيل”، وفقًا لقصد الثالوث الأقدس منذ الأزل.
كأمٍّ المصلوب وأمٍّ القائم من الموت، …”تستحق” – بعد أن خبرت الرحمة بطريقة خارقة – هذه الرحمة بالقدر عينه طوال حياتها على الأرض، ولا سيما، عندما كانت على أقدام صليب ابنها، … وباشتراكها بمهمّة ابنها المسيحانيّة اشتراكًا خفيًّا لا مثيل له، لكي تحمل إلى الناس هذه المحبّة التي جاء ابنها يعلنها: هذه المحبّة الّتي تجد خير تعبير لها في العناية بالمتألّمين والفقراء والأسرى والعميان والمظلومين والخطأة، على ما قال الرّب يسوع المسيح (لو 4: 18 و7: 22)
…………………

في بتولية مريم القديس برناردس رئيس الدير ومعلم الكنيسة (1090- 1153) في تسابيح مريم العذراء
(العظة الثانية، 1-2و4: مجموعة المؤلفات، طبعة الرهبان الكرتوزيين، 1966، 4، 21-23)
أعدَّها العليُّ، وأشارَ إليها الآباء، ووَعدَ بها الأنبياء
مِثلُ هذه الولادةِ تَليقُ بالإلَهِ، أَلاَّ يُولدَ إِلاَّ من بتول. ومثلُ هذه الولادةِ تَلِيقُ بالبتول، أَلاَّ تلدَ إِلاَّ الإلَهَ. ولهذا فإنَّ خالقَ الإنسانِ الذي أَرادَ أن يُولدَ من إنسانٍ ليكونَ إنسانًا، كانَ يجبُ أن يختارَ لنفسِه من بينِ بني البشرِ ٱمرأةً، بل أن يخلِقَ له أُمًّا، سبقَ وعرفَ أنَّها تليقُ به، وسبقَ وعلمَ أنَّها تُرضِيه.
أرادَ أن تكونَ بتولاً. فهو الطاهِرُ من كلِّ خطيئةٍ (عبر 4: 15)، والذي سيُطَهِّرُ الجميعَ من الخطايا، يولدُ من الطاهرةِ من كلِّ خطيئة.
أرادَ أن تكونَ متواضعةً ليُولَدَ منها هو الوديعُ المتواضعُ القلب (متى 11: 29)، وليُقَدِّمَ للجميعِ في ذاتِه هذا المثالَ الخلاصيَّ والضروريَّ للفضائلِ. منحَ البتولَ أن تَلِدَ، وقد ألهمَها من قبلُ نَذْرَ البتوليّةِ وزيَّنَها بفضيلةِ التواضع.
وإِلاَّ فكيف يقولُ لها الملاكُ فيما بعدُ إنَّها ممتلئةٌ نعمةً، لو كانَ فيها شيءٌ ليس من عملِ النِّعمَة، أيًّا كانَ ومهما قَلَّ أو دنَا؟ مَن سوف تحملُ وتلدُ قدّوسَ القدّيسين، وهبَها اللهُ هبةَ البتوليّةِ لتكونَ مقدَّسةً في جسدِها؛ ولتكونَ مقدَّسةً في روحِها وهبَها هبةَ التواضع.
هذه البتولُ من سلالةِ الملوكِ مزدانةٌ بلآلئِ الفضيلة، وساطعةٌ ببهاءِ الجسدِ والرُّوحِ معًا. أشادَتِ السماواتُ ببهائِها وجمالِها، وجذبَتْ إليها أنظارَ أهلِ السماء، فوضعَ الملكُ فيها رضاه، وأرسلَ إليها من الأعالي الرَّسولَ السماوي.
قال: “أُرسِلَ الملاكُ إلى بتولٍ” (لوقا 1: 26- 27)، بتولٍ في الجسدِ، وبتولٍ في الرُّوح، بتولٍ بنَذْرِها لله، وبتولٍ كما وصفَها الرَّسولُ مقدَّسةٍ في روحِها وجسدِها. لم يَجِدْها جديدًا أو صدفةً، بل عرفَها العليُّ بعلمِه السابقِ، فٱختارَها وأعدَّها لنفسِه (رومة 8: 29-30). خدمَها الملائكةُ، وأشارَ إليها الآباءُ، ووعدَ بها الأنبياء.
…………………

