تأملات آباء الكنيسة حول الايمان
آباء الكنيسة
الإيمان بأقوال القديس بوليكاربوس الأسقف (69- 156)
“أَقِيموا على هذا، وٱقتدوا بالرَّبّ، وكونوا “أشِدَّاءَ فِي الإِيمَانِ، ثَابِتِينَ، مُحِبِّينَ لإخوتِكُم وَلبَعضِكُم بَعضًا”، مشتركِين في الحقّ، محتملِين بعضُكم بعضًا بحنانِ الربّ، ولا تحتقروا أحدًا”.
…………………….
الإيمان في أقوال (القديس كولومبانس رئيس الدير 563- 615)
“آمِنْ ببساطة، ولكن آمِنْ بِقُوَّة، أنَّ اللهَ هو الآن هكذا، وهكذا سوف يكون، وهكذا كان، وهو غيرُ قابلٍ لأيِّ تبدُّل”. (القديس كولومبانس رئيس الدير 563- 615)
“إِذا أَرادَ أَحَدٌ أَنْ يَعْرِفَ بِماذا يَجِبُ أَنْ يؤمن، لا يَحسَبَنَّ أَنَّ البلاغَةَ سوفَ تُسعِفُه أَكثَرَ مِنَ الإِيمان. إِذا طَلَبْتَ الحِكمَةَ الإلهِيَّةَ بِهذِه الطَّريقَة، ٱزدادَتْ عَنكَ بُعدًا”.
(القديس كولومبانس رئيس الدير 563- 615)
“أُطلُبْ إِذًا العِلمَ العَلِيّ، لا في الجَدَلِ الكَلامِيِّ، بَلْ في كَمالِ الأَخلاقِ الصَّالِحَة، لا باللِّسانِ بل بالإيمانِ الصَّادِرِ عَن بَساطَةِ القَلبِ لا عن تبجُّحِ العِلْم. إِذا طَلَبْتَ بِبَلاغَةِ الكَلامِ ما تَعْجَزُ عَنه بلاغَةُ الكَلامِ ٱبتَعَدَ عَنكَ ما طَلَبْتَ. أَمَّا إِذا طَلَبْتَه بالإِيمان، ثَبَتَتِ الحِكمَةُ عِندَ بابِكَ حَيثُ تُقيم. ويُمكنُ أَنْ تَراها حَيثُ هي، ولو بِصورَةٍ جُزئِيَّة. إِنَّكَ وَصَلْتَ وأَدرَكْتَ حَينَ آمَنْتَ بِما لا يُرى ومِن غيرِ أَنْ تَفهم. اللهُ يَجِبُ الإِيمانُ بِهِ كما هو، فَهو لا يُرى، ولو أَنَّ القَلبَ الطَّاهِرَ يُمكِنُه أَنْ يَراهُ رُؤيَةً جُزئيَّة”.
(القديس كولومبانس رئيس الدير 563- 615)
…………………….
الإيمان في أقوال البابا بندكتوس السادِس عشر (1927…)
“الإيمانُ هو فِعْلُ ثِقَةٍ واثقةٍ في “أَنتَ”، هو الله، الذي يعطيني يقينًا مختلفًا، ولكن ليس أقلّ صلابة من ذاك الذي يأتيني من الحسابِ الدَّقيقِ أو من العِلم”.
“ليس الإيمانُ مجرَّدُ موافقةٍ فكريّةٍ للإنسانِ على حقائقَ خاصّةٍ بالله؛ إنّه عملٌ أَثِقُ بِه بحريّةٍ بالله الذي هو أبٌ يحبّني؛ إنّه ٱنضمامٌ إلى “أنتَ” يعطيني الأمل والثقة”.
“ليس هذا الانضمامُ إلى الله خالِيًا بالطبعِ من المحتويات: معه نُدرِكُ أنَّ اللهَ نفسَه أَظْهَرَ ذاتَه لنا في المسيح، أَظْهَرَ مُحيَّاهُ وجَعَلَ نفسَه حقًّا قريبًا لكلِّ واحدٍ مِنَّا: لا بل أَظْهَرَ اللهُ أَنَّ محبَّتَه تجاهَ الإنسان، تجاهَ كلِّ واحدٍ منّا، هي من غيرِ حدود: على الصليبِ، يَظهَرُ يسوعُ الناصريّ، ٱبنُ اللهِ الذي صارَ إنسانًا، لنا بالطريقة الأكثرِ إنارةً إلى أيِّ مدى تصلُ هذه المحبَّة، حتّى بَذْلِ ذاته، حتّى التضحيةِ الكامِلَة”.
“أَنْ يكونَ لنا الإيمان، إذن، هو أن نلتقيَ بهذا الـ “أَنتَ”، بالله، الذي يُسانِدُني ويُعطيني وَعدَ محبّةٍ لا يمكنُ تدميرُها، لا تصبو إلى الأبديّةِ فحَسب، بل تمنحُها؛ إنّها ثقتي بالله على مثالِ موقفِ الطفل، الذي يعرفُ جيّدًا أنّ كلَّ صعوباتِه، كلَّ مشاكِلِه بمأمَنٍ في “أنتَ” الأُمّ”.
“إِنَّ الإيمانَ المسيحيَّ يعني أَن أُسلِّمَ نفسي بثقةٍ إلى المعنى العميقِ الذي يَدْعَمُني أَنا والعالم، ذاك الشُّعورُ الَّذي لا نقدِرُ أَنْ نمنحَه لأَنفُسِنا، بل أَنْ نتلقَّاه كهبةٍ فحَسب، والذي هو الأساسُ الذي به نعيش من دونِ خوف. وهذا اليقينُ المُحرِّرُ والمُطمئِنُ للإيمانِ علينا أن نُعلِنَه بالكلمةِ حتى نُظْهِرَه في حياتِنا كمسيحيّين”.
“لا يُمكِنُنا أن نؤمِنَ باللهِ لأنّه هو الذي يقتربُ مِنَّا ويَمِسُّنا، لأنَّ الرُّوحَ القُدُس، هِبَةُ القائمِ من الموت، يُمكِّنُنا من تَقَبُّلِ اللهِ الحيّ”.
“الإيمانُ هو في المقامِ الأوَّلِ هِبّةٌ فائقةُ الطبيعة، هِبَةٌ من الله”.
“الإيمانُ هو أَنْ نَثِقَ بِكُلِّ حريّةٍ وبِفَرَحٍ بمشروعِ العنايةِ الإلهيّةِ في التاريخ، كما فَعَلَ أبونا إبراهيم، كما فَعَلَتْ مريمُ الناصريّة. الإيمانُ إذًا هو موافقةٌ يقول بها عقلُنا وقلُبنا الـ “نعم” خاصّتَهما لله، بالاعترافِ بأنَّ يسوعَ هو الرَّبّ. وهذه الـ “نعم” تحوِّلُ الحياة، وتفتحُ لها الطريقَ نحوَ ملءِ المعنى، فتجعلُها جديدةً ومليئةً بالبهجةِ والرَّجاءِ الواثِق”.
“المجاهرةُ بالإيمانِ بالثالوث، الآبِ والابنِ والرُّوحِ القُدُس يعني الإيمانُ بإلهٍ واحدٍ هو المَحبَّة”.
“الإيمانُ بيسوعَ المسيحِ هو إذًا الطريقُ لنبلُغَ بشكلٍ نهائيٍّ إلى الخلاص”.
“إنَّ الإيمانَ الذي يعمَلُ بالمَحبَّة (غلاطية 5: 6) يصبحُ مِقياسًا جديدًا للتفكيرِ والعمَلِ يُحوِّلُ حياةَ الإنسانِ كلّها”.
“أجَلْ ينمو الإيمانُ عندما نعيشَه كحُبٍّ نتقبّلُه وعندما ننقُلُه كخبرة نعمةٍ وفرح. الإيمانُ يجعلُنا نُثمِرُ لأنّه يوسِّعُ قلَبَنا في الرَّجاءِ ويُتيحُ لنا أن نُقَدِّم شهادَةً تُنْعِشُ الحياة”.
“الإيمانُ ينمو ويتقوَّى فقط عندما نؤمن”.
“إنَّ الإذعانَ الذي نقومُ به يقتضي عندما نؤمنُ أنَّنا نقبَلُ سِرَّ الإيمانِ بمُجمَلِه لأنَّ اللهَ نفسَه الذي يوحي ويُتيحُ لنا معرِفَةَ سِرِّ مَحبَّتِهِ هو الضامِنُ لحقيقتِه”.
…………………….
