اله واحد وبشريّة واحدة ومسيح واحد اله وإنسان!
الأب بيتر مدروس
يعرض سِفر الحكمة (12: 13 ثم 16: 19) بعض صفات الله ويتخيّل المرء أنه يقرأ العهد الجديد: يبدأ بإعلان وحدانيّة الله – وهي التي يردّدها اليهودي مرّتين في النهار والمسلم خمساً والمسيحي كل مرّة يرسم إشارة الصليب ويتلو قانون الايمان. وكلّنا على هذا التوحيد متّفقون، وإن وجب أحياناً إيضاح بعض النقاط ومنها أنّ الثالوث ليس ثلاثة آلهة بل الاله الواحد بكلمته (عن يوحنا 1: 1 و 14) وروحه (عن تكوين 1: 1 ، أعمال 5: 5 وسواهما ). من صفاته تعالى: يعتني بالكل ، فليس مثل ال “ديميورغوس” الارسطوطاليّ δημιουργος خالق الكون الذي لا يعتني بالعالم بذريعة أنّ عنايته بخلائقه غير خليقة به أي غير جديرة!
أنّه “ربّ الكلّ” وليس “معبوداً” محليّاً لا “صلاحية” له في غير منطقته وقومه!
“قوّته مبدأ عدله” وعدله مبنيّ على رحمته ، بخلافنا نحن البشر، فحيث القوّة عندنا فهنالك البطش أحياناً أو مرارا.
“علّمتَ شعبك (بلطفك ورِفقِك) أنّ الصدّيق يجب أن يكون محبّاً للنّاس” (في اليونانية “فيلانثروبوس Φιλανθροπος ). مع أنّ عبارة “ابناؤك” تشير إلى الشعب العبريّ فقط – غير أنّ المحبّة هنا مطلوبة لجميع الناس من غير تمييز، بحيث أنّ هنا تقدّماً على الفكر العبري الموجود في سفر اللاويين (الاحبار) 19:18:”أحبب قريبك (רעה رعيخا) كنفسك”، والرعيه (بتسكين الراء) هو الراعي الزميل (بضمّ الراء) وهو القريب اليهودي فقط.
تتكلّل هذه العبارات بالكلمات السيّديّة: “كونوا رحماء كما أنّ أباكم (السماوي) رحيم” (عن لوقا 6: 36)، وهو المُشرق شمسه على الأبرار والأشرار، وتوصية رسول الأمم الإناء المختار بولس: ” اقتدوا بالله كأبناء أحبّاء” (أفسس 5: 1).
في القراءة الثانية يعبّر مار بولس عن صعوبة الصلاة السامية علينا نحن الدنيوييّن (رومية 8: 26 – 27) : “إنّنا لا نحسن الصلاة كما يجب”. ويكتب القديس اغسطينوس بأسلوبه العبقري :
Mali male mala petimus ” نحن الأشرار نسأل الشرور بشرّ” أي بخبث! ولكن روح القدس يساعدنا ويقدّسنا ويئنّ فينا “أبّا” “أيها الاب”. ومن العبارات الفريدة في المفردات الأرمنية المسيحيّة “أسدفادز بابا” أي “الله البابا” أي الاب المحبوب. وبما أنّنا أبناء وبنات لإله واحد فكلّ الناس اخوتنا وأخواتنا في قلب المسيح الاله الحق والانسان الحق (عن قولسي 2: 9).