بدء حياة يسوع العلنية ودعوة التلاميذ الأوَّلين (مرقس 1: 14-20)
الأب لويس حزبون
في الاحد الثالث للسنة يقدم لنا مرقس الإنجيلي نقطتين هامتين في بدء رسالة يسوع في الجليل: خدمته ودعوته للتلاميذ الاولين الذين هم نواة الكنيسة (مرقس 1: 14-20)؛ ومن هنا تكمن اهمية البحث في وقائع النص الانجيلي وتطبيقاته.
أولاً: وقائع النص الانجيلي (مرقس 1: 14-20)
14 وبَعدَ اعتِقالِ يوحَنَّا، جاءَ يسوعُ إِلى الجَليل يُعلِنُ بِشارَةَ الله، فيَقول:
تشير عبارة ” بَعدَ اعتِقالِ يوحَنَّا ” الى الوقت بعدما أٌسلم يوحنا المعمدان وبداية خدمة يسوع في الجليل، ومعنى ذلك انه كانت هناك فترة بين معمودية يسوع وخدمته في الجليل، ولكن مرقس الإنجيلي لا يخبرنا ما فعله يسوع في تلك الفترة. أمَّا عبارة ” اعتِقالِ يوحَنَّا ” فتشير الى هيرودس انتيباس، ابن هيرودس الكبير الذي أَمْسَكَ يوحنا المعمدان وأَوثَقَه في السِّجْن (مرقس 6: 17). وكان هيرودس يحكم الجليل وبيريه منذ موت والده. أمَّا عبارة “جاءَ يسوعُ إِلى الجَليل” فتشير الى لجوء يسوع الى الجليل ليتفادى الخطر الذي يهدّد الذي يهدد حياته، إذ يستخدم متى الانجيل فعل لجأ ἐξῆλθεν بدل ذهب ἦλθεν للدلالة على الخطر (متى 2: 12)؛ ويعلق الاب ثيوفلاكتيوس” لكي يظهر لنا السيد المسيح أنه يجب أن ننسحب في الاضطهادات ولا ننتظرها، لكن إن سقطنا تحتها نثبت فيها”. وفي انجيل لوقا نقرأ “عادَ يسوعُ إِلى الجَليلِ بِقُوَّةِ الرُّوح”(لوقا 4: 14)، أذ شرع يسوع في خدمة التعليم في المجامع مداوما عليها بدافع من الروح الذي تلقاه عند عماده. أمَّا عبارة ” الجليل” اسم عبري הַגָּלִילָה (معناه دائرة او مقاطعة) فتشير الى القسم الشمالي من الثلاثة الأقسام التي قُسمت اليها فلسطين في زمن المسيح في عصر الدولة الرومانية. أمَّا عبارة ” يُعلِنُ بِشارَةَ الله ” فتشير الى بدء يسوع بإعلان بشارة ملكوت الله كأول نشاط له في الجليل وردَ في انجيل مرقس الإنجيلي حيث يفتتح يسوع افتتاحا رسميا خدمته الرسولية، ويُعرِّف نفسه بالأقوال والاعمال. إذ ظهر يسوع على مسرح الاحداث يواصل كرازة يوحنا المعمدان. أمَّا عبارة ” بِشارَةَ الله، ” فتشير الى موضوع الكرازة. هذه العبارة لا تعني فقط ان البشرى تأتي من الله، بل أنها “قوة الله للخلاص” (رومة1: 16)، وأنها “كَلِمَةِ الحَقّ ” (قولسي 1: 5) وإعلان لعمل الله في يسوع المسيح. إن إعلان بشارة الله هي مهمّة الرسل الذين يتابعون عمل المسيح كما صرّح بولس الرسول ” فقَد لَقِينا في فيلِبِّيَ العَذابَ والإِهانَةَ كما تَعلَمون، ولكِنَّنا جَرؤْنا، لِثِقَتِنا بِإِلهِنا، أَن نُكلِّمَكم بِبِشارةِ الله في جِهادٍ كَثير” (1 تسالونيقي 2: 2).
