Liturgical Logo

أقوال في التجسد القديس أثناسيوس

آباء الكنيسة

“كلمةُ الله الذي لا جَسَدَ له، ولا فناءَ يَصلُ إليه ولا مادَّةَ فيه، جاءَ إلى عالمِنا، مع أنَّه لم يكُنْ غائبًا عنه من قبل. فلا جزءَ في العالمِ يمكنُ أن يخلُوَ منه، بل هو مع وجودِه الواحدِ مع أبيه كانَ يملأُ كلَّ شيءٍ في كلِّ مكان”.

“جاء إذًا إلينا برأفتِه، وأظهرَ لنا نفسَه بوضوح. رَحِمَ ضعفَ بشريَّتِنا، وٱهتمَّ للفسادِ الذي أصابَنا، ولم يتحمَّلْ أن يسودَ الموتُ علينا، أي إنَّه أبَى أن يَهلِك ما صنعَه، وأن يصيرَ ما صوَّرَه الآبُ في الإنسانِ باطلاً، فٱتَّخذَ لنفسِه جَسَدًا غيرَ مُختَلِفٍ عَن جَسَدِنا. ولم يُرِدْ أن يكونَ في الجَسَدِ فقط أو أن يظهَرَ في الجَسَدِ فقط. لأنَّه لو أرادَ فقط أن يظهرَ بِحَسَبِ الجَسَدِ لاستطاعَ أن يَتَّخِذَ حَجمًا أكبرَ وأجلَّ. ولكنَّه أخذَ جسدَنا كما هو”.

“جعلَ لنفسِه هيكلاً أي جَسَدًا في البتولِ، وجعلَه مثلَ أداةٍ خاصَّةٍ له، فيه يسكُنُ وبه يَظهَرُ ويعرفُه النَّاس. فلمّا كنّا جميعًا خاضعِين لفسادِ الموت، أخذَ من بينِنا جَسَدًا يُشبِهُ جَسَدَنا،، وسلَّمَه للموتِ من أجلِنا، وقدَّمَه للآبِ بِحُبٍّ عظيم. وبما أنَّ جَميعَ الذينَ يموتونَ بعدَ الآن يموتون فيه، فسيُحَلُّون من قيودِ الفسادِ المفروضةِ على الإنسان. وبما أنَّ الموتَ ٱستنفدَ قوَّتَه في جَسَدِ الرَّبِّ نَفْسِه، لم يَعُدْ له قُوَّةٌ بعدُ على النَّاسِ الشبيهين به. ولهذا فهو، أي الكلمة، يُعيدُ إلى اللافسادِ الناسَ الذين يعودون إلى الفَساد، ويُرجِعُهم من الموتِ إلى الحياة. وبالجَسَدِ الَّذي ٱتخذَه وبِنِعمَةِ القيامةِ يُزِيلُ عنهم الموتَ تمامًا كما تلتهمُ النارُ التِّبنَ”.

“ومن ثَمَّ ٱتخذَ لِنَفْسِه جَسَدًا خاضعًا للموت. وهذا الجَسَدُ الذي صارَ شريكًا في الكلمةِ رئيسِ الكلِّ، يَكفي أن يموتَ هو من أجلِ الجميع. ولأنَّه يَبقَى غيرَ قابلٍ للفسادِ بسببِ الكلمةِ المقيمِ فيه، فإنَّه يُزِيلُ الفسادَ عن الجميعِ بنعمةِ القيامة”.

“ومن ثَمَّ فالجَسَدُ الذي ٱتخذَه لنفسِه، قدَّمَه للموتِ قُربانًا وضحيَّةً طاهرةً مِن كُلِّ وصمةٍ، فأبعدَ فورًا الموتَ عن جميعَ أشباهِه، لأنَّه قدَّمَ جسدَه عن الجميعِ”.

“لهذا فإنَّ كلمةَ الله الرَّفيعَ فَوقَ الكُلِّ، بَذَلَ وقَدَّمَ هيكلَه أي أداةَ جَسَدِه من أجلِ الجَميع، فحَلَّ بموتِه كلَّ الديون. وإذ ٱتَّحَدَ بالجَميعِ بِجَسَدٍ يُشبِهُ جَسَدَهم، جَعَلَ الجَميعَ بوعدِ القيامَةِ حَقًّا ومُستَحَقًّا غيرَ قابلِين للفَساد. فلم يعُدْ إِذًا لفسادِ الموتِ على النَّاسِ أَيُّ سلطانٍ، بِسَبَبِ الكلمةِ الَّذي يَسكُنُ بينَهم في الجَسَدِ نَفْسِه”.
…………………

أقوال في التَّجَسُّدُ القديس صُفرونيوس البطريرك الأورشليمي (550- 639)

“متى أَقامَ اللهُ مَعَ النَّاس، وعُدَّ واحِدًا مِنهُم، إلاَّ في الأَيَّامِ الأَخيرةِ لمَّا ٱتَّخَذَ جَسَدًا مِنكِ، وصارَ مِن نَسلِ إبراهيم؟”. (القديس صُفرونيوس البطريرك الأورشليمي 550- 639)

“إذا أَرَدْنا أَنْ نُفَسِّرَ كَلِمَةَ “عمّانوئيل” وجَدْنا لها مَعنيَيْن، بِحَسَبِ الطَّبيعَةِ البَشَرِيَّةِ والإلهيّة، إذ هو بِهما كائِنٌ وبِهما يُعرَفُ. فهو إلهٌ كاملٌ قبلَ الدُّهور، وفيكِ، أَيَّتُها البَتولُ الوالِدَة، صارَ إنسانًا ومِنكِ ٱتّخَذَ الطَّبيعَةَ البَشَرِيَّة. وبٱتّخاذِه هذِه الطَّبيعَةَ البَشَرِيَّةَ حافَظَ بِحَسَبِ الأُقنومِ الطَّبيعيِّ لِكُلٍّ مِنَ الطَّبيعَتَيْن على صِفَةِ كُلِّ طَبيعَةٍ وعلى خَصائِصِهما الطَّبيعِيَّةِ والجَوهَرِيَّةِ مِن دونِ تَبديلٍ فيها”. (القديس صُفرونيوس البطريرك الأورشليمي 550- 639)

“إِنَّ الكَلِمَةَ هو الله، وإِنِ ٱرتدى الطَّبيعَةَ البَشَرَيَّةَ الحَقيقِيَّة. ولأَنَّه جَسَدٌ ذو نَفْسٍ حَيَّةٍ ٱتّخَذَه مِن دَمِكِ الطَّاهِر، ومِن روحِ حياتِكِ العاقِلَةِ ٱستَمَدَّ له الحَياة. وقَد بَقِيَ جَسَدًا ذا نَفْسٍ حَيَّةٍ مَع كَونِهِ جَسَدَ كَلِمَةِ اللهِ الوَحيد. ٱتّحَدَ الكَلِمَةُ بالجَسَدِ بِحَسَب الأُقنوم، فَنَجمَ عن ذلك ٱتِّحادٌ غَيرُ مُنقَسمٍ في الشَّخصِ الواحِدِ والأُقنومِ الواحِدِ، ومِن غَيرِ تَبديلٍ في الطَّبيعَتَيْن المُرتَبِطَتَيْن بِهما، ومِن غَيرِ أنْ يُصَيِّرَ الطَّبيعَتَيْن جَوهرًا واحِدًا”. (القديس صُفرونيوس البطريرك الأورشليمي 550- 639)

“ومَع مُحافَظَةِ المَسيحِ على التَّمييزِ بينَ كُلٍّ مِن الطَّبيعَتَيْن والجَوهَرَيْن، إِلاّ أَنّه سيَظهَرُ للعالَمِ مَولودًا مِنكِ ٱبنًا واحِدًا ومَسيحًا واحِدًا، لا يَحمِلُ تَنوُّعَ أبناءٍ ومُسَحاءَ عَديدِين. لأنَّ مَن هو إلهٌ حَقٌّ وُلِدَ إِنسانًا حَقًّا، مُظهِرًا بِجَلاءٍ وحَقٍّ كُلَّ ما يُسمَّى به وما يُقالُ فيه”.
(القديس صُفرونيوس البطريرك الأورشليمي 550- 639)

“سوفَ يُسمَّى “عمّانوئيل”، وسوفَ يُقالُ فيه ما هو حَقٌّ فيه كُلَّ الحَقّ: إِنَّه إِلهٌ غيرُ مَحدودٍ، وإِنّه إِنسانٌ حَقيقِيّ. إِلهٌ بِحَسَبِ الوِلادَةِ الأَزلِيَّةِ مِنَ الآب، وإِنسانٌ بِحَسَبِ الوِلادَةِ في الزَّمَنِ وفي الجَسَدِ مِن والِدَة”. (القديس صُفرونيوس البطريرك الأورشليمي 550- 639)

“هكذا حَسُنَ له أَنْ يُخَلِّصَ الطَّبيعَةَ البَشَرِيَّةَ: هو الَّذي لا يَخضعُ للموتِ أَسلَمَ نَفْسَه للموت، حتَّى يُنهِضَ مِنَ التُّرابِ الإنسانِيَّةَ المُصابَةَ بالفَساد، فيُعيدَها إِلى السَّعادَةِ الَّتي كانَتْ تَتَمَتَّعُ بِها مِن قَبلُ في الفِردَوس، ويَجعَلَها شَريكَةً في الميراثِ السَّماويّ”. (القديس صُفرونيوس البطريرك الأورشليمي 550- 639)
…………………