الإيمان في أقوال البابا بندكتوس السادِس عشر (1927…)
“الإيمانُ هو فِعْلُ ثِقَةٍ واثقةٍ في “أَنتَ”، هو الله، الذي يعطيني يقينًا مختلفًا، ولكن ليس أقلّ صلابة من ذاك الذي يأتيني من الحسابِ الدَّقيقِ أو من العِلم”.
“ما نُؤمِنْ بِهِ مُهِمْ، إِنَّما الأَهَمُّ هوَ مَن نُؤمِنْ بِهِ”.
“ليس الإيمانُ مجرَّدُ موافقةٍ فكريّةٍ للإنسانِ على حقائقَ خاصّةٍ بالله؛ إنّه عملٌ أَثِقُ بِه بحريّةٍ بالله الذي هو أبٌ يحبّني؛ إنّه ٱنضمامٌ إلى “أنتَ” يعطيني الأمل والثقة”.
“ليس هذا الانضمامُ إلى الله خالِيًا بالطبعِ من المحتويات: معه نُدرِكُ أنَّ اللهَ نفسَه أَظْهَرَ ذاتَه لنا في المسيح، أَظْهَرَ مُحيَّاهُ وجَعَلَ نفسَه حقًّا قريبًا لكلِّ واحدٍ مِنَّا: لا بل أَظْهَرَ اللهُ أَنَّ محبَّتَه تجاهَ الإنسان، تجاهَ كلِّ واحدٍ منّا، هي من غيرِ حدود: على الصليبِ، يَظهَرُ يسوعُ الناصريّ، ٱبنُ اللهِ الذي صارَ إنسانًا، لنا بالطريقة الأكثرِ إنارةً إلى أيِّ مدى تصلُ هذه المحبَّة، حتّى بَذْلِ ذاته، حتّى التضحيةِ الكامِلَة”.
“أَنْ يكونَ لنا الإيمان، إذن، هو أن نلتقيَ بهذا الـ “أَنتَ”، بالله، الذي يُسانِدُني ويُعطيني وَعدَ محبّةٍ لا يمكنُ تدميرُها، لا تصبو إلى الأبديّةِ فحَسب، بل تمنحُها؛ إنّها ثقتي بالله على مثالِ موقفِ الطفل، الذي يعرفُ جيّدًا أنّ كلَّ صعوباتِه، كلَّ مشاكِلِه بمأمَنٍ في “أنتَ” الأُمّ”.
“إِنَّ الإيمانَ المسيحيَّ يعني أَن أُسلِّمَ نفسي بثقةٍ إلى المعنى العميقِ الذي يَدْعَمُني أَنا والعالم، ذاك الشُّعورُ الَّذي لا نقدِرُ أَنْ نمنحَه لأَنفُسِنا، بل أَنْ نتلقَّاه كهبةٍ فحَسب، والذي هو الأساسُ الذي به نعيش من دونِ خوف. وهذا اليقينُ المُحرِّرُ والمُطمئِنُ للإيمانِ علينا أن نُعلِنَه بالكلمةِ حتى نُظْهِرَه في حياتِنا كمسيحيّين”.
“لا يُمكِنُنا أن نؤمِنَ باللهِ لأنّه هو الذي يقتربُ مِنَّا ويَمِسُّنا، لأنَّ الرُّوحَ القُدُس، هِبَةُ القائمِ من الموت، يُمكِّنُنا من تَقَبُّلِ اللهِ الحيّ”.
“الإيمانُ هو في المقامِ الأوَّلِ هِبّةٌ فائقةُ الطبيعة، هِبَةٌ من الله”.
“الإيمانُ هو أَنْ نَثِقَ بِكُلِّ حريّةٍ وبِفَرَحٍ بمشروعِ العنايةِ الإلهيّةِ في التاريخ، كما فَعَلَ أبونا إبراهيم، كما فَعَلَتْ مريمُ الناصريّة. الإيمانُ إذًا هو موافقةٌ يقول بها عقلُنا وقلُبنا الـ “نعم” خاصّتَهما لله، بالاعترافِ بأنَّ يسوعَ هو الرَّبّ. وهذه الـ “نعم” تحوِّلُ الحياة، وتفتحُ لها الطريقَ نحوَ ملءِ المعنى، فتجعلُها جديدةً ومليئةً بالبهجةِ والرَّجاءِ الواثِق”.
“المجاهرةُ بالإيمانِ بالثالوث، الآبِ والابنِ والرُّوحِ القُدُس يعني الإيمانُ بإلهٍ واحدٍ هو المَحبَّة”.
“الإيمانُ بيسوعَ المسيحِ هو إذًا الطريقُ لنبلُغَ بشكلٍ نهائيٍّ إلى الخلاص”.
“إنَّ الإيمانَ الذي يعمَلُ بالمَحبَّة (غلا 5/6) يصبحُ مِقياسًا جديدًا للتفكيرِ والعمَلِ يُحوِّلُ حياةَ الإنسانِ كلّها”.
“أجَلْ ينمو الإيمانُ عندما نعيشَه كحُبٍّ نتقبّلُه وعندما ننقُلُه كخبرة نعمةٍ وفرح. الإيمانُ يجعلُنا نُثمِرُ لأنّه يوسِّعُ قلَبَنا في الرَّجاءِ ويُتيحُ لنا أن نُقَدِّم شهادَةً تُنْعِشُ الحياة”.
“الإيمانُ ينمو ويتقوَّى فقط عندما نؤمن”.
“إنَّ الإذعانَ الذي نقومُ به يقتضي عندما نؤمنُ أنَّنا نقبَلُ سِرَّ الإيمانِ بمُجمَلِه لأنَّ اللهَ نفسَه الذي يوحي ويُتيحُ لنا معرِفَةَ سِرِّ مَحبَّتِهِ هو الضامِنُ لحقيقتِه”.
“إِنَّ الإيمانَ يُجذِّر في القلبِ وفي الرُّوحِ الإِقتناعَ الثابتَ بأنَّ هذا الحبّ، بالضبط، هو الحقيقة الوحيدة المنتصرة على الشَّرِّ وعلى الموت”.
“الإيمانُ، كعطيّةٍ وجواب، يجعلُنا نعرفُ حقيقةَ المسيحِ كحُبٍّ مُتَجَسِّدٍ ومصلوب، وكٱنتماءٍ كاملٍ وشاملٍ إلى إرادةِ الآبِ وكرحمةٍ إِلهِيَّةٍ لا حَدَّ لها نَحو القَريب”.
“إنَّ الإيمانَ يُشكِّلُ ٱنتماءً شخصيًّا “يشمل جميعَ قِوانا” إِلى وحي المحبّة المجّانية و”الشغوفة” الذي أظهره الله لنا، والذي يكشف عن ذاته كاملًا في يسوعَ المسيح”.
إِنَّ “الإيمانَ يُظهِرُ لنا الله الذي أعطانا ٱبنه ويستنهض فينا هكذا اليقين الظافر بأنّه لحقيقيٌ التأكيد: إن الله محبة!… إنَّ الإيمان، الذي يفطن لحبِّ الله المتجلّي في قلب يسوعَ المطعونِ على الصليب، يدفعنا بدوره نحو الحبّ. هذا كلّه يجعلنا نفهم أن الموقفَ الأساسيَّ الذي يميّز المسيحيّين هو بالتأكيد “المحبُّ المرتكز على الإيمان والمصوغُ منه”.
“بالإيمان ندخل في الصداقة مع الرَّبّ؛ وبالمحبّة نحيا وننمّي تلك الصداقة (يو 15: 14 ي)”.
“الإيمانُ يجعلنا نتقبّل وصيّةَ الرَّبّ والمعلّم؛ والمحبّةُ تمنحنا الطوبى بأن نعمل بها (يو 13: 13-17)”.
“في الإيمان، نولد كأبناءٍ لله (يو 1: 12)؛ والمحبّةُ تجعلنا نثبت حقيقيًّا في البُنوَّة الإلهيّة، ونعطي ثمرَ الرُّوحِ القُدُس (غلاطية 5: 22)”.
“الإيمانُ يجعلنا نتعرَّف على العطايا التي يأتمنا عليها الرَّبُّ الصالحُ والكريم؛ والمحبّةُ تجعلها تؤتي ثِمارًا الوافرة (متى 25: 14-30)”.
“الإيمانُ يسبِقُ المحبّة، لكنه يبدو أصيلًا فقط إذا كلَّلته هذه. إنَّ كُلَّ شيء ينطلق من القبول المتواضع للإيمان (أن نعرفَ أنَّ الله يُحبُّنا)، لكن يجب أن يبلغَ إلى حقيقةِ المحبَّة (أن نعرفَ أنْ نحبَّ الله والقريب) والتي ستبقى دائمًا كمالَ جميعِ الفضائل (1 قور 13: 13)”.
…………………….