15تَمَّ الزَّمانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله. فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة”:
تشير عبارة “تَمَّ الزَّمانُ” الى الوقت الذي حدَّده الله لتحقيق مواعده قد حان (مرقس 13: 20). لم يعد وقت الانتظار، وقت انتظار الرب قد تمّ وبدأ وقت التنفيذ؛ لقد انتهى العهد القديم، وبدأ العهد الجديد الذي عيّنه الله ليفيَ بمواعيده حيث ان النبوءات حدَّدت زمان مجيء المسيح كما جاء في سفر دانيال ” إذهَبْ، يا دانِيال، فإِنَّ الأَقْوالَ مُغلَقَةٌ ومَخْتومَةٌ إِلى وَقتِ النِّهاية. (دانيال 12: 9). لقد جاء زمن الملكوت، زمن الخلاص مع ظهور يسوع، فلا ننتظر زماناً آخر. ولعله يقصد ب “تَمَّ الزَّمانُ” بلوغ الشريعة نهايتها بمجيئه ليحقق ما قادتهم إليه الشريعة، وأيضًا تحقيق النبوات فيه. أمَّا عبارة “اقْتَرَبَ” فتشير الى الملكوت صار قريب او حاضر في ظهور شخص يسوع وتعليمه وأعماله. بمعنى أنه افتتح الملكوت افتتاحا سرّيا في شخص يسوع ونشاطه، على ان يُظهر علانية للجميع في وقت قريب. إن مجيء المسيح يجعل الملكوت قريبا من الناس. ان ملكوت الله الذي طال انتظاره قد اقترب. يريد المسيح أن يهتدي الناسُ الذين يأتون إليه كما جاء في تعليم بولس الرسول “إِنَّ الرَّبَّ قَريب؛ أَمَّا أَنتُم، أَيُّها الإِخوَة، فلَستُم في الظُّلُماتِ حتَّى يُفاجِئَكم ذلِك اليَومُ مُفاجَأةَ السَّارِق (1تسالونقي 5: 4)؛ أمَّا عبارة “مَلَكوتُ الله” فتشير الى واقع حاضر، وهو رجاء مقبل. حاضر منذ الآن في شخص يسوع المسيح ومن يصل الى الكنيسة، وبالكنيسة الى العالم. اتى يسوع بملكوت الله من السماء الى الارض للدلالة على محبة الله. وملكوت الله ليس مكان ندخل فيه، بل حالة نعيشها. وهو حكم الله في قلوب الناس وفي المجتمع البشري. أمَّا عبارة ” فَتوبوا ” فتشير الى جواب الانسان في كل مكان عن اعلان “تَمَّ الزَّمانُ “. وقد عبّر اليهود عن هذه التوبة، بقبول المعمودية لمغفرة الخطايا (متى 3: 6). ففعل “توبوا” يدل على في الاصل اليوناني μετανοεῖτε على تغيير في العقلية؛ أمَّا في الاصل العبري שׁוּבוּ فيدلُّ على تغيير الطريق ونمط الحياة والعودة بلا شرط الى الله، إله العهد. فالتوبة هي تغيير طريقة حياتنا ونظرتنا إلى الأمور لتتوافق مع نظرة يسوع. إنّ دعوة التوبة موجّهة للجميع، حيث أن الجميع مدعوّون للتغيّر. ويقوم التغير قبل كل شيء في الايمان الإنجيل، في الخبر السار لوجود الله في التاريخ، في تاريخنا. وفي هذا الصدد يقول بولس الرسول ” قد حانَت ساعةُ تَنبَهُّكمِ مِنَ النَّوم، فإِنَّ الخَلاصَ أَقرَبُ إِلَينا الآنَ مِنه يَومَ آمَنَّا. قد تَناهى اللَّيلُ واقتَرَبَ اليَوم. فْلنَخلَعْ أَعمالَ الظَّلام ولْنَلبَسْ سِلاحَ النُّور” (رومة 13: 11 – 12)، ويُعلق القديس يوحنا سابا “من ذا الذي لا يُحبُّكِ أيتها التوبة، يا حاملة جميع التطويبات إلا الشيطان، لأنكِ غنمتِ غناه وأضعت فناياه” وهذا هو الموضوع الرئيسي الذي عالجه إرميا النبي والانبياء في العهد القديم. وعبارة أخرى تؤكد هذه الآية ان الازمنة قد تمّت كما ورد في تعليم بولس الرسول ” لَمَّا تَمَّ الزَّمان، أَرسَلَ اللهُ ابنَه مَولودًا لامرَأَةٍ، مَولودًا في حُكْمِ الشَّريعةْ “(غلاطية 4: 4) وتدعو هذه الآية الى التوبة والى قبول البشارة بالإيمان كما صرّح بولس الرسول “لأَنَّ بِشارَتَنا لم تَصِرْ إِلَيكم بِالكَلامِ وَحْدَه، بل بِعَمَلِ القُوَّةِ وبِالرُّوحٍ القُدُسِ وبِاليَقينِ التَّامَّ “(1 تسالونيقي 1: 5-6). ونداء يسوع الى التوبة والايمان بالإنجيل، سيتواصل في الكرازة المسيحية، فيصبح بعد القيامة نداء لقبول الخلاص يُعطى لنا في يسوع المسيح. أمَّا عبارة ” آمِنوا بِالبِشارة ” فتشير الى دعوة الى قبول البشارة بالإيمان (1 تسالونيقي 1: 5-6). التوبة والايمان هما مفتاح الانجيل من ناحية الانسان، هكذا يفتتح القديس مرقس إنجيله، ويعلنُ عن رسالة الخلاص التي حملها يسوع إلى العالم. وهذا هو موضوع كرازة يسوع الاساسية.