 

أَقوالٌ في التجسُّد

“مَن لا يقبلُ القديسةَ مريمَ على أَنَّها والدةَ الإلهِ هو مفصولٌ وغَريبٌ عَن مَحَبَّةِ الله”. (القديس غريغوريوس النازينزي اللاَّهوتي 329- 389)

“كَرِّموا بَيتَ لَحمَ، هذِه القَريَةُ المُتواضِعَة، الَّتي رَفَعَتْ حقارَتَكُم إِلى مَجْدِ السَّماء. مَجِّدوا مَن ولِدَ في المَغارَة، لأَنَّ المَغارَةَ أَصبَحَتْ بابَ “عَدْنٍ” (أَي بابَ الجَنَّة). لَمْ تَعُدْ بَيتَ لَحمَ قَريَةً حقيرَةً في مُدُنِ يهوذا، بل أَصبَحَتْ قلبَ كُلِّ إِنسانٍ يولَدُ فيه الله. لَمْ تَعُدْ مَجهولَةً في الزَّمانِ والمَكان، بل أَصبَحَتْ في كُلِّ مَكانٍ وزَمان، وفي حياةِ كُلِّ إِنسانٍ قَبِلَ الله”. (القديس غريغوريوس النازينزي اللاَّهوتي 329- 389)
…………………

التجسُّد القديس أمبروزيوس الأُسقُف ومعلِّمُ الكنيسة (339- 397)
“إنَّ يسوعَ المسيحَ غفرَ لنا خطايانا ليس لأنَّه أخٌ لنا، بل لأنَّه إنسانٌ ٱستقرَّ فيه ملءُ اللاهوت (قولسي 2: 9). فقد كُتِب: “ذَلِكَ بِأنَّ اللهَ كَانَ فِي المَسِيحِ مُصَالِحًا لِلعَالَمِ” (2 قورنتس 5: 19). وفيه كانَ يسوعُ المسيح، الذي قيلَ فيه، وفيه وحدَه فقط: “الكَلِمَةُ صَارَ بَشَرًا فَسَكَنَ بَينَنَا” (يوحنا 1: 14). فلمّا ٱتْخَذَ جَسَدًا إِذًا لم يَسكُنْ بينَنا كأَخٍ بل جاءَنا ربًّا وإلهًا”.
…………………

التجسُّد القديسِ كيرلُّس الأورشليميّ الأسقف ومعلم الكنيسة
(315-386)
“يا للأَمرِ العَجيب، إِنَّنا بالمعمودية لم نَمُتْ حقيقَةً ولم نُدْفَن حقيقَةً ولم نُصْلَبْ حَقيقَة ولم نَقُم، ولكن إِذا كانت هذِه رُموزًا وصُوَرًا فَقَد تَمَّ بها الخلاص حَقيقَةً. إِنَّ المسيحَ قد وَهَبَ لنا لكي نَنالَ بٱشتراكِنا بِصورَةِ آلامِه حَقيقَةَ الخَلاص”.

“كيفَ حَلَّ بيننا مُتَّخِذًا جَسَدًا مِن عذراء ؟ لم يأخذ جَسَدًا خالِيًا مِنَ الرُّوح، كما كان يدَّعي كثير من الهراطقة، بل فيه نفسٌ عاقلة. هكذا وُلِد إنسانا كاملاً من ٱمرأة بريئة من الخطيئة، حقيقةً وليس ظاهراً أو خيالياً. وبدون أن يتخلّى عن جوهره الالهي أو ينقطع عن ان يكون ما كان دائماً ويسكونه، أعني الله. ولهذا تقول : إنَ العذراءَ هي أم الله، وكما كتب الرسول بولس: ” إلهُ واحدً، الآبُ الذي منه كلُّ شيء، وربٌّ واحدٌ يسوع المسيح الذي به كلُّ شيء”. لا نُجَزّىء ابنين إلهنا ومخلصنا الأوحد، كلمةَ الله الذي صار إنساناً وجسدًا. كما أنه لا يجوز أن نخلط، كما يفعل كثيرٌ من الهراطقة السخفاء، في ألوهية الإنسان، فعلى رأي بعضهم، إنّ كلمة الله تحول إلى جوهر إلهي. لا يتعرّض كلمةُ الله لأي تَغَيُّرٍ أو تنوُّعٍ. وبما أنه اتَّحد بواسطة العذراء، بجسدٍ ذي نفسٍ عاقلةٍ، نقول إنه تَجَسَّدَ وتَأَنَّس بنوعٍ فائِقِ الوَصف”.
…………………

التجسد في أقوال القديس غريغوريوس النيصي أخ القديس باسيليوس الكبير الأُسقُف وأخ القديس بطرس أُسقٌف سبسطية وأختُهم ماكرينا
(335- 395)
أبرز غريغوريوس بِوضوح أنَّ الله، “أفضل الفنّانين، يصهر طبيعتنا بطريقة يجعلها مُلائمة لِمُمارسة المُلْك. وبواسطة التفوّق التي تُقرّها النفس، وبواسطة تكييف الجسد نفسه، دبَّرَ تعالى الأشياء بحيثُ يكون الإنسان مُلائمًا فعلاً لِلسلطة الملكيّة” (De hominis opificio 4: PG 44,136B).

“هذا ما تشهد عليه سيرة الخلق (راجع سفر التكوين 1/31). كان الإنسان أيضًا بين الأشياء الحسنة جدًا، مُزدانًا بِجمال يفوقُ بِكثير كلِّ الأشياء الجميلة. أيُّ شيء آخر كان يُمكنه فعلا أن يكونَ جميلاً، بشكلٍ مُساوٍ لِلّذي كان مُشابهًا لِلجمال النقيّ وغير القابل لِلفساد؟… إن الإنسان، كٱنعكاسٍ للحياة الأبديّة وصورتها، كان جميلا فعلاً، لا بَل جميلا جدًّا، بِعلامةٍ مُشِعّة لِلحياة على مُحيّاه” (Homilia in Canticum 12: PG 44,1020C).

لقد كرّمَ الله الإنسان وسلّطه على كلّ المخلوقات الأُخرى: “لم تُصنَع السماء على صورة الله، ولا القمر، ولا الشمس، ولا جمال النجوم، ولا أيّ شيء آخر من الأشياء التي تبدو في الخلق. أنتِ فقط (أيتها النفس البشريّة) قد جُعلتِ على صورة الطبيعة التي تسمو فوق كلِّ عقل، شبيهةَ الجمال الذي لا يفسد، وطابع الألوهيّة الحقّة، وملجأ الحياة الطوباويّة، وصورة النور الحقيقيّ، الذي تُصبحين على مثاله تعالى وأنتِ تنظرينَ إليه، لأنّكِ بواسطة الشعاع المُنعكس الذي ينبع من نقائِكِ تقتدينَ بالذي يتألّقُ في داخِلِك. ليس هناك أيُّ شيءٍ في الوجودِ عظيمٌ لِدرجةٍ تُقاسُ بِعظمتِكِ” (Homilia in Canticum 2: PG 44,805D).
…………………

القدّيس غريغوريوس النيصيّ (نحو 335 – 395)، راهب وأسقف

العِظة التعليميّة، 23-26

“أَخفَيتَ هذِه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وَكَشَفْتَها لِلصِّغار”

إِنَّ حقيقةَ ٱستطاعةِ اللهِ الكُلِّيِّ القُدرَةِ الإِنحدارِ إلى تواضُعِ حالَةِ الإِنسان تُبَرْهِنُ عن عَظمَتِه أَكثر مِمَّا تُبَرْهِنُه روعَةُ العَجائِبِ الفائِقةِ الطَّبيعة. في الواقع، عندما تُتِمُّ القُدرَةُ الإِلهِيَّةُ عَمَلاً سامي العَظَمة، يكونُ هذا العَمَل مُطابِقًا وموافِقًا لطبيعَةِ الله… وبالعكس، إِنَّ ٱنحدارَ اللهِ إِلى حقارَتِنا هو، نَوعًا ما، تَعبيرٌ عن قُدرَةٍ فائِقَةٍ لا يُعيقُها أَبدًا ما هو مُضادٌ لِطبيعَتِها…

لا وسع السمَّاوات، ولا لَمَعانِ النجوم، ولا نظام الكون، ولا تناغم المَخلوقات، يمكنها أن تكشفَ قُدرَةَ اللهِ الرَّائِعَةِ مِثلما تَكشِفُها رحمَتُه الّتي جعلته يَنحَدِرُ إِلى ضُعفِ طبيعَتِنا… تَظْهَرُ طيبةُ اللهِ وحِكْمَتُه وعدالَتُه وقُدرَتُه في أحكامِه، من أَجلِنا: الطِّيبة في إِرادَتِهِ أَنْ “يُخَلِّص ما هَلك” (لوقا 19: 10)؛ الحِكمَةُ والعدالَةُ في طريقَةِ تَخليصِنا؛ القُدرَةُ في حقيقةِ أَنَّ المَسيحَ “صارَ على مِثال البَشَرِ” (فيليبي2: 7-8) وٱمتَثَلَ لِتَواضُعِ طبيعَتِنا.
…………………

التجسد والقديس أثناسيوس الأسقف
(الرسالة إلى إبيكتيت (Epictete)، 54:PG 26، 1058و1062- 1066)
ٱتخذَ الكلمةُ جَسَدًا من مريمَ