الإيمان في أقوال القديس إيرناوس أسقف ليون (135-203)
“إنَّ الكنيسةَ، ورغم أَنَّها مُنتشرةٌ في كُلِّ العالم، تُحافِظُ بعِنايةٍ (على إيمان الرُسُل)، كما لو كانت تسكُنُ في منزلٍ واحد؛ وبنفسِ الطَّريقةِ تؤمِنُ بهذه الحقائِق، كما لو كان لها نَفْسُ الرُّوحِ ونَفْسُ القلب؛ وبِتوافِقٍ تامٍ تُعلِنُ هذه الحقائِقَ وتُعَلِّمُ وتَنقُل، كما لو كان لها فَمٌ واحد. إِنَّ لُغاتِ العالمِ مُختلفةٌ، لكنَّ قدرة التقليدَ هي واحدةٌ وهي نفسُها: فالكنائسُ المؤسّسةُ في بلاد الجرمان لم تتلقَّ ولم تنقل إيمانًا مُختلفًا، ولا الكنائسُ المؤسّسةُ في بلادِ الإسبانِ أو وسطِ الشُّعوبِ السلتيّة أو في المناطق الشرقيّة أو في مصر أو في ليبيا أو في وسط العالم” (1، 10، 1-2).
“هذا الإيمانُ قد تلقَّيناه مِنَ الكنيسةِ ونحنُ له حافِظون: الإيمانُ، وبِعَملِ روحِ الله، يُشبِهُ شيئًا ثمينًا محفوظًا في إناءٍ قيِّمٍ فيتجدَّدُ دومًا ويُجدِّد أيضًا الإناءَ المحفوظَ فيه… حيث تكونُ الكنيسة، هنالك يكونُ روحُ الله؛ وحيثُ يكونُ روحُ الله، هناكَ تكونُ الكنيسةُ وكُلُّ نعمة” (3، 24، 1).
…………………….
الإيمانُ في أقوالِ الطوباوي يوحنا أنطون فارينا (1803-1888)
“الإِيمانُ يُنيرُ قلوبَكم. أَعطِنا هِبَةَ الإِيمان، أَعطِنا شُعلَةَ المحبَّة”.
“آهٍ، يا ليتَنا نوقِظُ في الجميعِ نورَ الإِيمان. ونَدعوهُم لِمُمارَسَةِ الفَضائِلِ المسيحيَّةِ”.
…………………….
الإيمان في أقوال القديس أغناطيوس الأنطاكي (107†)
“لن يَخفَى عليكم شيءٌ إذا كانَ لكم في المسيحِ يسوعَ إيمانٌ ومحبَّةٌ كاملة. فهُما بدايةُ الحياةِ ونهايتُها. الإيمانُ هو البداية، والمحبَّةُ هي النهاية”.
“أنّي أبذِلُ حياتي من أجلِ الذينَ يخضعونَ للأسقف والشمامسة والكهنة. أَرجو أَنْ يكون لي ولهم نصيبٌ عندَ الله. إِعملوا معًا من أجلِ بعضِكُم البَعض، كافحوا معًا، إِجروا معًا، تألموا معًا، ناموا وٱسهروا معًا كمُدبّرين لله، كمُستشاريه وخدّامه. حاولوا أَنْ تحوزوا على رضى مَن تجاهدونَ من أجلِه والذي منه تَنالونَ أَجرَكم. لا يتناوَ أحدٌ منكم. لِتبقَ معموديتكم كالتُّرس، وإيمانكم كالخوذة، ومحبَّتكم كالحَربة، وصبركم كالدِرع”.
“أُسلُكوا سبيلَ الحِلمِ، وجدِّدوا أنفسَكم بالإيمانِ الذي هو جسدُ الرَّبّ، وبالمحبَّةِ التي هي دَمُ الرَّبّ”.
“وحدة الكنيسة، وحدة المؤمنين “في الإيمان والمحبّة، اللتان ليس هناك شيء أعظم منهما” (الرسالة إلى أهل إزمير 6/1).
“أنا أراه وألمسه في كلِّ مكان، بواسطة الإيمان”.
“سمعت مَن يقول: إذا لم أجد ذلك عند الأقدمين لا أُؤمن بالإنجيل. وعندما أقول لهم: أن ذلك مكتوب، يجيبونني: هذا هو الموضوع، الوثائق بالنسبة لي هي يسوع المسيح، الوثائق هي صليبه وموته وقيامته والإيمان الذي من عنده”.
“أُطلُبوا ليَ القُوَّةَ في الدَّاخِلِ والخارِج، لأَكونَ قويًّا ليس فقط بالكلام، بل ولتكونَ الإرادةُ فيَّ قويةً أيضًا. فأَكونَ مسيحيًّا لا بالإِسمِ فقط بل بالفعلِ أيضًا (أعني بقبولي الإِستشهادَ والموتَ في سبيلِ المسيح). فإذا كنْتُ مسيحيًّا بالفعلِ حَقَّ لي أَنْ أَحملَ الإِسمَ المسيحيَّ وأَنْ أُسَمَّى به، وإذّاك فقط أَكونُ مُخْلِصًا لإيماني، حين أَغيبُ عن العالمِ فلا يعودُ العالمُ يَراني”.
“أُريدُكم أن تكونوا ثابتينَ في إيمانِكم بميلادِ يسوعَ المسيح وآلامِه وقيامتِه التي حدثَتْ في عهدِ بيلاطسَ البُنطي: وكلُّها أُمورٌ جرَتْ حقًّا ولا شكَّ فيها، أَتمَّها يسوعُ المسيحُ رجاؤنا. وحاشا لأَحدٍ مِنكُم أَنْ يَحِيدَ عنها”.
“لتبقَ معموديَّتُكم سلاحًا لكم، وإيمانُكم دِرعًا، ومحبَّتُكم رُمحًا وصبرُكم العَتادَ كلَّه. لتكُنْ أَعمالُكم هي كنوزَكم، لكي تنالوا جزاءَ ما تعملون. كونوا طويلِي الأَناةِ حليمِين بعضُكم مع بعض، كمِثلِ ما يعملُ اللهُ معكم. متَّعَنِي اللهُ برؤيتِكم دائمًا”.
“يا إِخوتي، إِنَّ نَفْسي فائِضَةٌ بحُبِّكم، وأُريدُ في سروري أَنْ أُقوّيَ إِيمانَكم، لا أَنا فقط بل يسوعُ المسيح”.
…………………….
“من غيرِ الإيمانِ فيكم لا يستطيعُ المسيحُ أن يصنعَ المعجزاتِ الكثيرة”.
(القديس ايرونيموس إميلياني)
” الله لا يعملُ عملَه في مَن يرفضونَ أن يضعوا ثقتَهم الكاملةَ ورجاءهم فيه وحدَه فقط، بينما يُفيضُ ملءَ محبَّتِه في مَن يَتَّصفونَ بإيمانٍ كبيرٍ وبالرَّجاء: لهم “يصنعُ الله أُمورًا عظيمة”.
(القديس ايرونيموس إميلياني)
“إِمَّا أَن تفقِدوا الثِّقةَ وتعودوا إلى شؤونِ العالم، وإِمَّا أَن تبقوا ثابتينَ في الإيمان، وهو يؤيِّدُكم”. (القديس ايرونيموس إميلياني)
“إِذا أَنتم بقِيتُم ثابتينَ في الإِيمانِ أَمامَ التَّجارِب، سوفَ يَمنحُكُم الرَّبُّ سلامًا وراحةً إلى حينٍ في هذا الدَّهْرِ، وإِلى الأَبَدِ في العالَمِ الآخَر”.
(القديس ايرونيموس إميلياني)
…………………….
الإيمان في أقوال القديس يوحنا بوسكو (1815- 1888)
“في قلبِ المِحَن الكبيرة إِرتجِ الإيمانَ الكبيرَ فالإِيمانُ يَصنعُ المُعجِزات”.
“إن كانت لَكَ شجاعةُ الإيمان وقناعاتق راسِخة فما من شيءٍ في العالَمِ يُخيفُكَ”.
…………………….
أقوال الطوباوي يعقوب كبوشي في الإيمان
“الإيمان هو الإِعتقاد غير المتزعزِع بِالحقائِقِ التي أوصى بها الله”.
“روحُ الإيمان يجعلُنا نعملُ كُلَّ أعمالِنا قُدَّامَ الله كأنَّه حاضِرٌ أمامَنا، ينحني نحوَنا عندما نُصلِّي”.
“روحُ الإيمان: عينٌ فائقةُ الطبيعة تُرينا دائِماً اللهَ موجوداً وحاضِراً”.
“روحُ الإيمان: هو أن نستَحضِرَ دائِماً الله ونراه في كُلِّ شيءٍ وفي كُلِّ موضِع”.
