عيد التّجلّي السيّديّ إيليّا النّبيّ وتجلّي الرّبّ
الأب بيتر مدروس
قد يتساءل المرء عن سبب ظهور إيليّا مع موسى كليم الله عند تجلّي الربّ يسوع، دون أحد الأنبياء الآخرين. ومع أنّنا لا نستطيع إلى سبر أغوار الحكمة الإلهيّة سبيلا، غير أنّ التّفكير يقودنا إلى اقتراحات ردود منها: قاسم مُشترك بين السيّد المسيح من جهة والنبيّين موسى وإيليّا من جهة أخرى هو صوم كلّ منهم مدّة أربعين يوماً. وبين موسى وإيليّا عنصر النبوّة مشترك – مع أنّ مار إلياس ليس من الأنبياء الكُتّاب – ويجمعهما صعودهما “جبل الله حوريب” أي سيناء. وهكذا يجتمع الصّوم مع الشّريعة والنبوّة على “الجبل المقدّس” في التّجلّي السيّديّ المجيد.
يعيّن التّقليد والآثار طور طابور (الذي يدعوه فلسطينيّو الجليل “الطّور” – واللفظة آراميّة الأصل تعني “الجبل”)، في حين يعتقد آخرون أنّ الجبل العالي المُشار إليه كان حرمون أي “جبل الشّيخ”. ويرنّم صاحب المزامير، وكأنّه يريد التّوفيق بين الموقفَين الفلسطينيّ واللبنانيّ – “ولكن كلّنا في الهمّ شرقُ”: “باسمك يا ربّ يبتهج طابور وحرمون” (مز 89 (88) : 13 ب(.
وهنالك دور خفيّ – غير جوهريّ – للكهنوت في تجلّي الرّبّ. فموسى كليم الله تزوّج بنت كاهن “مِديَن” – مع أنّه لم ينل نعمة الكهنوت بل شقيقه هارون. أمّا إيليّا فقد قضى بعقليّة العهد القديم – الّتي يجدها المرء حتّى في أيّامنا ومناطقنا – على كهنة البعل الكنعانيّين. ولكنّ الرّبّ يسوع له المجد – الكاهن الأبديّ “على رتبة ملكيصادق” – ألغى الكهنوت اللاّوي وذبائح المواشي بانقلاب أبيض كعادته، من غير سفك دماء أحد سوى دمه هو (عن أعمال 20 : 28) وأسّس في العلّيّة الكهنوت الجديد والمذبح الجديد، مقدّما ذاته ذبيحة جديدة طيّبة الرّائحة (عن أفسس 5 : 2(.
فلنحمل كهنوتنا الملوكيّ كمعمّدين من غير غضب ولا خصام، وليتجلّ فينا أيضاً على حدودنا وعلاّتنا “مجد الله الّذي هو على وجه المسيح” ( عن 2 قور 4 : 4( !