في ميلاد العذراء من مواعظ الطوباوي الرِّيدي Aelredi رئيس الرهبان (1110- 1167)
(العظة 20، في ميلاد الطوباوية مريم البتول: PL 195، 322- 324)
مريم أمُّنا
نَتقدَّمْ نحوَ العروسِ، لنَتَقَدَّمْ نحوَ الوالدةِ، لنَتَقَدَّمْ نحوَ أشرَفِ أَمَةٍ. مريمُ الطُّوباويّةُ هي كلُّ ذلك.
ماذا نعملُ؟ وماذا نُقَدِّمُ لها؟ يا ليتَنا نستطيعُ أن نَرُدَّ لها أقلَّه ما هو دَينٌ علينا. نحنُ مَدِينون لها بالإكرامِ. نحنُ مَدِينون لها بالخِدمَةِ. نحنُ مَدِينون لها بالحُبِّ. نحنُ مَدِينون لها بالتَّسبيحِ. نحن مَدِينونَ لها بالإكرامِ، لأنَّها والدةُ ربِّنا وإِلهِنا، ومَن لا يُكرِمُ الوالدةَ فهو بلا شكٍّ يُهِينُ الإِبنَ. يقولُ الكتابُ: “أَكرِمْ أبَاكَ وأُمَّكَ” (خروج 20: 12).
ماذا نقولُ إذًا، أيُّها الإخوة؟ أليسَتْ هي أُمَّنا؟ بلا، أيُّها الإخوة، إنَّها حقًّا أمُّنا. بها وُلِدْنا، لا للعالمِ، ولكن لله.
كُنَّا جَميعًا، كما تؤمنون وتَعلمون، في الموتِ وفي التَّرَهُّلِ وفي الظَّلامِ والشَّقاءِ. في الموتِ، لأنَّنا فَقَدْنا الرَّبّ. وفي التَّرَهُّلِ، لأنّنا كُنّا في الفَسادِ. وفي الظَّلامِ، لأنَّنا فقَدْنا نورَ الحكمة. ولهذا كنَّا من الهالِكِين لا مَحالةَ.
ولكنَّنا وُلِدْنا بمريمَ البتولِ ولادةً أفضلَ بكثيرٍ من ولادتِنا من حوَّاءَ، لأنَّ يسوعَ وُلِدَ منها. بدلَ التَّرَهُّلِ حصَلْنا على التَّجديد، وبدلَ الفسادِ نِلْنا اللافسادَ، وبدَلَ الظَّلامِ شمَلَنا النُّورُ.
إنّها أمُّنا، أمُّ حياتِنا، أمُّ اللافسادِ فينا، أمُّ النُّورِ فينا. يقولُ الرَّسولُ عن الرَّبِّ يسوعَ المسيحِ إنَّه “صَارَ لَنَا حِكمَةً مِن لَدُنِ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً” (1 قورنتس 1: 30).
هي إذًا أمُّ المسيحِ، أمُّ الحكمةِ فينا، وأُمُّ البِرِّ وأمُّ القداسةِ وأمُّ الفداءِ. فهي إذًا أمٌّ لَنا أكثرَ مِن أمِّنا بحسبِ الجسدِ. بها كانَ لنا ولادةٌ أفضلُ: لأنَّنا منها نِلْنا قداستَنا وحكمتَنا وبِرَّنا وفداءَنا.
يقولُ الكتابُ المقدَّس: “سَبِّحُوا اللهَ في قُدِّيسِيهِ” (مزمور 150: 1). فإِنْ كانَ يَجِبُ أَنْ نُسَبِّحَ اللهَ في قدِّيسِيه لأنَّه صَنَعَ فيهم العَجائبَ والآياتِ، فكم هو أَوْلَى أَنْ نُسَبِّحَه في تلكَ التي صَنَعَ فيها ذاتَه، وجعلَها عَجيبةً فوقَ كلِّ العجائبِ؟.
…………………