أمَّا عبارة ” البشارة ” فتشير الى البشرى التي يعلنها الله للعالم بإرساله يسوع المسيح لإنشاء ملكوته، ومن هنا التعابير المختلفة: بشارة الله (رومة 1: 1) وبشارة يسوع المسيح (رومة 15: 19) وبشارة الملكوت (متى 4: 23) أن طابع البشارة الجديد يرتبط قبل كل شيء بشخص يسوع المسيح التي تتمُّ فيه المواعد. هذه هي الكلمات الاولى التي تكلم بها يسوع في انجيل مرقس، وهي تقدم لنا لُب تعاليمه: إن المسيح الذي طال انتظاره قد جاء ليبدأ ملكوت الله، كلماته هي بشارة لأنها تمنح الحرية والبركات والوعد بالحياة الأبدية.
16 وكانَ يسوعُ سائراً على شاطِئِ بَحرِ الجَليل، فرأَى سِمعانَ وأَخاهُ أَندَراوس يُلقِيانِ الشَّبَكَةَ في البَحر، ِلأَنَّهما كانا صَيَّادَيْن”:
تشير عبارة ” بَحرِ الجَليل ” الى بُحَيَرَةَ طَبَرِيَّة (يوحنا 6: 1) أو بحيرة جِنَّاسَرِت (لوقا 5 :1) نسبة للمناطق التي تحيط به او “البحر” (متى 4: 12)، وهي بحيرة عذبة، يبلغ طول سواحلها 53 كم وطولها 21 كم وعرضها 13 كم، ومساحتها تبلغ 166 كم2، وأقصى عمق فيها يصل إلى 46 متر، وهي على عمق 213 متر تحت سطح البحر، وهي تعتبر أخفض بحيرة مياه حلوة في العالم وثاني أخفض مسطح مائي في العالم بعد البحر الميت. ويُحدها الجليل غربًا وجبال الجولان شرقا ويصب فيها نهر الأردن من الشمال. أمَّا عبارة ” الشَّبَكَةَ” فتشير الى وسيلة الصيد في بحيرة طبرية: تُرمى، تغسل، وتهيّأ: هذا ما فعله التلاميذ الأولون: سمعان بطرس واندراوس (مرقس 1 :18؛)، ويعقوب ويوحنا (متى 4 :20-21). وأشارت الاناجيل إلى مشاهد الصيد: بالشبكة كما تمارس ليلاً فتحصل على عدد من الثمار، في إطار بحيرة طبريّة (يوحنا 21 :1-14). وساعدت مشاهد الحياة اليوميّة على تعليم حول الملكوت (متى 13 :47-50). ويسوع أحاط نفسه بصيّادين، جعل منهم “صيّادي بشر” (لوقا 5 :10). أمَّا عبارة ” صَيَّادَيْن ” فتشير الى مهنة الصيد. كان الصيد حرفة هامة حول بحيرة طبرية، وكان الصيد بالشباك أكثر طرق الصيد شيوعاً. وكانت كفرناحوم التي أصبحت الموطن الجديد للسيد المسيح (متى 4: 12) أكبر قرية بين أكثر من ثلاثين قرية كانت تحيط بحيرة طبرية في ذلك الوقت.
17 “فقالَ لَهما: اِتبَعاني أَجعَلْكما صَيادَي بَشَر”:
تشير عبارة ” اِتبَعاني ” الى السير وراء يسوع، ويدلُّ هذا الاتباع على ان هذين الصيادين صارا من تلاميذه. كان فعل “تبع” في الدين اليهودي في القرن الأول، يتضمن عادة التوقير والطاعة ومختلف الخدمات المترتّبة على تلاميذ الرابيين نحو معلميهم. ولكن إتباع يسوع، يتطلب من تلاميذه لا ان يكونوا سامعين فقط، بل معاونين وشهود لملكوت الله وعمّال في حصاده (متى 10: 1-27)، ويلازمون شخصه؛ ويقتضي إتِّباع يسوع أيضا حمل الصليب كما صرّح يسوع “مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صليبَه ويَتبَعْني “(متى 16: 24). وبأنّ الدروبَ التي يخطّها الربّ تسيرُ بنا إلى الحياة الأبديّة. طلب الرب يسوع من بطرس وأندراوس أن يتركا صيد السمك ليربحا الناس الى ملكوت الله. أمَّا عبارة” صَيادَي بَشَر” فتشير الى وعد يسوع ان يجعل من سمعان وأخيه اندراوس رجال يجتذبوا مَن حولهم الى المسيح مثل الصياد الذي يجذب السمك بالشباك الى قاربه، حيث يعملون مع يسوع في خلاص البشرية والعالم وليس فقط مستمعيه ليفكروا معه فقط. حين يكرز الرسل بالإنجيل، يجمعون الناس كما يجمع الصيّاد السمك في شبكته، يجمعونهم من اجل الدينونة ودخول ملكوت الله (متى 13:47-50).