قالَ الرَّسولُ في الرِّسالةِ إلى العبرانيِّين: “جاءَ لنُصرَةِ نَسلِ إبرَاهِيمَ، فَحَقَّ عَلَيهِ أن يَكُونَ مُشَابِهًا لإخوَتِهِ فِي كُلِّ شَيءٍ” (عبرانيون 2: 16- 17)، وأن يأخذَ جَسَدًا شبيهًا بجسدِنا. ولهذا وُجِدَتْ مريم، ليأخذَه منها، ويقدِّمَه، وهو جَسَدُه، من أجلِنا. لمَّا ذَكَرَ الكتابُ الولادةَ قال: “قمَّطَتْهُ وأضجعَتْه في مذودٍ ” (لوقا 2: 7). وقالَ الكتابُ أيضًا في مكانٍ آخرَ: طوبى للثديَيْن اللذَيْن رَضِعَ مِنهُما. ولمَّا ولدَتْه أُمُّه قَدَّمَتْه للهِ ذَبيحَةً. ولَمَّا بَشَّرَها الملاكُ جِبرائيلُ ٱختارَ الألفاظَ بِحَذَرٍ وفِطْنَةٍ، فلَمْ يَقُلْ “المولودُ فيكِ”، حتَّى لا يُظَنَّ أنَّه يأتِيها من الخارج، بل “المولودُ مِنكِ”، ليُفهَمَ أنَّ المولودَ مِنها وَحدَها وُلِد.
وهذا ما حَصَلَ، أنَّ الكلمةَ ٱتَّخذَ ممّا لَنا، وقدَّمَه ذبيحةً وأتلفَه بالموت، ثم ألبسَنا بما هو له. وفي هذا قالَ الرسول: “كانَ يجبُ لهذا الكائنِ الفاسدِ أن يلبسَ ما ليسَ بفاسدٍ، ولهذا الكائنِ الفاني أن يلبسَ الخلودَ” ( 1قورنتس 15: 51).
وليسَ هذا خِرافةً كما يعتقدُ البعض. حاشا وكلاّ. بل صارَ المخلِّصُ حقًّا إنسانًا، ولهذا تحقَّقَ الخلاصُ لكلِّ البشريّة. كلاّ، ليسَ خلاصُنا خِرافَةً. وليس الخلاصُ للجسدِ فقط، بل حصلَ الخلاصُ بالكلمةِ نفسِه للإنسانِ كلِّه، نفسًا وجسدًا.
هي حقًّا الطبيعةُ البشريَّةُ التي وُلِدَتْ من مريم، بحسبِ ما جاءَ في الكتابِ المقدَّسِ، وجسدُ الرَّبِّ هو جَسَدٌ حقيقيٌّ. إنَّه حقيقيٌّ لأنَّه نفسُ جسدِنا. ومريمُ هي أختُنا، بما أنّنا وُلِدْنا جميعًا من آدم.
قولُ يوحنا :”والكلمةُ صارَ بشرًا” (يوحنا 1: 14) له هذا المعنى. وهذا ما يمكنُ ٱستنتاجُه من عباراتٍ أخرى مماثلة، كما ورد مثلاً في رسائلِ القديسِ بولس، لمّا قال: “صارَ المسيحُ لعنةً من أجلِنا” (غلاطية 3: 13). فقد جَنَى الجسدُ غنًى فريدًا من هذا الإِتِّحادِ الحميمِ مع الكلمة. كان خاضعًا للموت، وصارَ يتمتَّعُ بالخلود. كانَ حيوانيًّا وصارَ روحانيًّا. خُلقَ على الأرضِ وصارَ قادرًا أن يدخلَ أبوابَ السماء.
ومع أنَّ الكلمةَ أخذَ جَسَدًا مِن مريم، فالثالوثُ الأقدس بقِيَ هو هو، من غيرِ إضافةٍ ولا نُقصان. هو دائِمُ الكمالِ، إلهٌ واحدٌ فقط. وهكذا تُعَلِّمُ الكنيسةُ: إلهٌ واحِدٌ أبو الكَلِمَة، وَلَدَ الكَلِمة مُنذُ الأَزل.
…………………

التجسد والقديس بِيدَا المكرَّم الكاهن (673- 735)
“لقد ٱستحقَّتْ مريم العذراء أن تَبتَهجَ بيسوعَ مُخلِّصِها بصورةٍ خاصّةٍ وأكثرَ من سائرِ القدِّيسين، لأنَّ الَّذي عرفَتْه مبدِعًا للخلاصِ الأبديِّ، عرفَتْ أيضًا أنَّه هو نفسُه الذي سوف تلِدُه بالجسدِ في الزَّمنِ، وأنَّه سيكونُ حقًّا في شخصٍ واحدٍ ٱبنَها وربَّها”.
(القديس بِيدَا المكرَّم الكاهن 673- 735)

التَّجَسُّدُ والقديس صُفرونيوس البطريرك الأورشليمي (550- 639)
(PG 87، 3271- 3274)
عِمَّانوئيل أَي “اللهُ مَعَنا”

هَتَفَ فَحَيَّاكِ، أَنتِ الجَديرَةُ كُلَّ الجَدارَةِ والمُستَحِقّةُ كُلَّ الإِستِحقاق: “السَّلامُ، أيَّتُهَا المُمتَلِئَةُ نِعمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ” (لوقا1: 28). اللَّفظَةُ العِبريَّةُ “عِمّانوئِيل” تُترجَمُ باللُّغةِ اليونانيّةِ “اللهُ معنا”. ومتى أقامَ اللهُ مَعَ النَّاس، وعُدَّ واحِدًا منهم، إلاَّ في الأيّامِ الأخيرةِ لمَّا ٱتَّخذَ جَسَدًا مِنكِ، وصارَ مِن نَسلِ إبراهيم؟
إذا أَرَدْنا أَنْ نُفَسِّرَ كَلِمَةَ “عمّانوئيل” وجَدْنا لها مَعنيَيْن، بِحَسَبِ الطَّبيعَةِ البَشَرِيَّةِ والإلهيّة، إذ هو بِهما كائِنٌ وبِهما يُعرَفُ. فهو إلهٌ كاملٌ قبلَ الدُّهور، وفيكِ، أَيَّتُها البَتولُ الوالِدَة، صارَ إنسانًا ومِنكِ ٱتّخَذَ الطَّبيعَةَ البَشَرِيَّة. وبٱتّخاذِه هذِه الطَّبيعَةَ البَشَرِيَّةَ حافَظَ بِحَسَبِ الأُقنومِ الطَّبيعيِّ لِكُلٍّ مِنَ الطَّبيعَتَيْن على صِفَةِ كُلِّ طَبيعَةٍ وعلى خَصائِصِهما الطَّبيعِيَّةِ والجَوهَرِيَّةِ مِن دونِ تَبديلٍ فيها.
لأنَّ الكَلِمَةَ هو الله، وإِنِ ٱرتدى الطَّبيعَةَ البَشَرَيَّةَ الحَقيقِيَّة. ولأَنَّه جَسَدٌ ذو نَفْسٍ حَيَّةٍ ٱتّخَذَه مِن دَمِكِ الطَّاهِر، ومِن روحِ حياتِكِ العاقِلَةِ ٱستَمَدَّ له الحَياة. وقَد بَقِيَ جَسَدًا ذا نَفْسٍ حَيَّةٍ مَع كَونِهِ جَسَدَ كَلِمَةِ اللهِ الوَحيد. ٱتّحَدَ الكَلِمَةُ بالجَسَدِ بِحَسَب الأُقنوم، فَنَجمَ عن ذلك ٱتِّحادٌ غَيرُ مُنقَسمٍ في الشَّخصِ الواحِدِ والأُقنومِ الواحِدِ، ومِن غَيرِ تَبديلٍ في الطَّبيعَتَيْن المُرتَبِطَتَيْن بِهما، ومِن غَيرِ أنْ يُصَيِّرَ الطَّبيعَتَيْن جَوهرًا واحِدًا.
ومَع مُحافَظَةِ المَسيحِ على التَّمييزِ بينَ كُلٍّ مِن الطَّبيعَتَيْن والجَوهَرَيْن، إِلاّ أَنّه سيَظهَرُ للعالَمِ مَولودًا مِنكِ ٱبنًا واحِدًا ومَسيحًا واحِدًا، لا يَحمِلُ تَنوُّعَ أبناءٍ ومُسَحاءَ عَديدِين. لأنَّ مَن هو إلهٌ حَقٌّ وُلِدَ إِنسانًا حَقًّا، مُظهِرًا بجلاءٍ وحَقٍّ كُلَّ ما يُسمَّى به وما يُقالُ فيه. سوفَ يُسمَّى “عمّانوئيل”، وسوفَ يُقالُ فيه ما هو حَقٌّ فيه كُلَّ الحَقّ: إِنَّه إِلهٌ غيرُ مَحدودٍ، وإِنّه إِنسانٌ حَقيقِيّ. إِلهٌ بِحَسَبِ الوِلادَةِ الأَزلِيَّةِ مِنَ الآب، وإِنسانٌ بِحَسَبِ الوِلادَةِ في الزَّمَنِ وفي الجَسَدِ مِن والِدَة. هكذا حَسُنَ له أنْ يُخَلِّصَ الطَّبيعَةَ البَشَرِيَّةَ: هو الَّذي لا يَخضعُ للموتِ أَسلَمَ نَفْسَه للموت، حتَّى يُنهِضَ مِنَ التُّرابِ الإنسانِيَّةَ المُصابَةَ بالفَساد، فيُعيدَها إِلى السَّعادَةِ الَّتي كانَتْ تَتَمَتَّعُ بِها مِن قَبلُ في الفِردَوس، ويَجعَلَها شَريكَةً في الميراثِ السَّماويّ.
…………………