قَلبُ يسوعُ وقَلبُ مريمُ في أقوالِ الطُّوباوي يوحنا أنطون فارينا (1803-1888)
“لِنَدخُلَ هذا القلبَ الأَقدَسَ ونَغْطُسَ ونَختَبِىءَ فيه”.
“لِنُعانِقَ بِمَحَبَّةِ قلبِ المَسيحِ كُلَّ العالَم لِنَقودَ العالَمَ بأَسرِه للمَسيح”.
“لِنَتَشَبَّهَ بقلبِ يسوعَ وقلبِ مريمَ بالحَنانِ، بالرَّأفَةِ، بالتَّواضُعِ، بالوَداعَةِ، بحِفظِ مَشيئةِ الله”.
“قَبِّلوا هذين القَلبَين وضَعوهُما على قُلوبِكُم، وأَظهِروا، القَلبين الأَقدسَين، لِمَن أَرادَ بِكُم شَرًّا”.
“مِنْ قلبِ يسوعَ نَستَمِدُّ: حَماسَ المَحَبَّة في التَّواضُعِ والطَّاعَة”.
“أَظهِروا لِمَنْ أرادَ بِكُم شَرًّا القلبين الأَقدَسين”.
“ليَكُنْ قَلبَ يسوعَ مَلجأي وحِصني. فيه وَضَعْتُ نَفْسي، مَعَ التَّضحِيَةِ لِحياتي، حيثُ تكونُ الضرورة، لِخلاصِ النُّفوسِ الَّتي يُريدُ الرَّبُّ أَنْ يَهَبَها لي”.
“هذه العِبادَةُ تكونُ لكَ سلاحًا تُقاوِمُ بِهِ الأَعداءَ المنظورين وغير المنظورين وتكونُ عربونَ محبَّتي للمَسيحيين”. (السيدة العذراء للقديس عبد الأحد سنة 1170-1221)
…………………

من مواعظ القديس بِيدَا المكرَّم الكاهن (673- 735)
مريمُ تعظِّمُ الرَّبَّ الذي صَنَعَ فيها عظائم
“تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفْسِي، وَتَبتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي” (لوقا 1: 46). تُشيدُ أوّلاً بالمواهبِ الخاصَّةِ التي منحَها إيّاها الله. ثم تُعدِّدُ النعمَ العامّةَ التي لا يكُفُّ الله عن منحِها للجنسِ البشريِّ.
تعظِّمُ النفسُ الربَّ عندما يُكرِّسُ الإنسانُ كلَّ وجدانِه ليسبِّحَ اللهَ ويخدُمَه، ويبيِّنُ بمحافظتِه على الوصايا أنَّه يتأمَّلُ دائمًا في قدرتِه وجلالِه.
تبتهجُ الروحُ في اللهِ خلاصِها، عندما تبتهجُ بذِكرِ خالقِها الذي منه رجاءُ الخلاصِ الأبديِّ.
تنطبقُ هذه الكلماتُ بحقٍّ على جميعِ الرجالِ الكاملِين، وبصورةٍ خاصّةٍ على مريمَ العذراء. فكانَ من الجديرِ أن تتلفَّظَ بها، لأنّ اللهَ ميَّزَها فأضرمَها بحبٍّ خاصٍّ له في روحِها، وقد ٱبتهجَتْ بحملِه في جسدِها
ولقد ٱستحقَّتْ أن تبتهجَ بيسوعَ مخلِّصِها بصورةٍ خاصّةٍ وأكثرَ من سائرِ القدِّيسين، لأنَّ الذي عرفَتْه مبدِعًا للخلاصِ الأبديِّ، عرفَتْ أيضًا أنَّه هو نفسُه الذي سوف تلِدُه بالجسدِ في الزمنِ، وأنَّه سيكونُ حقًّا في شخصٍ واحدٍ ٱبنَها وربَّها.
“لأنَّهُ صَنَعَ إلَيَّ أمُوراًعَظِيمَة، قُدُّوسٌ ٱسمُهُ” (لوقا 1: 49). فهي لا تَنسِبُ شيئًا إلى ٱستحقاقاتِها بل تُرجِعُ كلَّ عظمتِها إلى إحساناتِه، هو القدّوسُ العظيمُ في ذاتِه، والذي ٱعتادَ أن يحوِّلَ مؤمنِيه الصغارَ والضعفاءَ إلى أناسٍ عظماءَ وأقوياء (مزمور 113: 7-8).
ثم أضافَتْ: “وَٱسمُه قُدُّوسٌ”، لِتُنبِّهَ السامعين، بل وجميعَ الذين سيبلُغُ إليهم كلامُها، ولِتُحُثَّهم على الإيمانِ وعلى الإسراعِ إلى الاستغاثةِ بٱسمِه، فيَقدِرون هم أيضًا أن يكونوا مشارِكين في القداسةِ الأبديّةِ وفي الخلاصِ الحقيقيِّ، بحسبِ قولِ النبيِّ: “كُلُّ مَن يَدعُو بِٱسمِ الرَّبِّ يَخلُصُ” (يوئيل 3: 5). هو الاسمُ نفسُه الذي قالَتْ فيه: “تَبتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي”.
وإنّه لحسنٌ وخلاصيٌّ أنْ نشأَتْ عادةٌ يفوحُ عطرُها في الكنيسةِ المقدَّسة، وهي أن يُرَتَّلَ هذا النشيدُ كلَّ يومٍ في صلاةِ التسبيحِ المسائيّةِ، فيُضرِمُ في نفوسِ المؤمنين مشاعرَهم وحبَّهم بذكرى سرِّ تجسُّدِ الربِّ المتواصلةِ، ويثبِّتُهم في الفضيلةِ الراسخةِ إذ يستذكرون بٱستمرارٍ مثالَ والدةِ الإله. ومن المناسبِ أن يكونَ ذلك في صلاةِ المساء، لأنَّ نَفْسَنا المُتعَبةَ خلالَ النَّهارِ والمُوزَّعةَ بينَ أفكارٍ متنوِّعة، إِذا ما بَلَغَتْ وَقتَ الرَّاحَةِ خلَتْ إلى ذاتِها للتَّأَمُّلِ ومُحاسَبَةِ النَّفْسِ.
…………………