18-فتَركا الشِّباكَ لِوَقتِهما وتَبِعاه:
تشير عبارة “فتَركا الشِّباكَ” الى ترك سمعان واندراوس الشباك، أمَّا يعقوب ويوحنا فتركا اباهما والاجراء والشباك، “وتَركوا كُلَّ شَيءٍ وتَبِعوه” (لوقا 5: 11). اما عبارة “تَركا” فيشير الى ترك العمل، والأسرة، والحياة السابقة لإفساح المجال، داخل النفس، كي يظهر شيء جديد وهو اتباع يسوع. إنه فعل أساسي وهو الامر الوحيد الذي يطلبه يسوع ليسكن في قلب الانسان. يُحوِّلني من ذاتي إليك وقد تكرر مرتين (مرقس 1: 18، 20). المقدرة على ترك العالم هي نعمة وبحاجة الى جهد للحصول عليها. أمَّا عبارة “لِوَقتِهما ” باليونانية εὐθὺς (معناها في الحال او للوقت) فتشير الى تعبير مرقس الإنجيلي الذي تكرر 41 مرة. ويعطيه مرقس الإنجيلي أهمية كبرى. أمَّا عبارة “تَبِعاه” فتشير الى من تبع يسوع أصبح تلميذاً له حيث يتحول الانسان من ذاته الى يسوع. كما جاء في تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني” ومن يتبع الرّب يسوع المسيح، ذلك الإنسان الكامل، يصبح هو أيضاً إنساناً كاملاً” (فرح ورجاء، دستور رعائيّ في “الكنيسة في عالم اليوم”، عدد 41). في العادة، يتبع التلميذ المعلم (الرابي)، ولكن مع يسوع تتبدّل الأمور، حيث التلميذ لا يختار معلمه، بل المعلم يختار تلميذه كما صرّح يسوع “لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم ” (يوحنا 15: 16). يسوع يدعو، فيلبِّي المدعو بطاعة فورية بدون تأخر فيها. ثم ان هؤلاء التلاميذ لا يكتفون بان يسمعوا، بل هم يشاركون كشهود للملكوت وعاملين في حصاد الرب (متى 10/ 1-27). فقد تعلّقوا بتعليم يسوع، وتعلّقوا بشخصه ايضا. والجموع ايضا تبعت يسوع وحاولت ان ترى فيه المعلم الذي لن تجده عند معلمي المجامع (متى 4: 25)؛ وفي النهاية هذا الاتباع يتوجب على كل مؤمن ان يحمل الصليب ويسير وراء يسوع كما صرّح يسوع لتلاميذه “مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صليبَه ويَتبَعْني” (متى 16: 24) . هذا ما فعله سمعان وأندراوس وهذا ما فعله يعقوب ويوحنا. سمع الاربعة النداء فتركوا كل شيء وتبعوا يسوع. فهم تخلوا عن مهنتهم للعيش مع المعلم. وهذا الامر يعبّر عن حالة جديدة في العيش مع يسوع، علما بأن اختيار الاثني عشر هو مثال للمؤمنين الذين سيسمعون نداء يسوع ويدعوهم الى التلمذة له.