“إنَّ اللهَ يُعطي الإيمان. فهو هِبَةٌ من عَلُ. ومِثلَ نجمِ المجوس يقودُنا إلى يسوع”.
“الإيمان هو نِعمَةٌ ساميَةٌ لأنَّه نورُ العقل”.
“لنَعلَم أنَّ المجوس لو حادوا عن الطريقِ السَّائِرِ فيها النجمُ الدَّليل، لتاهوا وما وصلوا إلى يسوع”.
“الإيمانُ ضروريٌّ وبدونِه لا يقدِرُ أحدٌ أنْ يُرضي اللهَ، لنتمسَّك كتمسُّكِنا بالحياة”.
“لنجتهِد أن نُنَمِّي فينا الإيمان بالصَّلاة”.
“لإنماءِ إيمانِنا يلزَمُنا مزاولة واجبات ديانَتِنا وٱقتبال الأسرار والتَّخلُّق بِالآدابِ الإنجيليَّة”.
“بِالإِمتحان، يقوىَ إيمانُنا وتزدادُ فضيلتُنا”.
…………………….
الإيمان في أقوال القدّيس بيّو من بييتريلشينا (1887 – 1968)، راهب كبّوشي
“أَعرِفُ أنَّ حضورَ يسوعَ في حياتِنا عائِدٌ إلى حرارةِ إيمانِنا به، وإلى عُمقِ محبَّتِنا له. نحن بالإيمانِ نقتربُ منه، وبالمحبةِ نسعى إليه، وهو ينكشِفُ دائمًا أَمامَ الذينَ تَطَهَّرَتْ قلوبُهُم، ونَصَعَتْ أَرواحُهُم”.
“عندما تَشتَرِكُ بالقدَّاسِ الإلهيِّ جَدِّد إيمانَكَ وتأمَّلْ تلكَ الضَّحيَّة الَّتي تُذْبَحُ للعدلِ الإلهيِّ حتَّى تُرضِيَهُ وتجعلَها مقبولَةً لديه”.
“كونوا مراكِزَ إِيمانٍ ومحبَّة يكونُ في وسَطِها المسيحُ نفسُه موجوداً كُلَّما ٱجتمعتُم من أَجلِ الصَّلاةِ ولمشاركةِ الحُبِّ الأَخويِّ تحتَ رِعايةِ رُعاتِكُم ومُدرائِكُم الرُّوحيِّين”.
“إِنَّ أَجملَ فِعْلِ إيمانٍ هو ذلكَ الَّذي تِلْفُظُهُ على شَفَتَيكَ في الظَّلامِ الدَّامِس، وَسَطَ التَّضحياتِ والآلامِ والمُعاناةِ والجُهدِ الجبّارِ الَّذي يُعَبِّرُ عن إرادةٍ ثابتةٍ لِعَمَلِ الخَير. إِنَّ فِعْلَ الإيمانِ هذا يَشُقُّ ظلامَ نَفْسِكَ كالبَرقِ، فيرفَعُكَ ويَحْمِلُكَ في وَسَطِ برقِ العاصفةِ ويقودُكَ نحوَ الله”.
“إِنَّ الإيمانَ الحَيَّ واليَقينَ الَّذي لا يَتَزَحزَحُ والإِلتزامَ غيرَ المَشروطِ بإِرادةِ الرَّبِّ يشكِّلونَ الضَّوءَ الَّذي يُنيرُ خُطى شعبِ اللهِ في الصَّحراء. إنّه النُّورُ نَفْسُه الَّذي يَتَأَلَّقُ في كُلِّ حينٍ في كُلِّ نفسٍ مقبولة لدى الآب. إنَّه النُّورُ نَفْسُهُ أيضًا الَّذي أنارَ طريقَ المَجوس وقادَهُمْ إِلى الرَّبِّ يسوعَ المسيحِ المولودِ وجَعَلَهُم يَعبُدونَه. إِنَّه الكوكبُ الَّذي تنبّأ به بَلعام (عدد 24: 17) والشّعلةُ الَّذي يقودُ خُطى كُلِّ إِنسانٍ يبحثُ عن الله”.
…………………….
الإيمان في أقوال القدّيس توماس مور (1478 – 1535)، رجل دولة إنكليزيّ وشهيد
حوار التعزية في الشدائد
«عَمَلُ اللهِ أَن تُؤمِنوا بِمَن أَرسَل»
إنّ الإيمان هو الأساس الذي نعتمد عليه. بدون الإيمان، لا جدوى من أن نرجو الحصول على أيّ تعزية روحيّة… فأيّ دَعمٍ يمكن أن يقدّمه الكتاب المقدّس لمَن لا يؤمن بأنّه كلمةُ الله وبأنَّ كلمَتَه حقيقَة؟ لا بدّ من أنّنا لا نستفيد كثيرًا إذا لم نؤمن أنّه كلمة الله أو، حتّى ولو ٱفترضنا ذلك، إذا ٱعتقدنا بأنّه يحتوي على أخطاء! فبقدر قُوَّةِ الإيمانِ تكونُ كلماتُ الكِتابِ المُقَدَّسِ المُطَمئِنَة أَكثر أو أقلّ إفادة.
فضيلة الإيمان هذه، لا يمكن لأيّ إنسان أن يكتَسِبَها مِن تلقاءِ نفسِه، ولا أن يهبها لآخَر… فالإيمان هو هبة مَجَّانِيَّة مِنَ الله، وكما قال القدّيس يعقوب: “فكُلُّ عَطِيَّةٍ صالِحَةٍ وكُلُّ هِبَةٍ كامِلَةٍ تَنزِلُ مِن عَلُ مِن عِندِ أَبي الأَنوار” (يع1: 17). فلهذا السبب، نحن الذين، بالرَّغم من علامات كثيرة، نشعر بأنّ إيماننا ضعيف، لنطلبْ منه أن يقوّيَه.
…………………….
الطوباوي يعقوب كبوشي (1875- 1954)
“الإيمان هو الإِعتقاد غير المتزعزِع بِالحقائِقِ التي أوصى بها الله”.
“روحُ الإيمان يجعلُنا نعملُ كُلَّ أعمالِنا قُدَّامَ الله كأنَّه حاضِرٌ أمامَنا، ينحني نحوَنا عندما نُصلِّي”.
“روحُ الإيمان: عينٌ فائقةُ الطبيعة تُرينا دائِماً اللهَ موجوداً وحاضِراً”.
“روحُ الإيمان: هو أن نستَحضِرَ دائِماً الله ونراه في كُلِّ شيءٍ وفي كُلِّ موضِع”.
“إنَّ اللهَ يُعطي الإيمان. فهو هِبَةٌ من عَلُ. ومِثلَ نجمِ المجوس يقودُنا إلى يسوع”.
“الإيمان هو نِعمَةٌ ساميَةٌ لأنَّه نورُ العقل”.
“لنَعلَم أنَّ المجوس لو حادوا عن الطريقِ السَّائِرِ فيها النجمُ الدَّليل، لتاهوا وما وصلوا إلى يسوع”.
“الإيمانُ ضروريٌّ وبدونِه لا يقدِرُ أحدٌ أنْ يُرضي اللهَ، لنتمسَّك كتمسُّكِنا بالحياة”.
“لنجتهِد أن نُنَمِّي فينا الإيمان بالصَّلاة”.
“لإنماءِ إيمانِنا يلزَمُنا مزاولة واجبات ديانَتِنا وٱقتبال الأسرار والتَّخلُّق بِالآدابِ الإنجيليَّة”.
“بِالإِمتحان، يقوىَ إيمانُنا وتزدادُ فضيلتُنا”.
القديس بيو (1887- 1968)
“عندما تشترك بالقدَّاسِ الإلهيِّ جَدِّد إيمانَكَ وتأمَّلْ تلكَ الضَّحيَّة الَّتي تُذْبَحْ للعدلِ الإلهيِّ حتَّى تُرضيهِ وتجعلها مقبولَةً لديه”.
…………………….
“آمِنْ إذًا إيمانًا ثابتًا ولا تتردَّدِ البتَّة: اللهُ الكلمةُ الابنُ الوحيدُ صارَ جسدًا. وقدَّمَ نفسَهُ عنَّا ذبيحةً وقربانًا للهِ طيِّبَ الرَّائحةِ. وله معَ الآبِ والرُّوحِ القدُسِ كانَتْ تُقَرَّبُ الذبائحُ الحيوانِيَّةُ على يدِ الآباءِ والأنبيَاءِ والكهنةِ في زمنِ العهدِ القديمِ. والآنَ في العهدِ الجديدِ، لا تَكُفُّ الكنيسةُ الكاثوليكيَّةُ في جميعِ أقطارِ الأرضِ عن أن تُقَدِّمَ له معَ الآبِ والرُّوحِ القدُسِ، وهو معَهما إلَهٌ واحِدٌ، ذبيحةَ الخبزِ والخمرِ بالإيمانِ والمحبَّة”.