مريم العذراء في أقوال القديس أفرام السرياني (306- 373)
“إِنَّ قيثارَةَ الرُّوحِ القُدُسِ هذِه لَنْ تَبْعَثَ لَحنًا أَعذَبَ مِمَّا تُصْدِرُه حينَ تَتَغَنَّى بِمَديحِ مَريم”.
“لا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعرِفَ أُمَّكَ أَيُّها الرَّبّ… هل نُسَمِّيها عَذراء؟ هوذا ٱبنُها مَوجود! هل نُسَمِّيها مُتَزَوِّجَة؟ فهي لم تَعرِفُ رَجُلاً! فإِنْ كانَ لا يوجَدُ مَن يَفهَمُ أُمَّك، مَن يكونُ كَفوءً لِفَهمِكَ أَنتَ؟”.
…………………

مريم العذراء في قول الطوباوي يوحنا أنطون فارينا (1803-1888)
“إِنَّ دورَ مريمَ هو أَنْ يقودَنا، حَتمًا، إِلى يسوع”.
…………………
مريم العذراء في قول القديس إيريناوس أسقف ليون (135 – 203)
“بالفعلِ بطاعَةِ العذراءِ نَفْسِها، قَد غَدَتْ سَبَبَ خلاصٍ لِذاتِها وللجنسِ البَشَرِيِّ بأَجمَعِهِ”.
مريم العذراء والاسقف إيبيفانوس من بينيفان الأسقف حوالي القرن الخامس إلى القرن السّادس
وبمقارنتهم مريم بحواء، يسمون مريم “أمَّ الأحياء” (179) (من المجمع الفاتيكاني الثاني)
مريمُ العذراءِ والقديس أنطونيوس البدواني
“إسمُ مريم مِثلُ ٱسمِ يسوع: هو فرَحٌ للقَلب، وكقَطرَةِ الشَّهدِ في الفَم، وكالَّلحنِ الشَّجيِّ للأُذن. وإنَّ مُجرَّدَ تذكُّر ٱسمُ مريم هو فرحٌ للحزانى، وشجاعةٌ للمتردِّدين، ودُعاءٌ يُرشِدُ التائهينَ إلى طريقِ الخلاص”. (القديس أنطونيوس دي بادوفا 1195- 1231)

…………………

مريم العذراء والقديس إيريناوس من ليون (135- 203)
“إنّ العقدة التي سببها عصيان حواء حُلّت بطاعة مريم” بحسب القديس إيريناوس من ليون