19 وتَقَدَّمَ قَليلاً فَرأَى يَعقوبَ بْنَ زَبَدى وأَخاهُ يوحَنَّا، وهُما أَيضاً في السَّفينَةِ يُصلِحانِ الشِّباك”:
تشير عبارة ” يَعقوبَ بْنَ زَبَدى ” الى يعقوب الكبير، ويعقوب اسم عبري יַעֲקב (ومعناه يعقب، يمسك العقب، يحل محل)، وهو واحد الاثني عشر والاخ الأكبر ليوحنا الرسول (متى 4: 21) وكان والدهما زبدى صياداً في الجليل (مرقس 1: 19)، وكانت سالومَة أُمهما اخت يسوع (متى 27: 56) وبالتالي فيعقوب هو ابن خالة يسوع. وقد ترك مهنة الصيد وتبع يسوع ( لوقا 5: 10) ويذكره الانجيل دائما مع يوحنا رفيقه في العمل ( متى 10: 2) وكان الاثنان حاديَّ الطبع سريعي الانفعال والغضب ( مرقس 10/ 35-45) وهذا ما كان يعنيه يسوع عندما “لقَّبَهما بَوانَرْجِس، أَيِ : ابنَيِ الرَّعْد” ( مرقس 3: 17)، وكان لهما مقام خاص عند يسوع، فكانا معه مع بطرس عند إقامة ابنة يائيرس (مرقس 5: 37)، وعند التجلي ( متى 17: 1) ، وعند نزاعه في الجسمانية (متى 26: 37)، وختم شهادته بالموت، لان هيرودس أغريبا الأول أمر بقطع راسه ( اعمال الرسل 12: 1-2 ) وكان ذلك على الأرجح سنة 44، وبذلك كان اول الرسل الذين ختموا حياتهم بدم شهادتهم. أمَّا عبارة ” يوحَنَّا ” اسم عبري יוֹחָנָן (معناه الله حنون) فيشبر الى يوحنا الرسول، دعاه يسوع مع أخيه يعقوب. أمَّا امه سالومَة فقد كانت سيدة فاضلة تقية. وكانت احدى النساء اللواتي اتبعن المسيح ففي الجليل وخدمته (مرقس 15: 40) وإحدى اللواتي شاهدن الصلب (متى 27: 56) وذهبن الى القبر صباح القيامة مع النساء وهن يحملن طِيباً (مرقس 16: 1). وقد اتخذ يوحنا مهنة الصيد حرفة، لان عادات اليهود كانت تقضي على أولاد الاشراف ان يتعلموا حرفة ما. وكان يوحنا من تلاميذ المعمدان ومن تلاميذ يسوع الاوَّلين (متى 4: 21)، وكان معروفا لدى قيافا رئيس الكهنة (يوحنا 18: 15)، وكان هو واخوه يعقوب طموحان الى العظمة والمجد، فقد طلبت أمهما من المسيح ان يجلس واحد منهما يمينه والآخر من يساره (متى 20: 20-24). وقد وثق يسوع بيوحنا وأحبَّه بتوع خاص وذلك يظهر من تسميته له ” بالتلميذ الحبيب” وظلَّ يوحنا امينا للمسيح حتى الصليب واخذ منه وصية بعناية بأمه، وهو وأول من آمن بقيامة المسيح (يوحنا 20: 1-10) وكان أحد أعمدة الكنيسة في اورشليم الى جانب يعقوب وبطرس (اعمال الرسل 15: 6) ولدينا في العهد الجديد خمسة اسفار نُسبت الى يوحنا وهي: الإنجيل الرابع، والرسائل الثلاث، وسفر الرؤيا. وكان بوليكاربوس وبانياس واغناطيوس من تلاميذه ويقول ايريناوس ان يوحنا بقي في أفسس حتى وفاته في حكم تراجان ويقول ايرونيموس انه توفي سنة 98 م. أمَّا عبارة فعبارة يصلحان “لا تعني بالضرورة “يحيكان” الشباك بل يجعلانها صالحة للعمل.أمَّا عبارة “السَّفينَةِ” فتشير الى القارب وهو يرمز الى الجماعة الجالسة حول يسوع. ها هو يسوع يجتذب إليه أربعة رجال لم ولن يتخلوا عنه ونشاهدهم دوما يحيطونه. وهؤلاء الرجال هم اللبنة الأولى في صرح الكنيسة.
20 فدَعاهُما لِوَقتِه فتَركا أَباهُما زَبَدى في السَّفينَةِ معَ الأُجَراءِ وتَبِعاه”:
تشير عبارة “لوقته” εὐθὺς (معناها في الحال او للوقت) الى ان سمعان وأندراوس تركا الشباك في الحال.
أمَّا عبارة ” فتَركا أَباهُما زَبَدى في السَّفينَةِ ” فتشير الى ان يعقوب ويوحنا، فتركا أباهما والأجراء والشباك في الحال بمعنى أن اتباع يسوع قد يستلزم هجر الحرفة وقصم عرى الروابط العائلية. ومن هنا نجد التجرد التام المطلوب من تلاميذ يسوع واتباعه. كان هذان الاخوان يعرفان بسوع من قبل (يوحنا 1: 41-42)، وعندما دعاهما يسوع، كانا يعلمان أي رجل هو، وكانا على استعداد لاتباعه، بل كانا مقتنعين بأن اتباعهما له سيغيّر حياتهما الى الابد. اما عبارة “السفينة ” πλοῖον مركبة تستخدم في التنقل خلال الأنهار والبحيرات والبحار والصيد، اما القارب πλοιάριον فهو أصغر المركبات البحرية من حيث الوزن والحجم. أمَّا عبارة ” الأُجَراءِ ” فتشير الى ان يوحنا كان على جانب من الغنى لان أباه كان يمللك عدداً من الخدم المأجورين.
ثانياً: تطبيقات النص الإنجيلي (مرقس 1: 14-20)
بعد دراسة موجزة عن وقائع النص الإنجيلي (مرقس 1: 14-20)، نستنتج انه يتمحور حول بدء رسالة يسوع في الجليل التي تتضمن نقطتين هامتين: خدمة يسوع ودعوته للتلاميذ الاولين.