الكلمة الذي صار بشرًا القديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد (170-235)
(فصل 10، 33-34؛ PG 16، 3452- 3453)
الكلمةُ الَّذي صارَ بشرًا رَفَعَنا إِلى سُمُوِّ الأُلوهِيَّة
لا يعتمدُ إيمانُنا على كلامٍ باطلٍ، ولا على مشاعرَ في القلبِ متقلِّبةٍ. ولا ننخدعُ بكلامٍ منمَّقٍ جميلٍ، بل الكلامُ الذي قالَه اللهُ نؤمنُ به ولا نُنكِرُه.
لهذا أرسَلَ اللهُ الكلِمَةَ، وما قالَه الكلمةُ، به ردَّ الناسَ عن العِصيان. ولم يعامِلْهم معاملةَ العبيدِ بالقوَّةِ والإكراه، بل دعاهم بالمشُورةِ والحرّيَّة.
لمّا تمَّ الزمانُ أرسلَ الآبُ الكلمةَ. لم يُرِدْ بعدُ أن يتكلَّمَ بالأنبياء، ولا أن يُضمِّنَ كلامَه في كلامٍ غيرِ صريح، بل أمرَه أن يَظهَرَ بشخصِه للناس، حتى إذا رآه العالمُ نالَ به الخلاص.
عرَفْنا أنَّ الكلمةَ أخذَ جسدًا من البتول، وأنَّه تعهَّد الإنسانَ القديمَ فجعلَ له صورةً جديدةً. وعرَفْنا أنَّه صارَ إنسانًا من جِبْلَتِنا. ولو لم يكُنْ كذلك لكانَ عبثًا أوصانا أن نعتبرَه معلِّمَنا وأن نقتدِيَ به. لأنّه لو كانَ هذا الإنسانُ من جوهرٍ آخَرَ، كيف يأمرُني أن أتشبَّهَ به، أنا المولودَ الضعيف، وكيف يكونُ صالحًا وعادلاً في ما يأمُرُ؟
فلكي لا يحسَبُه أحدٌ مختلفًا عنَّا تحمَّلَ العناءَ والتعب، وأرادَ أن يجوعَ، ولم يَرفُضِ العطَشَ، وأخلَدَ إلى النوم، ولم يأنَفْ تحمُّلَ الألَمَ، وأطاعَ حتى الموت، وأظهرَ قيامتَه. في كلِّ هذا قدَّمَ إنسانيَّتَه باكورةً ومثالاً، فإذا أنت تألَّمْتَ لا يُصِبْك الإحباط، بل اعرِفْ أنَّك إنسان، وانتظِرْ أنت أيضًا أن يمتحنَك اللهُ بما امتحنَ به ذلك الإنسانَ. عندما تعرِفُ حقًّا من هو الله، سيكونُ لك مع النفسِ جسدٌ لا يخضعُ لِلموتِ ولا للفساد. ستدخلُ ملكوتَ السماواتِ، أنتَ الذي أقَمْتَ في الأرضِ وعرَفْتَ المَلِكَ السماويَّ. ستكونُ شريكًا ووريثًا مع المسيحِ غيرَ معرَّضٍ للشهَواتِ والأهواءِ والأمراض، لأنَّك ستكونُ مثلَ الله.
فما تحمَّلْتَ من متاعبَ، لأنَّك إنسان، سمحَ اللهُ بها لأنَّك إنسان. ولكنَّ اللهَ وعدَك بأن يُعطِيَكَ كلَّ مِيزاتِ الألوهيَّةِ عندما تصيرُ مِثلَ اللهِ وتصيرُ غيرَ خاضعٍ للموت. ولهذا اعرِفْ نفسَكَ بمعرفتِك للهِ الذي صنعَكَ. مَن دعاه اللهُ يَعرِفُ اللهَ ويَعرِفُه اللهُ.
فلا تتنازعوا فيما بينَكم إذًا، ولا تتردَّدُوا في الرُّجوعِ إلى الله. المسيحُ هو فوقَ كلِّ شيءٍ، الإلهُ الذي غسلَ خطيئةَ الناس، فكمَّلَ الإنسانَ القديمَ بالإنسانِ الجديد، بعدَ أن جعلَ فيه صورتَه منذُ البدء، وبصورتِه هذه بيَّنَ محبَّتَه التي به أحبَّكَ. فإن أطَعْتَ أوامرَه، ولو ثقُلَتْ عليك، واقتدَيْتَ بصلاحِه هو الصالحُ إلى أقصى حدودِ الصلاح، صِرْتَ شبيهًا به وكريمًا لديه. ليسَ اللهُ بحاجةٍ إليك، إنما هو أرادَ أن يصيِّرَك إلهًا وأن يَمنَحَكَ مَجدَه.
…………………

الكلمة صار بشرًا والطوباويّ غيريك ديغني (حوالى 1080 – 1157)، راهب سِستِرسيانيّ
العظة الخامسة للميلاد
«والكَلِمَةُ صارَ بَشَرًا فسَكَنَ بَينَنا فرأَينا مَجدَه مَجدًا مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ»
أيّها الإخوة، أنتم مجتمعون اليوم كي تسمعوا كلمة الله المتجسّد. ها هوذا الرَّبُّ يُعدّ لنا ما هو أفضل: اليوم، قد أعطيَ لنا ليس فقط أن نسمع كلمة الله بل أن نراه. سوف نراه إِن ذهبنا الى بيت لحم كي نرى هذه الكلمة، هذه البشرى التي أنجزها الرَّبُّ والتي يعرضها علينا… لأنّه هنالك صعوبة أكبر أن نؤمن بما نسمع دون أن نراه… كذلك إنَّ الرَّبَّ وهو الذي يتكيّف مع ضعفنا، فبعد أن جعل كلمته مسموعة، قد جعلها منظورة بل تُلمس في يومنا هذا. لذلك فإنَّ الشهود الأوّلين لهذا السرّ قد ٱستطاعوا أن يُعلنوا: “ذاك الَّذي كانَ مُنذُ البَدْء ذاك الَّذي سَمِعناه ذاك الَّذي رَأَيناهُ بِعَينَينا ذاكَ الَّذي تَأَمَّلناه ولَمَسَتْه يَدانا مِن كَلِمَةِ الحَياة. لأَنَّ الحَياةَ ظَهَرَت فرَأَينا ونَشهَد ونُبَشِّرُكمِ بِتلكَ الحَياةِ الأَبدِيَّةِ الَّتي كانَت لَدى الآب فتَجلَّت لَنا” (1يو 1: 1-2) إذا كان بيننا أحد الإخوة وهو لم يزل متردّدًا في إيمانِه، فإنّي لا أُريد أن أضني أذنيه طويلًا بكلامي القليل القيمة. فليذهب هو أيضًا الى بيت لحم! فليشاهد مليًا وبعينيه ذاك الذي تتوق الملائكة الى رؤيته (راجع 1بط1: 12): كلمةُ الله التي يُظهِرُها الرَّبُّ لنا. إنَّ كلمة الله “حيّة وفعالة” (راجع عبرانيين 4: 12) وهو مُضجَع في مذود! في حال أنَّ الإيمان يُنير العين التي تشاهد مليّا، هل هناك مِن مَشهَدٍ أكثَرَ عَجَبًا؟… إنّها كلمة “أمينة وجديرة بالثقة التامّة” (راجع 1طيموتاوس 1: 15) أي هي كلمتك الكلّية القدرة، يا ربّ. لقد “هَجَمَت كَلِمَتُكَ القَديرةُ مِنَ السَّماءِ مِنَ العُروشِ المَلَكِيًة (راجع حكمة 18: 15) الى مِذود، فهي تكلّمنا بجدارة في هذا الوقت بصمتها بالذات. أيّها الإخوة، في هذا اليوم، أنتم أيضًا سترون الطفل، الكلمة الصامت، المقمّط، الموضوع على مغارة المذبح. لا تجعلوا تفاهة الغلاف تعكّر نَظَرَ إيمانِكم حين تشاهدون مليًّا الجسد المعبود تحت أعراضِ الخُبزِ والخَمر في سرِّ القربان. تمامًا كما قمَّطته مريم في ما مضى، هكذا اليوم أيضًا إنّ نعمةَ الرَّبِّ وحكمتَه تُغلّفانِ عظمةَ كلمةِ اللهِ الخَفيّة.
…………………

