“ألَيس هذا هو (يسوع) النجّار؟” (مرقس 6: 1 -6)
الأب بيتر مدروس
مأساة الكفر والجحود
تقدّم لنا قراءات هذا الأحد مأساة الكفر والجحود – عند معشر العبرانيين الذين بقوا على عنادهم وقساوة قلوبهم مع ما ألمّ بهم من مصائب ولا سيّما الجلاء. وكان النبي حزقيال في الفصل الأوّل قد كتب أنّ الحضرة الإلهيّة (في العبريّة “شكيناه” التي تقابلها اللفظة العربيّة “السّكينة”) قد غادرت موقع الهيكل لترافق الشعب في المنفى. ونستطيع بدموع أن نقول اليوم ومنذ أكثر من ستّين سنة أنّ الحضرة الربانيّة ترافق شعبنا المظلوم المشرّد، لأنّ الله يفضّل الحجارة الحيّة على الميّتة ، شريطة ألاّ تُمسي قلوبنا من حجر!
وما أشبه اليوم بالأمس
إذ يتنكّر نفر من قوم العهد القديم لكلّ قرارات الشرعيّة الدوليّة، مثلما أبدوا مرّة مع مناصريهم معارضتهم الشديدة الكفريّة لقرار حكيم تقويّ إيمانيّ إنسانيّ أمميّ يرى في كنيسة المهد تراثاً للبشريّة جمعاء! فظهرت مرّة أخرى – حتّى عند بعض الولايات التي معظم شعبها مسيحيّ – ظهرت قساوة القلب والعداوة للسيّد المسيح والكنيسة ولقضايا العدل والسلام! وتفجّرت جليّاً قساوة القلب عند زعماء يريدون أن يفرضوا على الكنيسة – ولا سيّما في الولايات المتّحدة الأمريكيّة – وسائل الإجهاض وتحديد النسل غير المشروعة، تحت طائل عقوبات باهظة الهدف منها دفع المؤسسات الكاثوليكيّة إلى الإجرام وتهديدها بالإغلاق!
بولس الرسول :”أُعطيتُ شوكة في الجسد”!
في القراءة الثانية يخبرنا رسول الأمم الإناء المختار بولس أنّ الله “أعطاه” وكأنّ المسألة هديّة أو عطيّة أو موهبة “شوكة في الجسد”، ضربة مستمرّة من الشيطان، لئلاّ يستكبر الرسول من سموّ المكاشفات! ويجيبه الرب: “تكفيك نعمتي!” ونحن أيضاً نختبر كلّ يوم ضعفنا وعجزنا ونقصنا ولكن نعمة الله حسبنا!
“ألَيس هذا هو النجّار ابن مريم؟”
سؤال مواطني يسوع جواب على استفساراتنا: “أين ذهب يسوع وماذا فعل منذ سنّ اثنتي عشرة سنة إلى نحو ثلاثين؟” عمل نجّاراً ليعيل والدته الطهور، وما كان بحاجة إلى أن يختفي لدى “أسيانيي قمران” ولا “إخوة بيض” في مصر أو في الهند تاركاً أمّه العذراء – خصوصاً بعد وفاة خطّيبها العفيف القدّيس يوسف. وما كان يسوع “بحاجة أن يعلّمه أحد” عن الإنسان (يوحنا 2) ولا عن الله بما أنّه هو هو “كلمة الله” (عن يوحنا 1: 1 و 14).
فلنطلب من المسيح أن يساعدنا على حمل صلباننا وتحمّل اشواكنا ونحن في المنفى لنصل بعد عمر طويل إلى أفراح ربّنا القائم من بين الأموات في المدينة المقدّسة ليبلّغنا أوروشالم السماويّة أمّنا!