اولا: بدء رسالة يسوع العلنية في الجليل:
بدأ يسوع بإعلان البشرى السارة حول ملكوت الله قائلا “اقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله. فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة”. هذه الكلمات الاولى وهي لُب تعليم يسوع في انجيل مرقس. فيسوع لا يكتفي بإعلان الملكوت، إنّه يجسده بنفسه، وكما يقول القديس ايريناوس «إنّه الملكوت شخصياً»، إنّه حضور الله في قلب إنسانيتنا.
يعلن يسوع عهداً جديداً، وهو عهد النعمة والخلاص، ويدعو يسوع الناس بكلماته إلى احتضان النبأ الجديد، حقيقة ملكوت الله بالذات، تلك البُشرى العظيمة التي يَضعها في مُتناول الجميع، وهي قريبة من كل إنسان؛ إنه يدلنا فوراً على الطريق التي يجبُ إتباعها، طريق التوبة والإيمان بالإنجيل، أي التغيير الجذري لحياتنا وقبول الكلمة التي يوجهها الله، من خلالِ يسوع، إلى البشرية في الأزمنة كلها، حيث ان التوبة والإيمان مُتلازمان، لا تقوم التوبة من دون إيمان، فالاثنان ينبعان من تلاقيهما بالكلمة الحية ومن حُضور يسوع الذي لا يزالُ يُردد اليوم أيضاً ” توبوا وآمنوا البشارة”.
إن المسيح الذي طال انتظاره قد جاء ليبدأ ملكوت الله على الارض، وغالبية الناس الذين سمعوا تعليمه كانوا من الفقراء والمساكين والمظلومين والخطاء وبالتالي فاقدي الرجاء. فكانت كلمات يسوع سارة لهم، لأنها بشرى الحرية والبركة والوعد بالحياة الابدية. إذ ان المسيح كمّل يسوع زمن الانتظار؛ وملكوت الله الذي طال انتظاره قد اقترب. وعلى الناس في كل مكان ان يتوبوا ويؤمنوا حيث ان التوبة والايمان هما مفتاح الانجيل. وأمَّا ملكوت الله هو حكم الله في قلوب الناس وفي المجتمع. وقد عُرف بشارة الانجيل يسوع منذ أكثر من ألفيّ سنة، ولكنّه يُعلنه دائماً، بواسطة الكنيسة، في كلّ مرّة نسمع فيها: تَمَّ الزَّمانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله. فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة”(مرقس 1: 15)
ثانيا: دعوة التلاميذ الأربعة الاوَّلين:
في بدء رسالته في الجليل اختار يسوع أربعة تلاميذ له لكي يعترف به “رابي” او معلما، وهؤلاء التلاميذ هم الصيادون: سمعان واندراوس ويعقوب ويوحنا على شاطِئِ البحيرة، دعاهم الرب “لِكَي يَصحَبوه، فيُرسِلُهم يُبَشِّرون» (مرقس 3: 14)، ويشتركون معه في إعلان بشارة الملكوت، وحمل لواء الدعوة بعد صعوده. ولم يعد هم الذين يقررون حياتهم، وتحديد طريقهم. لقد رأوا في يسوع ملكوت الله في متناول اليد، فغيّروا حياتهم، إذ تخلوا عن نظرتهم الى العالم، من أجل مخطط الله.
فقد دفعتهم دعوته الى ترك أعمالهم فورا. لم يحاولوا الاعتذار بان الوقت لم يكن ملائماً، بل تركوا عملهم في الحال وتبعوه. ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم “انظروا بإعجاب إلى إيمان التلاميذ وطاعتهم. سمعوا في منتصف عملهم نداء يسوع، فلم يتردّدوا لحظة ولم يقولوا: “دعنا ندخل إلى المنزل لنكلّم أقاربنا”. كلاّ، بل تركوا كلّ شيء وتبعوه، كما فعل أليشاع مع إيليّا (1ملوك 19: 20). هذه هي الطاعة التي يطلبها المسيح منّا، بدون أيّ تردّد، حتّى لو كانت تضغط علينا أمور ملحّة أكثر ظاهريًّا”. المسيح يدعو الناس، ليس لما هم عليه، بل لما يجعلهم ان يكونوا. الشرط الاساسي للدعوة ان يكونوا مستعدين لطاعته.
وما هو رمز أربعة أشخاص؟ وبدأ بشارة الانجيل بدعوة أربعة تلاميذ. سمعان وأندراوس، ويعقوب ويوحنا ابني زبدي. فالعدد اربعة يرمز الى العالم كله؛ فهم يمثلون العالم بأقطاره الاربعة وقد دُعوا من اجل العالم. وهؤلاء الاربعة هم جزء من الحلقة الرسولية. وهم اللبنة الاولى في صرح الكنيسة. ويعلق القديس ايرونيموس ” أن هؤلاء التلاميذ الأربعة هم أربعة حجارة حيَّة أقامها السيد المسيح لبناء الكنيسة الحيّة”. وهنا نرى مبادرة يسوع في الدعوة وطاعة البشر في الاستجابة.