(القديس فولجنسيوس من روسبه الأسقف 468- 533)
…………………….
الإيمان في أقوال القديسة مريم يسوع المصلوب
“كم كانَ إِيمانُ مريمَ العَذراءِ مَرْضِيًّا لدى الآبِ السَّماوي. بإِيمانِها كانت تُكَبِّرُ يسوعَ كُلَّ يومٍ في أَحشائِها. وهذا الإِيمانُ نَفْسُه، إِذا وُجِدَ فينا، يُمْكِنُ أَنْ يُكَبِّرَ يسوعَ في قلبِنا”.
…………………….
الإيمان في أقوال القديس كيرلس الإسكندري الأسقف
ومعلم الكنيسة (376- 444)
“الذينَ يَدنُونَ من الكرمةِ إنّما يتقدَّمونَ بناءً على إرادتهِم وقرارِهم. وأَمَّا ٱتحادُ الكَرْمةِ بنا فناجِمٌ عن طبيعةِ الكرمةِ نفسِها. تقدَّمْنا نحنُ مِنَ المسيحِ بالإيمانِ بناءً على إرادةٍ صالحةٍ فينا. وصِرْنا شركاءَ في طبيعتِه لأنَّه منحَنا كرامةَ التَّبنّي”.
“كما أنَّ أصلَ الكرمةِ يُمِدُّ الأغصانَ بصفاتِ طبيعتِه، كذلك الكلمةُ الابنُ الوحيدُ للهِ الآبِ، فإنّه يُمِدُّ القدّيسين بشبهِ شراكةٍ مع طبيعتِه الإلهيَّةِ، فيَهَبُ لهم الرُّوحَ بغزارة، ولا سيّما لمن ٱتحدوا معه بالإيمانِ وبكمالِ القداسة، ويُغذِّي تقواهم، ويؤهِّلُهم لكلِّ معرفةٍ وفضيلةٍ وصلاح”.
…………………….
الإيمان في أقوال القديس فيدالس الكاهن الشهيد (أو: الأمين) من سيجمارنجن (1578- 1622)
“إنّي لأرَى الإيمانَ الكاثوليكيَّ ثابتًا وراسخًا، مؤَصَّلاً ومؤسَّسًا على الصخرِ الراسخِ (متى 7: 25). السَّماءُ والأرضُ تزولان، وأنتَ، أيُّها الإيمانُ، لا يمكنُ أن تزولَ. قاومَكَ الكونُ كلُّه منذ البدايةِ، ولكنَّكَ كنْتَ الأقوى فٱنتصَرْتَ على الجميع”.
(القديس فيدالس الكاهن الشهيد من سيجمارنجن – المانيا 1578- 1622)
“ما الذي جعلَ الرُّسُلَ والشُّهداءَ قادرِين على تحمُّلِ المعاركِ القاسيةِ والآلامِ المبرِّحةِ، إلاَّ الإيمانُ، ولا سيما الإيمانُ بالقيامة؟
ما الذي حملَ النُّسَّاكَ على ٱزدراءِ الملذَّاتِ والإِستخفافِ بالكراماتِ، فداسوا الأموالَ، وساروا سِيرةَ البتوليّةِ في القِفارِ، إلاَّ الإيمانُ الحيُّ؟
وما الذي يدفعُ المسيحيِّين اليومَ إلى تركِ الأمورِ السَّهلةِ، ونَبذِ الحياةِ المريحةِ، وتحمُّلِ القَسوَةِ، وقبولِ الآلام؟
هو الإيمانُ الحيُّ الذي يعملُ بالمحبَّة (غلاطية 5: 6). هذا ما يحمِلُ على تَركِ الملذَّاتِ الحاضرةِ، على رجاءِ الخيراتِ الآتيةِ، وتبديلِ الحياةِ الحاضرةِ بالآتية”.
(القديس فيدالس الكاهن الشهيد من سيجمارنجن – المانيا 1578- 1622)
…………………….
الإيمان في أقوال القديس هيلاريوس أسقف بواتييه ومعلم الكنيسة (315- 367)
“في طبيعتِنا سُباتٌ وكسلٌ يجعلُ الفهمَ علينا عسيرًا. وأمامَ إدراكِ شؤونِك نجدُ أنفسَنا مُحاصَرِين بينَ جهلِنا المحتومِ وعجزِ عقلِنا المعلوم. إلاَّ أنَّ التأمُّلَ في تعاليمِك يؤهِّلُنا لبلوغِ معرفتِك الإلهيّة، وطاعةُ الإيمانِ توصِّلُنا إلى ما وراءَ المعرفةِ الطبيعيّة”.
“إنّنا في ضُعفِنا لا نقدرُ أن نفهمَ لا الآبَ ولا الابنَ. فيأتي الرُّوحُ القدسُ لينيرَ إيمانَنا، وبوساطتِه نُدرِكُ سرَّ تجسُّدِ اللهِ الذي يصعُبُ فهمُه”.
“إنَّ الطبيعةَ البشريّةَ إذا زالَتْ عنها أسبابُ الحياة، بقِيَتْ من غيرِ عمل. إن لم يكُنْ نورٌ أو نهار، لا تقدرُ العينُ أن تعملَ شيئًا. وإن لم يكُنْ هناك صوتٌ أو كلامٌ فلا عملَ للأُذن. وكذلك الأنفُ، إن لم تَفُحْ رائحةٌ فلا عملَ له. وليس الإعتلالُ أو النقصُ في الطبيعة، بل في ظروفِ الاستخدام. وكذلك روحُ الإنسانِ، إن لم ينَلْ بالإيمانِ هبةَ الروح، قد تكونُ فيه المقدرةُ لفهمِ الله، ولكن سينقُصُه نورُ المعرفةِ الذي يُفعِّلُ تِلكَ المقدرةَ فيه”.
“أعطِنا المعنى الحقيقي للكلمة، ونوِّرْ ذكاءَنا، وهَبْنا جمالَ التَّعبير، وأَنعِمْ علينا بالإيمانِ في الحقّ. أَعطِنا أن نقولَ ما نؤمن به…: لا يوجد سوى إلهٌ واحدٌ هو الآبُ وربٌّ واحِدٌ هو يسوعُ المسيح”.
…………………….
الإيمان في أقوال الكاردينال نغوين فان توان (1928- 2002)
• “أَنِرْ العالم بِشُعلةِ الإيمان”.
• امتحانٌ واحدٌ لأعمالِك ولردودِ أفعالِك يكفي لإظهار ما إذا كان لإيمانِك صدىً في حياتِك أم أنه مجرَّد إيتيكيت؟
• يَضَعُ الرَّبّ للإيمانِ شروطًا سهلةً جدًّا: “لو كان لكم إيمان كحبة الخردل لقلتم لهذا الجبل انتقل فينتقل” (متى17، 20) لماذا؟ لأننا لن ننقله نحن ولكن الله الذي سينقله.
• لا تؤمنوا بإلهٍ بعيد ومنعزل، ولكن آمنوا بالله بإيمان بطرس: “أنت المسيح ٱبن الله الحي” (متى 16،16)” وإيمان يوحنا: “الذي لا يُحِب لا يعرف الله، لأنَّ اللهَ محبة”(1يو4، 8).
• ليكن إيمانك صلبًا كالصخرة، عندها ستتمكن من تحقيقِ كلَّ شيء. في الواقع هو الرَّبُّ الذي يصنع المعجزة كلَّ مرَّة. هو يسألك: “هل تؤمن بي؟” ويُضيف: “إيمانُكَ خلّصك”.
• الإيمان هو أن تقبل يسوع المسيح بلا شروط وأن تصمّم على أن تعيش وتموت معه.
• الله قادرٌ على كلِّ شيء وأزلي. لو آمنت به لصنعت أمورًا عظيمةً كما فعل يسوع؛ ولفعلت أعظمَ منها. هذا ما وعدك به يسوع (يو 14: 12).
• لا تدَّعي أنَّك في منأىً عن الأخطار والصعوبات. تذكّر ألِعازار: “لا يليق بسِنِّنا أن نُراءي، لئلا يظُنَّ كثيرٌ من الشُّبَّان أنَّ ألِعازار، وهو ٱبنُ تسعينَ سنة، قد ٱنحازَ إلى مذهب الغرباء، ويضِلُّوا هم أيضا بسببي وبسبب ريائي من أجلِ حياةٍ أصبحت قصيرة جدًّا، فأجلُبَ على شيحوختي النجاسة والفضيحة” (2مكابيين 6، 24-25).
