Liturgical Logo

الإيمان والسهر والخلاص والظفر

الأب بيتر مدروس

عيد القدّيس يوحنّا ماري فييانيه، شفيع كهنة الرعايا

الحكمة ١٨:٦-٩، عبر ١١:١-١٩، لوقا ١٢:٣٢-٤٨

يُدرك القاصي والداني أنّ الإلحاد والتعصب الديني توأمان شريكان. ولا يكفي لحلّ معضلة التعايش وداد عاطفي او صلاة وجدانية: فالإيمان المسيحي ” عبادة عقلانية” ( رومية1:13) ومطلوب من خليفة القديس بطرس وباقي رعاة النفوس أن ” يقدّسوا المسيح الرب في قلوبهم وأن يكونوا مستعدين دومًا لأن يدافعوا عن سبب الرجاء الذي يعمر قلوبهم، ولكن بوداعة ووقار” ( 1بطرس ٣: ١٥) .

لا، لا يغتال البعض الكهنة لأسباب مادية ولا سياسية، بل يريدون ان يستهدفوا بالعنف، ويضربوا ما ضربته “العلمانية” بأساليب سلمية ماكرة، اي الإيمان المسيحي، أساس حضارة فرنسا وقوام هويتها والكهنوت الذي هو ” تحفة الكنيسة التي هي بدورها تحفة المسيح” (المطران بولس مارقوتسو) .

أعطت كنيسة فرنسا من أعظم المعترفين القديس يوحنا ماري فييانيه وها هي ، على هرمها وشيخوختها وترهّلها، تستيقظ لتقدّم على المذبح كاهنًا شهيدًا تمّت في قاتليه نبوّة السيّد له المجد: ” لسوف تأتي ساعة يظن فيها الذين يقتلونكم انهم يقدمون لله عبادة” ( يوحنا ١٦ : ٢) .

من قراءات هذا الأحد : في الخروج من مصر ( حكمة ١٨؛ ٦-٩ )
نجا العبرانيون وهلك قوم فرعون. أخذت المسيحية هذه الحادثة فقط في وجهها الإيجابي، وحسبتها إشارة الى النجاة والعبور والخلاص التي تمّت عن طريق المسيح “حملنا الفصحي” ( ١ قورنتوس ٥: ٧ وتابع ). دم المسيح ينقذنا من الهلاك ولا يترك أطفال البشر الآخرين يموتون . من ميزات الخلاص في المسيحية انه كامل لا يحتاج الى ان يهلك الآخرون كما ورد في قراءة اليوم ” خلاص الابرار وهلاك الأعداء.” وما اجمل “حضارة المحبة” عند المسيحيين، على علاّتهم، لان الكنيسة لا تسمح لهم بان يدعوا في طقوسها على الخصوم. وهكذا يسعدون من غير ان يشقى آخرون، وينجون من غير ان يهلك سواهم، ويكونون على صواب من غير ضرورة إفحام غيرهم انه على ضلال.

الإيمان أمان ( عبر ١١: ١-١٩)
جيد ان نعلم ان الفعل الكنعاني “أمن” يعني الصلابة والثبات على أساس متين. وايماننا المسيحي في كلّ هذه المحن بحاجة الى استعادة أصالته وقوته، وتثبيت أسسه العقلانية والراعوية، مع وعينا انه نعمة من الله. وفي كتيّب ” شدّد يا رب ضعيف ايماننا” يُشار الى بعض الأسباب التي تودّي الى قلّة الإيمان او عدمه، منها: ربط الإيمان المسيحي بالدعم المادي او بالنجاح الدنيوي، ربط الإيمان ببعض تصرّفات بعض رجال الدين، الاستماع بلا روح نقديّة إلى اعتراضات وافتراءات على المسيحية والكنيسة، التقديم الجزئي والمشوّه للكنيسة عبر التاريخ بإغفال فضائلها وافضالها على الانسانية، الإعجاب بشخصيّات كاذبة غير خلوقة من الغرب ، ما تُسمِعنا عنها كتب التاريخ وادوات الاعلام إلاّ كلّ خير ومكرمة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يذكر الداعي بحزن شابًا اصله كاثوليكي من فنزويلا ، ضحل الإيمان هش العقيدة، لقي لسوء حظه بدعة المورمون وترك الكنيسة وتبعهم. وأذكر دفاعه المستميت الاعتباطي غير العقلاني، عن الرجل الامريكي مهتزّ النفسية المزواج جوزف سميث الذي كان انتهازيا، ينسب نزواته الى الإرادة الإلهية، حاشى وكلاّ.

” العبد الأمين الحكيم” ( لوقا ١٢: ٣٢-٤٨ )
هو الكهنوت المسيحي الذي يقدّم للناس ” مكيال القمح في حينه” على المذبح تحت شكلي الخبز والخمر. ويحكم التاريخ للكنيسة والكهنوت المسيحي منذ نحو عشرين قرنًا ، لذا يهرب خصوم الحقيقة من التاريخ، ويستتر كثيرون منهم وراء “الكتاب المقدّس” لإخفاء اصولهم ووقت نشأة جماعاتهم، ومؤسسيها الأعاجم المحدثين الحديثين، اختباء ابليس المجرّب ليسوع الإنسان وراء آيات من الكتاب المقدّس، وبالذات من سفر تثنية الاشتراع.

خاتمة
نحن لا نعلم موعد نهاية العالم، فلنكن دومًا مستعدّين للذهاب الى الابدية، ونحن ننبذ الاستهتار الذي يجعلنا نضع أيدينا في مياه باردة ، وغير مستسلمين “للصرصعة والسرسبة واللخمة” التي تسبّبها بدع جديدة أعجمية خصوصًا أمريكية، تلقي في البشر الهلع، لتستولي على اموالهم، ولتحثهم على الإسراع في نشر تعاليمها بذريعة ان نهاية العالم على الأبواب.
فلنخدمنّ الرب بتواضع واخلاص، وان شاء الله سنجلس الى متكأ الملكوت!