دعا اربعة صيّادين ليكونوا تلاميذه، ومن ثمة أعضاء في جماعة الاثني عشر (مرقس 3: 13-19) وأُرسلهم (مرقس 6: 7-13) ليكونوا رسله (مرقس 6: 30). ويقول العلامة أوريجانوس” وقد اختارهم أميين لكيلا يُنسب نجاحهم في العمل للفصاحة والفلسفة، وإنما لعمله الإلهي فيهم”. دعاهم من بحر الجليل، كما من بحر هذا العالم، لكي يرفعهم فوق أمواجه، وينتشلوا كل نفس سحبتها دوامته.
ولعلَّ هؤلاء الأربعة بأسمائهم يشيرون إلى الفضائل الأربعة اللازمة في الحياة المسيحية أو التلمذة للسيد المسيح، فالأول سمعان يعني الاستماع أو الطاعة للرب ولوصيته، فقد لُقب ببطرس أي الصخرة، لأن كل طاعة للرب إنما تقوم على صخرة الإيمان. وأندراوس يعني الرجولة أو الجدية، إذ كثيرون يقبلون الإيمان بالفكر لكنهم غير جديين في حياتهم أو عملهم. ويعقوب يعني التعقب والجهاد أو المصارعة الروحية حتى النهاية، وأخيرًا يوحنا يعني الله حنان أو منعم، إذ لا قبول لدعوة الله والتمتع بالتلمذة ما لم ينعم الرب بها عليه ويتحنن. واما الأب ثيوفلاكتيوس فيقول “أن هؤلاء الأربعة بدأوا ببطرس المعروف بانهماكه في العمل وانتهوا بيوحنا المعروف بحياته التأملية، الأول في رأيه يشير للحياة العاملة، والثاني للحياة التأملية. فلا بلوغ للتمتع بالتأمل في الإلهيات ما لم تكن لها الحياة العاملة المجاهدة أولًا! وإن كان بالحقيقة يصعب عزلهما أو فصلهما إذ هما حياة واحدة”
ولماذا استجاب هؤلاء التلاميذ لدعوة المسيح؟ فهي أولا شهادة يوحنا المعمدان للمسيح حيث يعلق الأب ثيوفلاكتيوس ” أن سمعان وأندراوس كانا تلميذين ليوحنا المعمدان (يوحنا 1: 35-40). إذ سمعا معلمهما يشهد للسيد المسيح تبعاه، لكنهما كانا يعودان للصيد مع أبيهما، لهذا ما ورد هنا في إنجيل مرقس لم يكن اللقاء الأول بين السيد وبينهما، لكن دعوة السيد لهما سحبتهما من العمل الزمني للتكريس الكامل للتلمذة والكرازة”.
وهناك سبب آخر وهو حوار يسوع معهم لمدة يوم كامل كما جاء في بدء انجيل يوحنا (يوحنا 35:1-42)، ورؤية معجزات الشفاء التي أجراها المسيح أمامهم (متى 24:4) خاصة معجزة صيد السمك الكثير جعلتهم يطمئنون لتدبير الله لاحتياجاتهم المادية (لوقا 6:5-7) واخير ا سمعوا تعاليمه للجموع من سفينة سمعان (لوقا 5: 3). فمن يعرف المسيح حقيقة يترك كل شيء حاسبًا إياه نفاية ويكرس نفسه للمسيح كما جاء في خبرة بولس الرسول ” أَعُدُّ كُلَّ شَيءٍ خُسْرانًا مِن أَجْلِ المَعرِفَةِ السَّامية، مَعرِفةِ يسوعَ المسيحِ رَبِّي. مِن أَجْلِه خَسِرتُ كُلَّ شَيء وعدَدتُ كُلَّ شَيءٍ نُفايَة لأَربَحَ المسيحَ” (فيلبي 3: 8).
وما هي نتيجة هذه الدعوة؟ فقد وجد سمعان واندراوس ويعقوب ويوحنا أنفسهم في شخص يسوع، ومن ثَم وجدوا معنى حياتهم وقيمتها في الارتباط بشخصه، ووجدوا ذواتهم وحرّيتهم مع يسوع، فانطلقوا معه يرافقونه، يتعلّمون منه حبّ الناس واحترامهم، والكد من أجل سعادتهم وكرامتهم وحرّيتهم. كلّ شيء قد تغيير بفضل معرفتهم يسوع. صار للحياة معنىً جديدًا، عرفوا طعم الفرح والسلام الداخلي الذي لا ينزعه أحد، وامتلأت حياتهم بالشفقة والتضامن مع سائر الناس. إنّ أعظم مهمّة للإنسان هي أن يجد عملاً يلاقي فيه نفسه.