الله فينا ويسكن معنا القديس أثناسيوس الرسولي
ينقش الروح القدس هذا العهد في داخلنا ويكون الله نفسه هو معلمنا، إذ يقول الرسول: “ولا يُعَلِّمُونَ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ قَائِلاً: اعْرِفِ الرَّبَّ، لأَنَّ الْجَمِيعَ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ” [١١]. في العهد الجديد لا يتقدم السيد المسيح كمعلم خارج عنا يقدم لنا وصاياه، لكنه دخل إلينا، في حياتنا، ليغير طبيعتنا ويجددها بروحه القدوس، ويكون هو نفسه الوصية والحياة والقيامة والبرّ فينا! وكما يقول البابا أثناسيوس الرسولي في مقالاته ضد الأريوسيين: [إن كنا لسنا مخلوقين فيه، فلا يكون لنا (السيد) في داخلنا، بل نقتنيه خارجًا عنا، ويكون بذلك مجرد معلم نتقبل منه التعليم. لو كان الأمر كذلك بالنسبة لنا فإن الخطيئة لم تفقد بعد سلطانها على الجسد كوارثة له وغير مطرودة منه. ولكن الرسول يعارض مثل هذا التعليم إذ يقول: “نحن عَمَلُه مخلوقينَ في المسيحِ يسوع”. (أفسس ٢: ١٠).]
…………………

المسيح ولد فمجدوه
للقديس غريغوريوس اللاَّهوتي (329- 389)
المسيحُ ولِدَ فمَجِّدوه. المسيحُ أتى مِنَ السَّماواتِ فٱستقبلوه. المسيحُ على الأرضِ فٱرفعوه. رتّلي للرَّبِّ أَيَّتُها الأرضُ كُلُّها، ويا شُعوبَ سَبِّحوه بٱبتهاجٍ لأَنَّه قد تَمَجَّدَ.
المسيح في الجسد فٱبتهجوا: “يا جميع الأُمم صفقوا بأكفكم وهللوا لله بصوت الترنم” (مزمور46: 1) “لأنه ولد لنا ولد، وأُعطينا ٱبنًا، وتكون الرئاسة فوق منكبه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلها جباراً أبا الأبد رئيس السلام” (أشعياء9: 6). به يبتدئ الكيان ويخلق غير المخلوق. فيا لها من محبة للبشر لا توصف يظهرها السيد. إن المولود منذ الأزل بلا أم يولد ثانية بلا أب. إن ابن الله يصير ابن البشر من أجلنا، نحن الساقطين من السعادة بسبب الخطيئة ليعيدنا إلى الحالة الأولى بواسطة تجسده. فالغني يفتقر إلى جسدي لأغنى أنا بألوهيته، والكامل يضعف في المجد لأشاركه في كماله. فيا له من سر لا يوصف.
إني حصلت على صورة الله ولم أحافظ عليها. فالسيد يأخذ جسدي لينقذ الصورة ويجعل الجسد خالداً. إن الضابط الكل يدخل ثانية معنا في الشركة بصورة أعجب من الأولى، لأنه وهبنا الأحسن، أمّا الآن فيأخذ الأسوأ، ولكن هذا الأخير أشد ارتباطا بالله من الأول وأكثر علواً للعقل. فحفلتنا عظيمة جداً لأننا نعيد اليوم لمجيء الرب إلى البشر. الرب الذي أرجعنا إلى الله. “فلنطرح الإنسان العتيق ولنتشح بالجديد” (افسس4: 22و23) “وكما أننا متنا بآدم كذلك سنحيا بالمسيح” (كورنثوس الاولى15: 22) بالمسيح يولد ويتجدد المصلوبون والمدفونون والأحياء لأنه لا بد لنا من أن نحتمل هذا الانقلاب الخلاصي حتى ينتج الحزن من السرور فينقلب الحال، ونرى السرور من الحزن لأنه “حيث تكثر الخطيئة تزيد النعمة أكثر” (رومية5: 20) فإن كانت اللذة قد جلبت الدينونة فإن آلام المخلص قد حققت تبريرنا.
وعليه فلنعيّد، لا بالأبهة والتفاخر، بل بالسلام! ليس العيد عيدنا بل عيد السيد، ولا عيد الضعف بل عيد الشفاء، ولا عيد الخليقة بل عيد تجديدها، فكيف يجب أن نكمل ذلك؟ لا يجب أن نفتن البصر، وندنس السمع، ونرفه الشم، ونروي غليل الذوق، ونلهي اللمس؛ فان هذه الطرق كلها تؤدي إلى الخطيئة وتفتح أبوابها.
لنسع بٱستقامة كما في النهار، لا بالقصف والسكر، ولا بالمضاجع والعهر ولا بالخصومة والحسد، بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا يسبق اهتمامكم بشهوات الجسد” (رومية13: 13و14) لان تعليم المعلم الرديء رديء، والأفضل أن يقال ان الحبوب الرديئة تعطي زرعاً رديئاً، فلا تدعْ الأرض أو المياه تقدّم لك الأقذار في شكل هدية ثمينة. فإن الزينة التي تشوّه الطبيعي تهين صورة الله؟ ولا ينافس أحدنا الآخر في الإفراط، لأنّ كل ما يزيد عن الحاجة هو الإفراط عينه.
فبأي شيء يجب أن نتلذذ نحن الساجدين للكلمة؟ يجب أن نتلذذ بكلمة الله، وبالحديث عن أسباب الحفلة الحاضرة.
لنقدم المجد لبيت لحم الصغيرة التي أرجعتنا ثانية إلى الفردوس لنسجد أمام المذوذ الذي هذبّنا بالكلمة بعد أن شابهنا البهائم! لنمجد المولود مع الرعاة ولنقدم له الهدايا مع المجوس! لنفرح مع الملائكة، ولنرسل مع رؤساء الملائكة المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام. ولتكن الحفلة عامة بين القوات السماوية والارضية لأن قوات السماء تفرح الآن وتحتفل معنا، لأنها محبة الله وللبشر أيضًا، آمين.
…………………

الميلاد والقديس القديس لاون الكبير البابا ومعلِّمُ الكنيسة (461†)
“مُخَلِّصُنا ولِدَ اليوم، فلنَفرَح ولنَتَهلَّل معًا. فلا مَجالَ الآنَ للحُزنِ، لأَنَّ اليومَ وَلِدَتِ الحياة، حياةٌ تُدَمِّرُ الخوفَ من الموت وتَهَبُ السَّعادَةَ للحُصولِ على المَواعِدِ الأَبَدِيَّة”. (القديس القديس لاون الكبير البابا ومعلِّمُ الكنيسة 461†)

“اليومَ صانِعُ العالَمِ وُلِدَ من أَحشاءِ بَتولِ. اليومَ كلِمَةُ اللهِ ظَهَرَ لنا بِجَسَدٍ يُشبِهُ جَسَدَنا. فلنُرَدِّد نَحنُ أَيضًا، مع جوقاتِ الملائِكَةِ السَّماويِّين، بالهُتافِ وتَرانيمِ الفَرَحِ “المَجدُ للهِ في العُلى وعلى الأَرضِ السَّلام في النَّاسِ ذوي الإِرادَةِ الصَّالِحَة”. (القديس القديس لاون الكبير البابا ومعلِّمُ الكنيسة 461†)

“يا لها مِن وِلادَة! نَحنُ الَّذينَ وُلِدوا مِن شَهوَةِ الجَسَدِ نولَدُ مِن جَديدٍ لِوِلادَةٍ روحِيَّة”. (القديس القديس لاون الكبير البابا ومعلِّمُ الكنيسة 461†)

“يا للعَجَبْ! ذاكَ الَّذي بواسِطَتِه صُنِعَت كُلِّ الأَشياء، هو نَفْسُه وُلِدَ بَينَ كُلِّ الخلائِقِ الأُخرى”. (القديس القديس لاون الكبير البابا ومعلِّمُ الكنيسة 461†)

“يا للمَحَبَّة! ويا للمُشارَكَةِ العَجيبة! ذاكَ الَّذي له نَفْسُ الجَوهرِ مَعَ الآب، تَنازَلَ أَيضًا لِيُصبِحَ مُشارِكًا في جَوهَرِ الأُمِّ العَذراء، ومُشارِكًا مع طبيعَتِنا البَشَرِيَّة”. (القديس القديس لاون الكبير البابا ومعلِّمُ الكنيسة 461†)
…………………

الميلاد والقديس برناردوس (1090- 1153)
“الرَّبُّ العظيمُ، لكي يَجعَلَنا عُظماءَ جَعَلَ نَفْسَه صغيرًا. “ولِدَ لَنا طفلاً صغيرًا من أَجلِنا وأُعطي لنا وَلَد. هوذا طِفلٌ صغيرٌ بَينَنا”.
الميلاد والقديس غريغوريوس العجائبي الأُسقُف (213- 270)
عظة منسوبة للقدّيس غريغوريوس العجائبي (نحو 213- 270)، أسقف عظة عن عيد الظّهور الإلهي (الدّنح)
«فَانفَتَحَ فَمُه لِوَقتِه وَٱنطَلَقَ لِسانُه فتَكَلَّمَ وبارَكَ الله»
إِنَّ يوحنَّا المَعمَدان كانَ يَقولُ: في حُضوركَ أَيُّها الرَّبُّ يسوع، لا يُمكِنُني أَنْ أَبقى صامِتًا، إِذ “أَنا صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ” (متى 3: 3). “أَنا أَحتاجُ إِلى الاِعتِمَادِ عن يَدِكَ، أَوَأَنتَ تَأتي إِليَّ؟” (متى 3: 14). عِندَما وُلدْتُ، شَفَيتَ عُقمَ تِلكَ الَّتي أَنْجَبَتْني؛ وعِندَما كُنتُ مَولودًا جديدًا، شَفيتَ بُكْم والِدي مِن خِلالِ تَلَقّي نِعمَةَ هذِه المُعجزة مِنكَ. أَمَّا أَنتَ، فَقَد وُلدتَ مِنَ العَذراءِ مريمَ بالطَّريقَةِ الَّتي أَرَدْتَها والَّتي تَعْرِفُها وَحدَكَ، ولَمْ تُجَرِّدْها مِن عُذْريِّتِها، بل حَمَيْتَها بِمَنْحِها لَقَبَ أُمّ؛ عُذْريِّتُها لَم تَمنَع ولادَتَكَ، كما أَنَّ ولادَتَكَ لَمْ تُجَرِّدْها مِن عُذْريَّتِها. هاتان الحَقيقَتانِ المُتعارِضَتان، الوِلادَةُ والعُذْرِيَّة، ٱلتَقَتا في تَناغُمٍ فَريدٍ مِن نوعِه، وهذا أَمرٌ في مُتَناوَلِ خالِقِ الطَّبيعَة.
أَنا الإِنسان، لا أَقومُ سوى بالمُشارَكَةِ بالنِّعمَةِ الإِلهِيَّة؛ أَمَّا أَنتَ، فإِنَّكَ إِلهٌ وإِنسانٌ في آنٍ مَعًا، لأَنَّكَ بِطَبيعَتِكَ صديقُ البَشَر (حكمة 1: 6).
…………………

