عيد المسيح الملك (لوقا 23: 35 – 43)
الأب بيتر مدروس
سخر الجند الرومانيون من ملوكية يسوع الناصري وضفروا على شرفه إكليلا من شوك وألبسوه رداء قرمزيا. أمّا الوالي بونطيوس بيلاطوس فقد أولى يسوع كرامة أثيلة وأطلق عليه لقب “ملك اليهود” وقد أصاب عصفورين بحجر، مستهزئا بالناصري وبمعشر العبرانيين في آن واحد! أتى الان دور الشعب، من المارّة الفضوليين إلى الذين أحسن إليهم يسوع وشفاهم وكانوا لمعجزاته منكرين وأفضاله. الوثنيون واليهود متّفقون هذه المرّة ويشمل هذا الاجماع أيضا أحد المصلوبين مع يسوع. يرون كلّهم ملوكية المسيح بمنظار دنيوي بمعنى أن المسيح يجب أن يخلّص الاخرين ونفسه من الشرور الطبيعية ومن الكوارث القومية أي الصليب والذلّ والفقر والقهر والاحتلال الروماني. ونلحظ أن المسيحيين المضطهدين أو المضغوط عليهم في الشرق الاوسط ومناطق أخرى يسألون الكنيسة أن تنقذهم من مثل تلك الشرور الدنيوية والنكبات القومية!
“اللص الصالح” – الذي يصفه القديس اوغسطينوس بأنه “خير سارق، بما أنه في اللحظة الاخيرة سرق الفردوس”، يعلّمنا طريقة الدخول الى الملكوت، من غير أن نمدّ ايدينا إلى ممتلكات غيرنا! إنه يقرّ أوّلا بخطاياه وثانيا يعترف ببراءة غيره أي يسوع. فعلا، أعلن لرفيق السوء المجرم المصلوب الاخر: ” أمّا نحن فعقابنا عدل لاننا نلقى ما استوجبته أعمالنا. ولكنّ يسوع لم يعمل سوءا “. أنحن مستعدّون للاقرار بفضائل الاخرين وأفضالهم وأن نعترف بأنهم أكرم منّا وأنقى سريرة وأوفر صدقا وأكثر إلماما وذكاء؟ هكذا، مع المجرم التائب المعترف ، نستطيع أن نصرخ: “أذكرني يا رب عندما تأتي في ملكوتك!”
يجسّد يسوع ملكوت الله أي سلطة الحب وليس حب السلطة الذي هو ميل شرير يدمّر البشر من الافراد الى العائلات والمجموعات والمجتمعات والامم والجماعة الدولية حيث تتصارع “قوى عظمى” وتتناحر .
مثل السيد المسيح وعن طريقه، ليس المسيحيون عبيدا ولا المرأة المسيحية جارية لعبد تشكّل جماعة من إماء العبيد بل من أمهات الاحرار الملوك. ويخاطبنا أمير الرسل بطرس: “أمّا أنتم فإنّكم ذرّيّة مختارة وكهنوت ملوكي وأمّة مقدّسة وشعب مقتنى ” ( 1 بطرس 2: 9(.
وسط الزوجين، في التقليد الشرقي للزواج المسيحي، “يكلّل” العروسان ملكا وملكة. لفظة “الاكليل” مرادفة لطقس الزواج المقدس حيث العروس ملك والعروسة لا أمة بل ملكة على مثال العذراء السلطانة أم المسيح الملك والكنيسة بيت الملكوت!