عظة الأحد الثالث للفصح (ج)
الأب بيتر مدروس
تقدّم لنا الكنيسة كل يوم وكل أحد قراءات من الكتاب المقدس مفيدة جدا لكلّ أوجه حياتنا. لذا، سيكتفي المرء هنا بمتابعة النصوص المقدسة.
أعمال 5 :27أ – 41 :المُجرم يتّهم الضّحيّة
قال عظيم الأحبار للرسل : “نهيناكم أشدّ النهي عن التعليم بهذا الاسم” أي اسم يسوع الذي يترفع الحبر عن لفظه ، فهو الطاهر يأنف أن يذكر اسم “مضلل”. والنهي عن ذِكر اسم يسوع وتعليمه وارد في دول عديدة يطالب مواطنوها بكل الحقوق – وينالونها – في بلاد المسيحيين، وهم يجهلون أو يتجاهلون ان تلك البلاد الغربية إنّما تستقبلهم وتكرمهم انطلاقًا “من أنها مسيحية” (ديفيد كامرون، رئيس وزراء بريطانيا).
“تُريدون أن تجعلوا علينا دم “هذا الرّجُل” !
لا ، أيها الحبر اليهودي. لا يتبلّى عليكم رسل المسيح المساكين في شيء. “وإذا كنتَ كذوبًا فكن ذَكورًا”(بفتح الذال لا بضمّها!). أما كنتم أنتم أيها “الأحبار ورؤساء الشعب” الذين همسوا إلى حشود العبرانيين ليهتفوا بملء حناجرهم : ” دمه علينا وعلى بنينا!”؟ في علم النفس يدعى ذلك “إسقاطًا” وإنكارًا. وكم ساد موقفكم ويسود: بشر يخطئون ويجرمون ولا يريدون أن يلومهم أحد ولا أن يحاسبهم أحد!
“هذا الرّجُل” : سيكرّر التلمود وعديد من الكتابات الربابينية الحاخامية تلك العبارة عن يسوع : “فلوني” פלוני أي “فلان”. ويقطعون اسمه من “يشوع” إلى “يشو” وقد وضعوا كل حرف بداية لكلمة، “من تأليفهم وتلحينهم” : ي ييماح ، ش شمو ، و وزخرو י יימח ש שמו ו וזכרו أي ليُمحَ اسمه وذِكرُه !
“أجاب بطرس والرّسل : الله أحقّ بالطّاعة من النّاس!”
نطيع المسؤولين عنّا في الأسرة والمجتمع والدّولة طالما لا يخالفون وصايا الله.
“قتلتم يسوع إذ علّقتموه على خشبة”
يعرف الرسل أنّ الذي حكم على يسوع بالإعدام روماني وأن الجنود الرومان هم الذين مادّيًّا صلبوا يسوع. ولكنهم من غير لفّ ولادوران وبوضوح الشّمس يتّهمون “أرسطقراطية الهيكل” بأنها هي وراء الحكم بالإعدام والتنفيذ. وكما يقول العبقري القديس أوغسطينوس : “لا يقولنّ اليهود : نحن ما قتلنا المسيح! بلى قتلتموه. وكيف قتلتموه؟ بسيف اللسان ، إذ صرختم : اصلبه اصلبه، ارفعه ارفعه!” والدالُّ على الشيء كفاعله. بل أنتم المحرّك والدافع والضاغط والمبتزّ والمهدّد والمتوعّد : “إنْ أنت يا بيلاطوس أطلقت هذا (!) ، فأنت عدوّ لقيصر!”
وللمرّة الألف نكرّر :ما برّر الفاتيكان اليهود من دم المسيح!
“ضربوا الرسل بالعصيّ”
مع انّ اولئك اليهود هم كما تقول العامّة “سيد من عصى”، يتشدّقون : “سمعنا وعصينا!” العصا إفلاس الذين ما استطاعوا ان يقنعوا فيُخنعون.
” خرج الرسل مسرورين بأنهم وُجدوا أهلاً لأن يُهانوا من أجل الاسم!”
“الاسم” عند اليهود المطّلعين على الكتب المقدّسة والتقاليد والحريصين على تجنّب اسم الجلالة هو “الله، الرب، يهوه” نفسه. يعني بالعربية يقول لنا سِفر أعمال الرسل أنّ يسوع هو الاسم. وهذه الطريقة “لا توفّي مع” أي لا تناسب اليهود الأمريكيين القائمين على حركة “شهود يهوه”. لذلك يحرّفون هذا القسم من الآية : “من أجل اسمه”، مع انّ كل المخطوطات تورد “الاسم” في الصيغة المطلقة الربانية الالهيّة.
الصّيد المعجز بعد القيامة السيّديّة الباهرة(يو 21 : 1 – 14)
قال سمعان بطرس : “أنا ذاهب للصّيد!”
“رجعت حليمة إلى عادتها القديمة”! مات المعلّم واختفى وعاد الرسل إلى مهنتهم وبيوتهم وحمواتهم. ولكنه يظهر لهم وهم لا يتعرفون عليه في بداية الأمر ويعطيهم نصيحة يتبعونها : “ألقوا الشبكة إلى يمين السّفينة تجدوا” ما لم تجدوه ساعات طويلة!
“قال التلميذ الذي أحبّه يسوع : إنه الرب!”
ومَن تريدون، أيها الأعاجم، أن يكون هذا التلميذ الرسول الحبيب سوى يوحنا ؟ يعرف الرب “وقلبه دليله”. نلحظ أنّ الرسل كانوا “على بُعد نحو مائتي ذراع من البرّ”. ولكن عندما يروي الإنجيلي الحبيب الصيد المعجز ويورد عدد السمك مئة وثلاثًا وخمسين سمكة ، لا يقول “نحو هذا العدد” بل بكلّ دقة.
دفعت الدهشة الرسل إلى أن يحصوا السمك ، وطبعًا يقابل عدد السمك ربح مادي ببيع قسم منه (فهذا رزقهم)، إذ لن يقدروا أن يلتهموا كلّ ذلك السمك! ويرى القدّيس هييرونيموس أنّ أنواع السمك المعروفة في عهد المسيح كانت مئة وثلاثة وخمسين. ويظنّ مفسّرون آخرون أن ذلك عدد الشعوب الخاضعة للإمبراطورية الرومانية. والشبكة التي تضم سمكًا من كلّ جنس رمز للكنيسة (متّى 13 : 47 وتابع).
“يا سمعان بن يونا ارعَ خرافي ، ارعَ غنمي!”
يا لها من مسؤولية على بطرس وعلى خلفائه في كرسي روما ! “فلنصلينّ من أجل حبرنا الأعظم البابا فرنسيس : يحفظه الرب ويحميه ويسعده على هذه الفانية ولا يسلمه إلى مكايد معاديه !” وله نقول مردّدين كلمات المعلم الجليل للصيّاد الجليلي سمعان : “أنت صخر وعلى هذا الصخر سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها!”