الميلاد والقديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد (170-235)

“لمّا تمَّ الزَّمانُ أَرسَلَ الآبُ الكَلِمَةَ. لم يُرِدْ بعدُ أن يتكلَّمَ بالأنبياء، ولا أَنْ يُضمِّنَ كلامَه في كَلامٍ غيرِ صَريح، بل أَمَرَه أَنْ يَظْهَرَ بِشَخصِه للنَّاس، حتَّى إِذا رآهُ العالمُ نالَ بِه الخَلاص”. (القديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد 170-235)

“عَرَفْنا أَنَّ الكلمةَ أَخَذَ جَسَدًا من البتول، وأنَّه تَعَهَّدَ الإنسانَ القديمَ فجعلَ له صورةً جديدةً. وعرَفْنا أنَّه صارَ إنسانًا من جِبْلَتِنا. ولو لم يكُنْ كذلك لكانَ عبثًا أوصانا أن نعتبرَه معلِّمَنا وأن نقتدِيَ به. لأنّه لو كانَ هذا الإنسانُ من جوهرٍ آخَرَ، كيف يأمرُني أن أتشبَّهَ به، أنا المولودَ الضعيف، وكيف يكونُ صالحًا وعادلاً في ما يأمُرُ؟”. (القديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد 170-235)
“لكي لا يَحْسَبْ أَحَدٌ أَنَّ الكَلِمَةَ الأَزليَّ مُختلفًا عنَّا تَحمَّلَ العناءَ والتَّعب، وأَرادَ أن يَجوعَ، ولم يَرفُضِ العَطَشَ، وأخلَدَ إلى النَّوم، ولم يأنَفْ تَحَمُّلَ الألَمَ، وأطاعَ حتَّى الموت، وأظهرَ قيامتَه. في كُلِّ هذا قدَّمَ إنسانيَّتَه باكورةً ومثالاً، فإِذا أَنت تألَّمْتَ لا يُصِبْك الإحباط، بل ٱعرِفْ أنَّك إنسان، وٱنتظِرْ أَنتَ أَيضًا أَن يَمتَحِنَكَ اللهُ بما ٱمتحنَ به ذلك الإنسانَ”. (القديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد 170-235)

“عندما تعرِفُ حقًّا مَن هو الله، سيكونُ لكَ مَعَ النَّفْسِ جَسَدٌ لا يَخضعُ لِلموتِ ولا للفَساد. ستَدْخُلُ مَلكوتَ السَّماواتِ، أَنتَ الَّذي أقَمْتَ في الأرضِ وعَرَفْتَ المَلِكَ السماويَّ. ستكونُ شريكًا ووريثًا مع المسيحِ غيرَ معرَّضٍ للشهَواتِ والأهواءِ والأمراض، لأنَّك ستكونُ مثلَ الله”. (القديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد 170-235)

“ما تحمَّلْتَ مِن مَتاعبَ، لأنَّك إنسان، سَمَحَ اللهُ بِها لأَنَّكَ إِنسان. ولكنَّ اللهَ وعدَك بأن يُعطِيَكَ كلَّ مِيزاتِ الأُلوهِيَّةِ عِندَما تَصيرُ مِثلَ اللهِ وتَصيرُ غيرَ خاضِعٍ للموت. ولهذا إِعْرِفْ نَفْسَكَ بِمَعرِفَتِكَ للهِ الَّذي صَنَعَكَ. مَن دَعاه اللهُ يَعرِفُ اللهَ ويَعرِفُه اللهُ”. (القديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد 170-235)

“لا تَتَنازَعوا فيما بَينَكم إذًا أَيُّها الإِخوَة، ولا تَتَرَدَّدُوا في الرُّجوعِ إلى الله. المَسيحُ هو فوقَ كُلِّ شيءٍ، الإلهُ الَّذي غَسَلَ خَطيئَةَ النَّاس، فَكَمَّلَ الإِنسانَ القَديمَ بالإِنسانِ الجَديد، بَعدَ أَن جَعَلَ فيه صورَتَه مُنذُ البَدء، وبِصورَتِه هذِه بيَّنَ مَحَبَّتَه الَّتي بِهِ أَحبَّكَ”. (القديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد 170-235)

“إْنَ أَطَعْتَ أَوامرَ الله، ولو ثَقُلَتْ عليك، وٱقتدَيْتَ بصلاحِه هو الصَّالحُ إِلى أَقصى حُدودِ الصَّلاح، صِرْتَ شَبيهًا بِهِ وكَريمًا لديه. ليسَ اللهُ بِحاجةٍ إِليكَ، إِنَّما هو أَرادَ أَنْ يُصيِّرَكَ إِلهًا وأَنْ يَمنَحَكَ مَجدَه”.
(القديس هيبولتس الروماني الكاهن الشهيد 170-235)
…………………

“في عيد الميلاد، نحتفل بولادة ثلاثيّة… الولادَةُ الأولى والأروع هي للابن الوحيد المولود من الآب بالجوهر الإلهي وبٱختلافِ الأقانيم. الولادة الثانية هي تلك التي تمّت من خلال أمّ حافظت أثناء حَملِها على الطَّهارَةِ المُطلقة لِعِفَّتِها البتوليّة. أَمَّا الولادَةُ الثالثة، فهي تلك الَّتي من خلالِها يولَدُ اللهُ حَقًّا وروحيًّا، في كُلِّ يومٍ وفي كُلِّ ساعَة، بالنِّعمَةِ والمَحبَّةِ، في النَّفسِ الطيّبة”. (جان تولير 1300 – 1361 راهب دومينكيّ في ستراسبورغ)

“في سبيلِ هذِه الولادَةِ الثالثة، ليسَ علينا سِوى أن نقومَ ببحثٍ بسيطٍ ونقي عن الله بدون أيّة رغبة في ٱمتلاك شيء…، بإرادة وحيدة هي أن نكون له، وأن نَفسَحَ له المكانَ بالطَّريقَةِ الأسمى والأكثر حميميّة، لِيَتَمَكَّنَ من إِنجازِ عَمَلِه ومِن الولادةِ فينا بدونِ أن نَضَعَ له أَيُّ عائِق…”. (جان تولير 1300 – 1361 راهب دومينكيّ في ستراسبورغ)

“عليكَ أَنْ تصمُتْ؛ حينها، سيَتَمَكّن الكلمةُ الإلهي الّذي وُلِدَ خلال هذه الولادة الثّالثة من التكلّمِ في داخِلِكَ وستتمكنّ من سماعه؛ وتأكّد أنّك إن أردتَ أن تتكلّم، سيلتزم هو بالصّمت. فلا يمكننا أن نَخْدُمَ الكلمةَ الإلهي بطريقةٍ أفضلَ من أن نسكُت ونستمع. فإنْ خرجت كليًّا من ذاتِكَ، سيدخُلُ اللهُ بكليّته؛ بٱختصار، كلّما خَرَجتَ أكثَر، كلّما دَخَلَ اللهُ فيكَ أكثر”. (جان تولير 1300 – 1361 راهب دومينكيّ في ستراسبورغ)
…………………

الميلاد وغييوم دو سانت تييري

“هذا هو الكلمةُ الكُلِّيُّ القُوَّة الَّذي تُوجِّهُه إلينا، يا رَبّ. وبَينَما كانَ صَمتٌ هادِئٌ يُخَيِّمُ على كُلِّ شيَء، أي في عُمْقِ الخَطيئَة، نَزَلَ مِنَ العُروشِ المَلَكِيَّة (حكمة 18: 14)، لِمُحارَبَةِ الخَطيئَةِ بِقُوَّة، ولإبرازِ الحُبِّ بِلُطْف. كُلُّ ما فَعَلَه، كُلُّ ما قالَه على الأَرضِ، حتّى العار، والبَصق والصَّفع، وصولاً إلى الصَّليب والقَبر، ما كانَ إِلاَّ كَلِمَتَكَ مِن خلالِ ٱبنِك، الكَلمَة الَّتي كانت تَحُثّنا على الحُبّ، والَّتي كانَت تُثيرُ فينا الحُبَّ تُجاهَكَ”. (غييوم دو سانت تييري، راهب بِندِكتيّ ثمّ سِسترسيانيّ حوالي 1085 – 1148)
…………………