• حتى لو لم تُجبر على إنكار الرَّبّ، يُمكن أن تتعرَّض للضغوطِ التي تجعلُك تتصرَّف بعكسِ تعاليمه، وتعيش برجاء مزيّف بأنَّك لا تزال مؤمنًا. لا تخدع نفسك: فالإيمانُ الذي يخافُ الموت والألم أو المجابهة، هو إيمانٌ سيموت بالتأكيد.
• لتكن لديك الشجاعة لأن تعيش حياة الإيمان كلَّ يوم، كما فعل الشهداء بشجاعتهم.
كتابعٍ ليسوع، آمنْ فوقَ كلِّ شيء، أنَّك ٱفتُديتَ وغُفِرَ لك، وأنَّكَ محبوبٌ من الله بحبٍ لا متناهي. ليس الرَّبُّ مخلِّصًا يُجبِرُكَ على أَنْ تُحِبَّه وتعيش من أجله، بل هو الذي عليك أن تترك نفسك لتُحَبَّ منه بلا قيود.
…………………….
• “في قلب المِحَن الكبيرة إِرتجِ الإيمان الكبير فالإيمان يصنع المعجزات”. (القديس يوحنا بوسكو)
• “إن كانت لَكَ شجاعة الإيمان وقناعات راسخة فما من شيء في العالم يُخيفُك”. (القديس يوحنا بوسكو)
…………………….
الإيمان في قول القديس بطرس داميانس الأسقف ومعلم الكنيسة (1007- 1072)
“لا يمكِنُنا أن نُقاتِلَ بقُوَّةٍ وكفاءةٍ دفاعًا عن الإيمان، إنْ كُنَّا نَخافُ أَنْ نتجرَّدَ مِنَ الأَموالِ الأَرضيَّةِ”.
…………………….
الإيمان في قول القديس باسيليوس الكبير (330- 379)
“هذا الافتخارُ الكاملُ والتامُّ في الله، عندما يفتخرُ أحدٌ لا ببِرِّهِ بل يَعلَمُ أنّه مجرَّدٌ من البِرِّ الحقيقيِّ، وإنّما بُرِّرَ فقط بالإيمانِ بيسوعَ المسيح (فيلبي 3: 9-16)”.
“لا يستطيعُ الإنسانُ أن يعيشَ بمُفْرَدِه، لا يستطيعُ الإنسانُ أن يُؤمِنَ بِمُفْرَدِه. الله يُحادِثُنا، وبذلِكَ هو يجمَعُنا ويخلِقُ جماعةَ المؤمنينَ، شعبَه وكنيسَتَه. فبعدَ غيابِ يسوع، أَصبَحت الكنيسةُ علامةَ حُضورِه في العالم”.
“عندما نتأمَّلُ في بركاتِ الإيمانِ حتّى الآن، كما لو أنّنا نُحدِّقُ في ٱنعكاسٍ في مِرآة، فيكونَ هذا كما لو أنَّنا قد ٱمتلكنا منذُ الآن الأُمورَ الرَّائعةَ الّتي يَضمنُ لنا إيمانُنا بأنَّنا سوفَ نَتَمَتَّعُ بها يومًا ما”.
…………………….
الإيمان والأعمال الإيمان والمحبة
القديس برناردس رئيس الرُّهبان (1090- 1153)
( من سيرة القديس برناردس للكاتب “مارِيّون”، في مجموعة المؤلفات، ميلانو 1852، المجلد 3- 4، عمود 2809)
الإيمان من غير الأعمال ميت
قالَ القدّيسُ يعقوب: “مَن أرَادَ أن يَكُونَ صَدِيقَ العَالَمِ أقَامَ نَفسَهُ عَدُوَّ اللهِ” (يعقوب 4: 4). ولهذا فإنَّ طلبَ الأُمورِ الدُّنيَا ومعرفتَها ٱنحرافٌ، والتأمُّلَ والرَّغبَةَ في الأُمورِ العُليَا ٱستقامةٌ. وتكونُ الإِستقامةُ كاملةً بالمعرفةِ وبالموافقةِ على المعرفة. فأقولُ إنّكَ مستقيمٌ إن كانَتْ معرفتُك قويمةً، ولم تخالِفْ بأعمالِك ما عرَفْتَ بعلمِك. الإيمانُ والعملُ هما يبيِّنان حالةَ النَّفسِ الدَّاخِلِيَّةِ. فإن كانَ إيمانُها كاثوليكيًّا جامعًا وكانَتْ أعمالُها بارَّةً، أمكنَكَ أن تحكمَ بأنَّها مستقيمةٌ. وإلاّ فلا تتردَّدْ في القولِ إنّها منحرفةٌ. لقد سمِعْتَ ما قِيلَ: إنْ قرَّبْتَ ما هو صالحٌ، ولم تَقسِمْ بِحَسَبِ الصَّلاحِ، فقد أخطأْتَ.
قد تُقَدِّمُ ما هو قويمٌ صالح، ولكنّكَ لا تَقسِمُ بينَ الناسِ بِحَسَبِ ما هو قويمٌ صالحٌ. فلا تكُنْ مُقَدِّمًا صالِحًا وقَسَّامًا فاسِدًا. كيف تكونُ القِسمةُ بِحَسَبِ الإيمان؟ إن خالَفْتَ إيمانَك كانَتْ قسمتُكَ فاسدة، لأنّ “الإيمانَ بِلا أعمَالٍ مَيْتٌ” (يعقوب 2: 26).
أتُقَرِّبُ القرابينَ للهِ من أجلِ الموتى؟ قد تكونُ صادقًا في إيمانِك، ولكنْ ما نَفعُ الإيمانِ من غيرِ المحبّة؟ إنْ هو إلاَّ جثّةٌ هامِدَةٌ. أتُكْرِمُ اللهَ بقُربانٍ فاسدٍ؟ أتهدِّئُ غضبَ الله بأن تقتلَ إيمانَك؟ كيف يكونُ قُربانُك سلاميًّا، وفي نَفْسِك كلُّ هذه الخُصومةُ؟ لا عَجَبَ إن ثارَ قاينُ على أخيه: فقد سبقَ وقتلَ الإيمانَ في نفسِه أوَّلاً. ولماذا تَعجَبُ، يا قاين، إن لم يَنظُرْ إلى قربانِكَ مَن سَبَقَ ورذلَكَ؟ أيمكنُ أن يكونَ القُربانُ في يدِك والضَّغينةُ في نفسِك؟ لن تُصالحَ اللهَ وفي نفسِك خُصومةٌ. لن تنالَ الصَّفحَ بل ترتكبُ خطيئةً. أسأْتَ لمَّا ضرَبْتَ فقتَلْتَ، ولكنَّك أسأْتَ أيضًا لمَّا قسَمْتَ قِسمةً غيرَ مستقيمةٍ. قبلَ أن تقتلَ أخاك قتَلْتَ إيمانَك. أتكونُ صالحًا مستقيمًا عندما تَرفَعُ يدَيْك إلى الله، والضَّغينةُ وبُغضُ أخيك يملآن قلبَك ويشُدّانه إلى الأسفل؟ كيف تكونُ مستقيمًا والإيمانُ فيك قد ماتَ، وقد ماتَتْ أعمالُك، ولا صدقَ في نفسِك، بل فيها مرارةٌ كبيرةٌ. آمنْتَ فقرَّبْتَ، ولكنَّ إيمانَك خَلا من المحبّةِ. القُربانُ صالحٌ، ولكنَّ القِسمةَ والنِّيَّةَ في النَّفسِ شِرِّيرةٌ.
الموتُ بالنسبةِ إلى الإيمان هو فصلُه عن المَحَبَّةِ. أتؤمنُ بالمسيح؟ اعمَلْ إذًا أعمالَ المسيح، فيكونَ إيمانُك حيًّا. ليُنعِشِ الحُبُّ إيمانَك. وَلْيَكُنِ العملُ الصَّالحُ دليلاً عليه. الإيمانُ بالسَّماويّاتِ جعلَك مستقيمًا، فلا تدَعِ الأرضيّاتِ تَسِيرُ بك إلى الانحرافِ. أنتَ تقولُ إنَّك تقيمُ في المسيح: فكما سارَ هو يجبُ أن تسيرَ أنتَ أيضًا. إن طلَبْتَ مجدَ نفسِك سوف تحسُدُ من يَنجَحُ، وسوف تَفتَرِي على الغائبِ، وتَرُدُّ بالإساءةِ على من أساءَ إليك: المسيحُ لم يصنَعْ كذلك. أتقولُ إنَّك تعرفُ الله؟ ولكنَّك تُنكِرُه بأعمالِك. لقد أسلَمْتَ نفسَك للشيطان، لأنَّك لم تكُنْ مستقيمًا، ولأنَّك أسَأْتَ بلسانِك إلى المسيح.