قد يقول البعض: ماذا ترك هؤلاء الصيادون من أشياء ثمينة تلبية لنداء الربّ؟ هؤلاء الصيّادون لا يملكون شيئًا تقريبًا؟” يجبب القدّيس غريغوريوس الكبير “لقد تركوا الكثير، لأنّهم تخلّوا عن كلّ شيء، مهما يكن هذا الشيء قليلاً. إذ عندما تخلّوا عن ممتلكاتهم، تخلّوا كذلك عن رغباتهم. فإنّ الربّ يكتفي بممتلكاتنا الخارجيّة مهما كانت صغيرة: هو يهتمّ للقلب لا للأسعار، إذ لا يرى كم قدّمنا له، إنّما كم من المحبّة رافقت تقدمتنا”. قدّم التلاميذ ليس فقط القليل مما يملكون، إنما قدّموا كل شيء، مثل الارملة الفقيرة التي “أَلقَت جَميعَ ما تَملِكُ لِمَعيشَتِها في خزانة الله ” (لوقا 21: 4) .
ان الحياة المسيحية هي دعوة الانسان ان يكون مستعداً للتضحية بكل شيء من اجل المسيح. وهذا الاستعداد هو الدعوة، هكذا الرسل الاربعة، فما ان طرقت الدعوة قلوبهم حتى تركوا كل شيء في سبيل ملكوت الله. يترك المدعوون كل شيء: مالا، ومهنة، وأهلاَ ومتاعاً. وهم لا ينظرون الى الوراء في شيء مما تركوا. والتركة هي التضحية. فيتوجب علينا نحن ايضا ان نلبي دعوت الرب لنا وان نتبعه للعمل معه، ونعمل على انجاح مهمته في خلاص البشرية على خطى بولس الرسول القائل “إِنِّي لا أَستَحيِي بِالبِشارة، فهي قُدرَةُ اللهِ لِخَلاصِ كُلِّ مُؤمِن” (رومية 1: 16).
الخلاصة
لقد تقابل الاخوان بطرس وأندراوس والاخوان يعقوب ويوحنا مع يسوع وعرفوه من قبل (يوحنا 1/15-41)، وآمنوا ان يسوع هو المسيح المنتظر. والآن هو يدعوهم الى خطوة أخرى؛ وهي ان يتركوا صيد السمك ويتبعوه كي يصبحوا صيادي البشر لربح النفوس رغم أهلهم وكلّ التزاماتهم ومشاريعهم. قد اجتذب يسوع هؤلاء التلاميذ الاربعة فتخلوا عن حرفة الصيد وصاروا أتباع يسوع. وهم الآن لم ولن يتخلوا عنه بل بقوا دوما حوله. والرب يسوع يدعو كل واحد منا لنتبعه، وعندما يدعونا الرب لخدمته، يجب ان نكون مثل أولئك التلاميذ فنتبعه فورا.
والدعوة تختلف باختلاق الناس: فمنهم من دُعوا الى حياة مسيحية خاصة، فاعتنقوا لها المشورات الإنجيلية نذوراً. ومنهم دُعوا الى حياة مسيحية عامة، فاتخذوا لها الانجيل قاعدة ودستوراً. ولكن الدعوة لا تطلب منّا أن نكون لا مباليين بخيرات هذا العالم؛ إنما فقط يحثنا على ألاَّ نتصرف كما لو أن هذا العالم ليس مطبوعاً ببداية الملكوت والحياة الأبدية كما جاء في تعليم بولس الرسول “الَّذينَ يَبْكون كأَنَّهم لا يَبْكون، والَّذينَ يَفرَحون كأَنَّهم لا يَفرَحون، والَّذينَ يَشتَرون كأَنَّهم لا يَملِكون، والَّذينَ يَستَفيدونَ مِن هذا العالَم كأَنَّهم لا يستفيدونَ حَقًّا” (1 قورنتس 7: 30-31).
دعاء
أيها الاب السماوي، يا من أرسلت ابنك الوحيد يدعو التلاميذ لكي يصبحوا رسلا، ويحملوا رسالة إنجيل الملكوت الى العالم، امنحنا النعمة ان نكتشف دعوته لنا فنتبعه على مثال التلاميذ الأوّلين بروح التوبة ونتخلى عن كل شيء في سبيله وننقل انجيله إلى أخوتنا البشر من حولنا وفي كلّ مكان، مستنيرين بكلماته “فماذا يَنفَعُ الإِنسانَ لو رَبِحَ العالَمَ كُلَّه وخَسِرَ نَفْسَه؟”(مرقس 8: 36). أمين.