عظة عن عيد الميلاد
الميلاد وجان تولير (نحو 1300 – 1361)، راهب دومينكيّ في ستراسبورغ

“في عيد الميلاد، نحتفل بولادة ثلاثيّة… الولادة الأولى والأروع هي للابن الوحيد المولود من الآب بالجوهر الإلهي وبٱختلافِ الأقانيم. الولادة الثانية هي تلك التي تمّت من خلال أمّ حافظت أثناء حملها على الطهارة المطلقة لعفّتها البتوليّة. أمّا الولادة الثالثة، فهي تلك التي من خلالها يولد الله حقًّا وروحيًّا، في كلِّ يوم وفي كلِّ ساعة، بالنِّعمةِ والمَحبَّةِ، في النَّفسِ الطيّبة.
في سبيل هذه الولادة الثالثة، ليس علينا سوى أن نقوم ببحثٍ بسيطٍ ونقي عن الله بدون أيّة رغبة في ٱمتلاك شيء…، بإرادة وحيدة هي أن نكون له، وأن نفسح له المكان بالطريقة الأسمى والأكثر حميميّة، ليتمكّن من إنجازِ عملِه ومن الولادةِ فينا بدونِ أن نضَعَ له أيّ عائِق… لهذا السبب، قال لنا القدّيس أوغسطينُس: “أفرغ ذاتَكَ، حتّى تَتَمَكَّنَ من الإِمتلاء؛ أُخرُج حتَّى تَتَمَكَّنَ مِنَ الدُّخول”، وقال أيضًا: “أَنتِ أَيَّتُها النَّفْسُ، أَيُّها المَخلوقُ النَّبيل، لماذا تَبْحَثينَ خارِجَ ذاتِكِ عَمَّا يَملأُ داخِلَكِ، بالطَّريقةِ الأَصَحِّ والأَكثَرِ وضوحًا؟ وبِما أَنَّكِ تُشاركين في الطَّبيعَةِ الإلهِيَّة، ما هَمُّكِ مِنَ الأَشياءِ المَخلوقَةِ وما شأْنُكِ بِها؟”. فإِذا أَعَدَّ المَرءُ بهذِه الطَّريقَةِ المَكانَ في عُمْقِ قَلبِه، لا بُدَّ مِن أَنْ يَضطَرَّ اللهُ إِلى ملئِه بِشَكلٍ تامّ؛ وإِلاَّ ٱنقَسَمَتِ السَّماءُ لملءِ الفَراغ. فلا يُمكِنُ للهِ أَنْ يَترُكَ الأشياءَ الفارِغَة؛ سيكونُ ذلك عكس طبيعته وعكس عدالته.
لهذا السبب، عليكَ أَنْ تصمُتْ؛ حينها، سيتمكّن الكلمة الإلهي الّذي وُلِدَ خلال هذه الولادة الثّالثة من التكلّمِ في داخِلِكَ وستتمكنّ من سماعه؛ وتأكّد أنّك إن أردتَ أن تتكلّم، سيلتزم هو بالصّمت. فلا يمكننا أن نَخْدُمَ الكلمةَ الإلهي بطريقةٍ أفضلَ من أن نسكُت ونستمع. فإن خرجت كليًّا من ذاتِكَ، سيدخُلُ اللهُ بكليّته؛ بٱختصار، كلّما خرجتَ أكثر، كلّما دَخَلَ اللهُ فيكَ أكثر.
…………………

عيد ظهور الرب القدّيس بِرنَردُس رئيس الدير ومعلِّمُ الكنيسة (1090 – 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة

العظة الأولى عن عيد الظهور الإلهي

“وَدخَلوا الَبيتَ فرأَوا الطِّفلَ مع أُمِّه مَريم. فجَثَوا له ساجِدين”

لم يكن مشروع الله يتضمّن النزول إلى الأرض فقط، بل التعريف عن نفسه؛ لم يكن مشروعه أن يولد فقط، بل التعريف عن نفسه. في الواقع، إننّا نقيم هذا الاحتفال بالدّنح (الظّهور)، وهو اليوم العظيم لتجلّيه، من أجل هذه المعرفة. اليوم، بالفعل قد أتى المجوس من الشرق بحثًا عن “شَمسِ البِرِّ” (ملا 3: 20) عند إشراقها، هو الذي نقرأ عنه: “هُوَذا الرَّجُلُ الذي ٱسمُه الشرق” (زكريا 6: 12). لقد عبد المجوس اليوم مولود العذراء الجديد، سالكين الطريق الذي رسمته نجمة جديدة. ألا نَجِدُ هنا، أيّها الإِخوة، حافزًا كبيرًا للفرح، كما في هذه الكلمةِ للرَّسولِ بولس: “ظَهَرَ لُطْفُ اللهِ مُخَلِّصِنا ومَحَبَّتُه لِلبَشَر” (تيط 3: 4)…

ماذا تفعلونَ، أَيُّها المجوس؟ أتعبدونَ طِفلاً رَضيعًا مَلفوفًا بالأَقمِطة، في إسطبل؟ أيكونُ هو الله؟ إِنَّما “الرَّبُّ في هَيكَلِ قُدْسِه، الرَّبُّ في السَّماءَ عَرشُه” (مز11]10[: 4)، وأنتم تبحثونَ عنه في إسطبلٍ وَضيع، على صَدْرِ والِدَة؟ ماذا تفعلون؟ لماذا تُقَدِّمونَ هذا الذَّهب؟ أيكونُ هو ملكًا؟ ولكن أين بلاطُه المَلكيّ، أينَ عرشُه، وأينَ حاشيَتُه؟ هل الإسطبلُ هو قصر، والمِذودُ عَرش؟ وهل مريمُ ويوسُفُ يشكّلانِ حاشيَتُه؟ كيفَ يمكنُ لأشخاصٍ حكماءَ أن يُصبحوا مجانينَ لدرجةِ عِبادَةِ طفلٍ صغيرٍ جديرٍ بالإِحتقار، إن كان لناحيةِ صِغَرِ سِنِّه أم لفقرِ أهلِه؟
لقد أصبحوا مجانين، نعم، ليُصبحوا حكماء؛ لقد عَلَّمهُمُ الرُّوحُ القُدُسُ مُسبَقًا ما أعلَنَه الرَّسولُ بولس لاحقًا: “أَلم يَجعَلِ الله حِكمَةَ العالَمِ حَماقة؟ فلَمَّا كانَ العالَمُ بِحِكمَتِه لم يَعرِفِ اللّه في حِكمَةِ اللّه، حَسُنَ لَدى اللّه أَن يُخَلِّصَ ألمُؤمِنينَ بِحَماقةِ التَّبشير؟” (1قورنتس 1: 20-21)… إنَّهم يجثونَ إذًا أمامَ هذا الطفلِ الفقير، ويُكرِّمونَه كمَلِكٍ، ويَعبُدونَه كإله. إِنَّ ذاكَ الذي أَرشدَهُم في الخارجِ من خلالِ نَجمةٍ، نَشَرَ نورَه في سِرِّ قلبِهِم.
…………………

في التجسد القدّيس ألفونس ماري دو ليغوري (1696 – 1787)، أسقف وملفان الكنيسة
العظة السّادسة لتساعيّة الميلاد
جاء ابن الإنسان كي يهب حياته
لقد تنازل الرَّبُّ الأزليُّ وقَدَّمَ ذاتَه لنا أَوَّلاً كطفلٍ صغيرٍ في إسطبل، ومِن ثُمَّ كعاملٍ بسيطٍ في مَشغل، وبعدَها كمُجرمٍ يلفُظُ أنفاسَه على خشَبَة، وأخيرًا كخُبزٍ على مَذبحٍ. إنّ هذِه أشكالٌ مُتَعَدِّدَة، وجوانِبٌ مُتَعَمِّدَة أظهرها الرَّبُّ يسوع، فكان لها أثرٌ واحِدٌ وهو إظهارٌ الحٌبِّ الَّذي يحمِلُه لنا.
أه يا ربّ، أما زال بإمكانك ٱبتكار شيء لجعلنا نحبّك؟ لقد قال النّبي إشعيا: “عَرِّفوا في الشُّعوبِ أَعْمالَه”… (إش12: 4). أيَّتُها النُّفوس المفتداة، عَرِّفي في كلّ مكان بأعمال حُبِّ هذا الإله المملوء حُبَّا. صمّمها ونفّذها كي يحبّه البشر كلّهم، هو الذي، بعدما غمرهم بإحساناته، أعطى ذاته، وبطُرُقٍ كثيرة!
أنت مريض أو مجروح، أترغب بالشفاء؟ إنّ الرّب يسوع هو الطبيب: هو يشفيك بدمه. أنت محروق بالحمّى؟ إنّه الينبوع المنعش. أنت معذّب بالأهواء وبمتاعب هذا العالم؟ إنّه منبع التعزيات الروحيّة والراحة الحقيقيّة. “أنت تخشى الموت؟ إنّه الحياة. أنت تتشوّق للسماء؟ إنّه الطريق” (راجع يو14: 6) على حدِّ قولِ القدّيس أمبروسيوس. لم يُعطِ الرّب يَسُوع المسيح ذاته فقط للبشر عامّة، هو يرغب أن يعطي ذاته لكلّ واحد بشكل خاصّ. لهذا قال القدّيس بولس: “أَحبَّني وجادَ بِنَفْسِه مِن أًجْلي.” (غل2: 20) وأكّد القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم أنّ “الله يُحِبّ كلَّ واحدٍ منّا بقدر ما يحبّ البشريّة كلّها”. بناء على ذلك، أخي العزيز، فلو كنت وحدك في العالم، لجاء الفادي الإلهي وأعطى دمه وحياته من أجلك أنت وحدك.
…………………

في التجسد للقديس يوحنا الذهبي الفم
(349- 407)

“إِن كان ٱبنُ اللهِ قد صارِ ٱبنًا للعذراء فلا تَشُكَّ يا ٱبنَ آدم أنَّكَ تَصيرُ ٱبنًا لله”.