تَرى إذًا أَنَّ الإيمانَ، ولو كانَ قويمًا، فهو لا يصنعُ الإنسانَ القويمَ، ما لم يكُنِ الإيمانُ مقرونًا بالمَحَبَّة. ومَن لا يُحِبُّ لا يعرفُ كيف يُحسِنُ إلى العَروس. ولا الأعمالُ، وإن كانَتْ قويمةً، يمكنُها من غيرِ الإيمانِ أن تجعلَ القلبَ قويمًا. فمَن يقولُ في الإنسانِ الذي لا يُرضي اللهَ إنّه قويمٌ؟ يقولُ الرَّسولُ: مِن غيرِ الإيمانِ لا يمكنُ أن تُرضِيَ الله. ومَن لا يُرضي اللهَ لا يمكنُ أن يُرضِيَه اللهُ. ومَن أرضى اللهَ لا يمكنُ أن يُسِيءَ إليه.
فلا الإيمانُ من غيرِ أعمال، ولا الأعمالُ من غيرِ إيمان، يمكنُ أن يجعلَ النَّفسَ قويمةً. فلْنَسعَ، أَيُّها الإِخوَة، نحنُ الذينَ نؤمنُ بالمَسيح، وَلْنَجعَلْ طُرُقَنا وجهودَنا قويمةً. لِنَرفَعْ قلوبَنا وأيادِيَنا معًا إلى اللهِ لنكونَ أمامَه مستقيمِين، مؤيِّدين ٱستقامةَ إيمانِنا بٱستقامةِ أعمالِنا، فنكونَ مُحِبِّين للكنيسةِ عروسِ المَسيح، ويُحِبَّنا العَروسُ الَّذي هو يسوعُ المسيحُ ربُّنا الإلهُ المبارَكُ مدى الدُّهور. آمين.
…………………….
الإيمان في قول القديس لورنسيوس من برنديزي الكاهن ومعلم الكنيسة
(1559- 1619)
“إِلاَّ أَنَ النِّعمَةَ والمَحَبَّةَ مِن دونِ الإِيمانِ باطلةٌ، لأنّه لا يُمكِنُ أَنْ نُرضِيَ اللهَ من دونِ الإيمانِ. ولا يُمكنُ أَنْ يُولدَ الإِيمانُ من دونِ الكِرازةِ”.
(القديس لورنسيوس من برنديزي الكاهن ومعلِّمُ الكنيسة 1559- 1619)
…………………….
القديس يوحنا فم الذهب الأسقف (349- 407)
“الإيمانُ هو الرأسُ والأصل”.
“أَتْمِمِ الصلاةَ بحسبِ أُصولِها، وٱفرُشْ بيتَك بالوداعةِ والتواضُع، وٱجعَلْه يَسطَعُ بضياءِ العَدل، وزيِّنْه بأعمالِ البِرّ، كمثلِ وُرَيقَاتِ الذّهَب، وبدلَ الجدرانِ وحجارةِ الفسيفساءِ جمِّلْه بالإيمان ورفعةِ النفس. وٱجعَلِ الصلاةَ مثلَ قِمّةِ البناءِ المكمِّلةِ للبيت، حتى إذا ٱكتملَ بيتُك أصبحَ أهلاً للرَّبّ، فتَستَقبِلُه فيه كفي قصرٍ مَلَكيٍّ رائِع، وغَدا الرَّبُّ نفسُه بالنِّعمةِ مثلَ الصورةِ في هيكلِ نفسِكَ”.
…………………….
الإيمان والبابا فرنسيس
“ليس الإيمان عطية للاحتفاظ بها على المستوي الشخصي. وإنَّما لنتقاسمه بفرح”.
…………………….
الإيمان والطوباوي جون هنري نيومَن
“ليست في عشرة ألاف صعوبة ما يبعث على شكّ واحد”. (الطوباوي جون هنري نيومن).
…………………….
الإيمان في قول القديس اسحق السرياني الأُسقف (700†)
“إقتني في ذاتِكَ إيمانًا مستقيمًا فتطأَ أعداءَك، وتجد فكرَكَ مُتضعًا”.
“النفس تعجز عن مواجهةِ الأمورِ المُحزِنة والتَّجارِبِ العَسرة بدونِ الاتكالِ النَّابِعِ من الإيمان”.
“أَيُّها الإنسانُ الشقيّ، إِنْ أَردتَ أَنْ تَجِدَ الحياة تَمَسَّك بالإيمانِ والتَّواضُع”.
“إِنَّ الذي يَفزَع من الأفكارِ يَثْبُتُ إِيمانُه باللهِ حقًّا، ولن يستطيع الصلاة قدَّامَ المسيح سيِّدِه ما لم يطرُد الأفكارَ أوَّلاً”.
“أَنتَ الأَصغرُ مِن بينِ البَشَر، هل تُريدُ أَنْ تَجِدَ الحياة؟ حافِظْ في داخِلِكَ على الإِيمانِ والتَّواضُع، وستَجِدُ من خلالهما الرَّأفةَ والنَّجدَةَ والكلامَ الَّذي سيَقولُه اللهُ في قَلبِكَ، وأَيضًا ذاكَ الَّذي يَحرُسُكَ ويَبقى إِلى جانِبِكَ سِريًّا وظاهريًّا. هل تُريدُ أَنْ تَكْتَشِفَ ماذا تُعطي الحياة؟ سِرْ على طريقِ البَساطة. لا تَدَّعِ أنَّكَ تَعرِفُ شيئًا أَمام الله. الإِيمانُ يَتْبَعُ البَساطَة. لَكِنَّ الإِزدِهاء يَتْبِعُ دِقّةَ المَعرِفَةِ وٱنحرافاتِ الفِكْرِ؛ فهوَ يُبْعِدُ عَنِ الله”.
“إِنَّ الإيمانَ هو بابُ الأَسرار. ما تُمَثّلُه الأشياءُ المَحسوسَةِ بالنّسبةِ لأَعيُنِ الجَسَدِ، يُقابِلُه الإِيمانُ بالنّسبةِ لأَعيُنِ النَّفْسِ الخَفِيَّةِ”.
…………………….
القديس إيرونيموس (347- 420)
كان إيرونيموس يحثّ رهبان الفيفاريوم قائلاً هكذا: “لا يحوز (يحصل) على جائزة الإِنتصار فقط مَن يُجاهدون حتّى إراقة الدِّماء أو مَن يعيشون البتوليّة، بَل أيضًا كافّة الذين، وبِعون الله، يتغلّبون على رذائل الجسد ويُحافظون على الإيمان المستقيم. ولكن لكي يُمكنكم، ودومًا بِعون الله، أن تتغلّبوا بِسهولة أكثر على إغواءات العالم وإغراءاتِه، وتبقوا فيه كالحُجّاج في مسيرة مُستمرّة، حاولوا قبل كلِّ شيء أن تضمنوا لأنفسكم المُساعدة المفيدة التي ينصح بها المزمور الأوّل الذي يوصي بِالتأمّل في شريعة الله ليلاً نهارًا. لن يجدَ العدوُّ أيَّ فَسحَةً لكي يَنْقَضَّ عليكم إذا كانَ كُلَّ ٱهتمامِكُم مُنصَبًّا على المسيح”.
…………………….
الإيمان والصوم والعفة والرحمة القديس بطرس خريزولوغُس
“قدِّم إيمانَك لِتُعاقِبْ عَدمِ الإيمان؛ قدِّم صَومَك لتضع حدًّا للشَّراهَة؛ قَدِّم عفّتَك لتموت الشَّهوة؛ كُن قويًّا ليتوقّف الشَّرّ؛ قُم بأعمال الرَّحمَة لتضع حَدًّا للجَشَع؛ ولكي تزيل الغباء، قَدِّم قداستَك. وهكذا تصبح حياتُك تقدمتَك إذا لم تكن قد جُرِحَت بالخطيئة. جَسدك يحيا، نعم، يحيا، في كُلِّ مَرَّةٍ تُميتُ فيها الشَّرّ فيك، وتقدّم لله فضائل حيّة”.
…………………….