“ولِدَ بالجسدِ لكي تولَدَ أَنتَ ثانيةً حسبِ الرُّوح. ولِدَ من ٱمرأةٍ لكي تصيرَ أنتَ إِبنًا لله”.

“قد حَوَتْ العذراءُ عِوَضَ الشمسِ شمسُ العدل الغير مرسوم، ولا تسل هنا كيف صارَ هذا وكيف أمكن أن يصيرَ الآن حيث يريدُ اللهُ فهناك لا يُراعي ترتيب الطبيعة. أراد. ٱستطاع. نَزَلَ. خلَّص. جميعُ الاشياءِ تُطيعُ له. اليوم الكائن يولَد، لأنَّه إِذ هو إلهٌ يصيرُ انسانًا ومع ذلك لا يسقط من اللاهوت الذي كان له ولا صارَ إِنسانًا بفقدِه اللاهوت ولا من إِنسانٍ صارَ إِلهًا ينمو متتابع بل الكلمة الكائنُ صارَ لَحمًا”.

“والكلمةُ صارَ جسدًا وحَلَّ فينا”. الإنجيلي بعدما قال أنَّ الذينَ قَبِلوه مولودون من الله وصاروا أبناءه، يوضح لنا سبب ذلك الشرف الفائق الوصف، وهو أنَّ الكلمة قد صارَ جسدًا، وأنَّ الرَّبَّ قد ٱتخذ حالة عبد. في الواقع قد جعل ذاتَه إبنَ الإنسان، بينما كان بكلِّ الحقيقة إبنَ الله، ليُصَيِّرَ النَّاسَ أبناءَ الله. حين يلتفتُ العالي المقام إلى السافِلِ الحال، فذلك لا يمس مجده بأدنى ضرر، وغايتُه أن يرفعَ السافِلَ من سفالَتِه، هذا ما حدث في المسيح. بنـزولِه من السَّماءِ لم ينقص شيئًا من طبيعتِه الإلهية، غير أنَّه رقّانا إلى مجدٍ لا يوصَف، نحنُ الذينَ كُنَّا على الدوامِ في العارِ والظُّلُمات. تجري الأُمور على هذا المِنوال حين يُخاطِبُ ملكٌ متسولاً فقيرًا بعطفٍ وٱهتمام، فهو لا ينتهك شرفه البَتَّة، بل يجعلُ المتسوِّلَ وجيهًا ممتازًا في عينِ كُلِّ النَّاس.
…………………

في سر التجسد القديس بطرس كريزولوغس الأسقف ومعلمُ الكنيسة (380- 450)
(العظة 148: PL 596-598)
في سر التجسد

حَمَلَتْ وهي بَتولٌ، وولَدَتْ وهي بَتولٌ، وبقِيَتْ بَتولاً. ليسَتْ هذه سُنَّةُ الطبيعةِ، ولكنَّها آيةٌ. هي قُدرَةُ اللهِ لا العَقلِ، قُدرَةُ الخالقِ لا الطبيعةِ. هي حالةٌ واحدةٌ فَريدَةٌ لا عامَّةٌ. أمرٌ إلهِيٌّ لا إنسانِيٌّ. كانَتْ ولادةُ المَسيحِ قُدرةً لا ٱضطرارًا، كانَتْ سرَّ إيمانٍ، وإِصلاحًا لِخَلاصِ الإِنسانِ. اللامولودُ صَنَعَ الإِنسانَ من تُرابٍ، ولمَّا وُلِدَ صَنَعَ إِنسانًا مِن جَسَدٍ كامِلٍ غَيرِ مَنقوصٍ. اليدُ الَّتي تَنازَلَتْ فَلَمَسَتْ التُّرابَ للخَلْقِ، تَنازلَتْ فَلَمَسَتْ جَسَدًا مِن أَجلِ إِصلاحِها. أَنْ يوجَدَ الخالِقُ في خليقَتِه، أَنْ يوجَدَ اللهُ في جَسَدٍ، هذا شَرَفٌ للإِنسانِ، مِن غيرِ أَنْ يَكونَ مَساسًا بالخالِقِ.
أَيُّها الإِنسانُ، لماذا تَرى نَفْسَك مَهِينًا وأَنتَ رفيعٌ في نَظْرِ الله؟ لماذا يُكرِمُكَ اللهُ كُلَّ هذا الإكرامِ وتَحُطُّ أَنتَ مِن قَدرِك؟ لماذا تَبحَثُ من أَينَ جِئْتَ، ولا تَنْظرُ لأَيَّةِ غايةٍ أَنتَ صُنِعْت؟ أَلا تَرى أَنَّ بَيتَ هذا العالَمِ الواسِعَ صُنِعَ كُلُّه لكَ؟ مِن أَجلِكَ فاضَ النُّورُ فأَزالَ الظَّلامَ. مِن أَجلِكَ بُسِطَ اللَّيلُ، مِن أَجلِكَ وُضِعَ حَدٌّ للنَّهارِ. مِن أَجلِك تُرسِلُ السَّماءُ أَشِعَّتَها المُتَنَوِّعَةَ مِنَ الشَّمسِ والقَمرِ والكَواكِبِ. مِن أَجلِكَ حَوَتِ الأَرضُ الأَزهارَ والأَشجارَ والثِّمارَ. مِن أَجلِكَ خُلِقَتْ جَمهَرَةُ الحيوانِ العَجيبَةُ في الجَوِّ والبَرِّ وفي الماءِ البَهِيِّ، حتَّى لا تَغشَى العُزلةُ والعُبوسُ فَرَحَ الدَّهرِ الجَديدِ.
ومَعَ ذلَكَ، فإِنَّ الخالِقَ يُفَكِّرُ في ماذا يُضيفُ بعدُ لإِكرامِكَ. لقد وَضَعَ فيكَ صورَتَه، لِتَكونَ بِهذِه الصُّورَةِ صورَةَ الخالِقِ غَيرِ المَنظور مَنظورًا في الأَرضِ. وأَقامَكَ في الأَرضِ خليفَةً له، حتَّى لا يُفلِتَ مُلكُ العالمِ الواسِعِ مِن نائبِ الله على الأَرض. وما صَنَعَه اللهُ فيكَ، صَنَعَه في ذاتهِ لمَّا رَحِمَكَ، فأَرادَ أَنْ يُرى في الإِنسانِ حَقيقَةً وقَد أَرادَ مِن قَبلُ أَنْ يَكونَ في الإِنسانِ صُورَةً. أَرادَ أَنْ يَكونَ بذاتِهِ حيثُ رَضِيَ مِن قَبلُ أَنْ يَكونَ فقط مِثالاً.
وُلِدَ المسيحُ إِذًا، وبولادَتِهِ أَصلَحَ الطَّبيعَةَ الفاسِدَةَ. قَبِلَ أَنْ يَكونَ طِفلاً، وأَنْ يَحتاجَ إِلى الطَّعامِ، وأَنْ يَمُرَّ بِمُخْتَلَفِ مَراحِلِ العُمرِ، لِيُقِرَّ مَرحَلَةً واحِدَةً كامِلَةً باقِيَةً يَصنَعُها هو. حَمَلَ الإِنسانَ حتَّى لا يَقدِرَ الإِنسانُ أَنْ يَسقُطَ. ما خَلَقَه مِن قَبلُ أَرضِيًّا جَعَلَه الآنَ سَماوِيًّا. ما أَحياه بِروحِ الإِنسانِ أَنْعَشَه الآنَ بروحِ الله. هكذا سما بِهِ كُلِّه إِلى الله، حتَّى لا يَترُكَ فيه شَيئًا مِنَ الخَطيئةِ أَو الموتِ أَو العَناءِ أَو الأَلَمِ أَو ما هو أَرضِيٌّ، بِقُوَّةِ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ الحَيِّ المالِكِ مَعَ الآبِ، في وَحدَةِ الرُّوحِ القُدُسِ، هو اللهُ الآنَ ودائِمًا، وإِلى دَهرِ الدُّهورِ الأَبَدِيَّةِ. آمين.
…………………
قول في الميلاد القديس يوحنا بولس الثاني
“إنَّ ما يُدهِشُني في سِرِّ التَّجَسُّدِ ليسَ نُزول اللهِ من الأعلى إِلى الأَسفل : إِنَّ الَّذي يُحَيِّرُني بالأَكثر الصُّعود مِنَ الأَسفَلِ إِلى الأَعلى، لأَنَّ الإِنسانِيَّةَ بأَكمَلِها يَرفَعُها المسيحُ ويُؤلِّهُها. وليلةُ الميلادِ هي أَعظَمُ رِفعةٍ للإِنسان”.
(القديس يوحنا بولس الثاني 1920- 2005)