ليل الإيمان أوريجينُس (نحو 185 – 253)، كاهن ولاهوتيّ
شرح لإنجيل القدّيس متّى، الكتاب العاشر، الفصل السّادس
ليل الإيمان
إن واجَهْنا يومًا تجاربَ قاسية جدًّا، فَلنتذكّرْ أنّ الرّب يسوع هو الذي أمرَنا بأن نُبحرَ وطلبَ منّا أن نسبقَه “إِلى الشَّاطِئِ المُقابِل”. في الواقع، يستحيلُ على أيّ شخص لم يتحمّلْ تجربة الموج والرياح المخالِفة، أن يصلَ إلى تلك الضفّة. لذا، حين نجدُ أنفسنا مُحاطين بمصاعب كثيرة ومؤلمة، ومُتعَبين من الإبحار وسطها بإمكانيّاتنا القليلة، فَلنتخيّلْ أنّ مركبنا موجود وسط البحر، حيث تلطمُه الأمواج التي تريدُنا “أن ننبذَ الإيمان” (راجع 1تم 1: 19) أو أيّ فضيلة أخرى. وإن رأينا رياح الشرّ تهبّ على أعمالِنا، فَلنَفهمْ أنّ الرياح مخالِفة لنا في تلك الفترة.
وسط هذه العذابات كلّها، حين نصمد طوال ساعات الليل المظلمة التي تسود في أوقات المحنة، وحين نقاوم بكلّ قوّتنا كي لا نغرقَ في “نبذ الإيمان”، فَلنَتأكّد أنّه نحو نهاية الليل، أي “عند تَناهي اللَّيل وٱقتَرَاب اليَوم” (راجع رو 13: 1)، سيأتي ٱبن الله إلى قُربِنا، ماشيًا على الموج، ليُعيدَ السكون إلى بحرنا الهائج.
…………………….
من رسالة القديس بوليكاربس الأسقف والشهيد إلى أهل فيلبي (69- 156)
(فصل 9،1-11،4: Funk 1، 275-279)
لنركض بالإيمان والبِرّ
أسألُكُم جميعًا أن تُطِيعوا كلمةَ البِرّ، وأن تتجمَّلوا بالصبرِ، كما رأيْتُم ذلكَ، ليس فقط في الطوباويين أغناطيوس، وزوسِموس، وروفُس، بل وفي آخَرِين أيضًا من بينِكم، وفي بولسَ نفسِه، وسائرِ الرسل. وقد ثبتَ لكم أنَّ هؤلاءِ لم يسعَوْا عبثًا (فيلبي 2: 16)، بل ٱستحقّوا بإيمانِهم وبِرِّهم المكانَ المعدَّ لهم في جوارِ الربِّ الذي تألمَّوا معه. فهم “لم يُحِبُّوا هَذَا الدَّهرَ” (2 طيموتاوس 4: 10)، بل أحبُّوا الذي ماتَ عنَّا، والذي أقامَه اللهُ من الموتِ من أجلِنا.
أقِيموا على هذا، وٱقتدوا بالرَّبّ، وكونوا “أشِدَّاءَ فِي الإيمَانِ، ثَابِتِينَ، مُحِبِّينَ لإخوتِكُم وَلبَعضِكُم بَعضًا”، مشتركِين في الحقّ، محتملِين بعضُكم بعضًا بحنانِ الرَّبّ، ولا تحتقروا أحدًا. ولا تُرجِئُوا عملَ البِرِّ عندما تقدرون أن تعملوه، “لأنَّ الصَّدَقَةَ تُنقِذُ مِنَ المَوتِ” (طوبيا 4: 10). “لِيَخضَعْ بَعضُكُم لِبَعضٍ” (أفسس 5: 21)، “وَسِيرُوا سِيرَةً حَسَنَةً بَينَ الوَثَنِيِّينَ” (1 بطرس 2: 12)، حتى تنالوا أنتم المديحَ ولا يُجَدَّفَ على ٱسمِ الرَّبِّ بسببِكم. الويلُ لمن بسببِه يجدَّفُ على ٱسمِ الرَّبِّ (رومة 2: 24). ثَقِّفُوا الجميعَ على الاعتدالِ بحسبِ ما تعيشون أنتم.
حزِنْتُ كثيرًا ل”فالنس” ((Valens الذي كانَ كاهنًا بينَكم لفترةٍ من الزمن، ثم لم يُقَدِّرِ المكانةَ التي جُعِلَتْ له. إِحترسوا لأنفسِكم من البخل، وكونوا عفيفِين وصادقِين. وٱمتنعوا عن كلِّ سوء. مَن لا يَقوَى على تدبيِر نفسِه في هذه الأمور، كيف يمكنُه أن يحثَّ الآخَرِين عليها؟ كلُّ مَن لا يبتعدُ عن البخل يوصَمُ بوصمةِ الأَصنام، وسيُحكَمُ عليه مثلَ الأُممِ التي تجهلُ قضاءَ الرب. “أوَمَا تَعلَمُونَ أنَّ القِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ العَالَمَ” (1 قورنتس 6: 2)، كما يعلِّمُ بولسُ الرسول.
أنا لم أَلحَظْ ولم أسمعْ شيئًا مثلَ هذا بينَكم. فقد تعبَ بولس فيكم، وأنتم بدايةُ رسالتِه. وهو يفتخرُ بكم أمامَ جميعِ الكنائسِ التي كانَتْ وحدَها تعرفُ الله، بينما لم نكنْ نحن نعرفُه بعدُ.
ولهذا، أيّها الإخوة، أنا حزينٌ جدَّا له (أي فالنس) ولزوجتِه. عسى أن يؤتيَهما اللهُ توبةً حقيقيّة. أمّا أنتم فٱلتمسوا الإِعتدالَ في هذا الأمر، “وَلا تَعُدُّوهُ عدُوًّا” (2 تسالونيقي 3: 15). بل ٱعتبروهما أعضاءَ متألِّمةً وتائهةً وأرجِعوهما، فتَخْلُصُوا ويَخْلُصَ الجسدُ كلُّه. إذا عمِلْتُم بذلك بَنَيْتُم إيمانَكم وأنفسَكم.
…………………….
الإِيمان والقديس غريغوريوس النازينزي الأُسقُف ومُعلِّمُ الكنيسة (329- 389)
“قَبلَ كُلِّ شيء، إِحفَظوا وديعَةَ الإيمانِ الَّتي مِن أَجلِها أَحيا وأُجاهِد، والَّتي معها أُريدُ أَنْ أَموت، والَّتي تجعَلُني أَحتَمِلُ جميعَ الشُّرور وأَزدَري جميعَ المَلَذَّات، أَعني إِعلان إِيماني بالآبِ والإِبنِ والرُّوحِ القُدُس”.
…………………….
من رسالة القديس بوليكاربس الأسقف والشهيد إلى أهل فيلبي (69- 156)
(فصل 12، 1-14: Funk 1،279-283)
ليُؤسِّسُكُم المسيحُ على الإيمانِ والحَقّ
أنا متيقِّنٌ أنّكم متمرِّسون بمعرفةِ الكتبِ المقدَّسة، ولا يخفَى عليكم شيءٌ فيها. أمّا أنا فليسَتْ لي هذه الموهبة. والآن أقولُ لكم ما قيلَ في هذه الكُتب: “إِغضَبوا ولا تَخطأُوا” (مزمور 4: 5)، “ولا تَغرُبِ الشمسُ على غضبِكم” (أفسس 4: 26). وطوبى لمن يَذكُرُ. وٱعتقادي أنَّكم ستَذكُرون.
لِيَمنحْكُم الله، أبو ربِّنا يسوعَ المسيح، ويسوعُ المسيحُ نفسُه، الحبرُ الأزليُ، وابنُ الله، أن تَنمُوا في الإيمانِ والحقِّ وفي كمالِ الحِلمِ، من غيرِ غضبٍ، في الصبرِ، وطولِ الأناةِ والتسامحِ والعفَّة. وليُعطِكم نصيبًا وحصَّةً مع قدِّيِسيه، ولْيُعطِنا نحن أيضًا معكم، ومع جميعِ مَن هُم تحتَ السماء، الذينَ سيؤمنونَ بربِّنا يسوعَ المسيح، وبأبيه “الَّذِي أقَامَه مِن بَينِ الأموَاتِ” (غلاطية 1: 1).
صلّوا لأجلِ جميعِ القدِّيسِين. صلُّوا أيضًا من أجلِ الملوك، والسُّلُطاتِ، والأمراءِ، ومن أجلِ مَن يضطهدُكم ويُبغضُكم، ومن أجلِ أعداءِ الصليب، لِتَظهرَ ثمارُكم في الجميع، ولِتَبلغوا فيه الكمال.
كتبْتُم إِليَّ، أنتم وأغناطيوس، حتى إذا ما ذهبَ أحدٌ إلى سورية، حملَ إليكم رسالتي. إذا وجدْتُ فرصةً سانحة، سآتي أنا أو سيأتي مُوفَدٌ من قِبَلي أبعثُ به إليكم.
أبعثُ إليكم مع هذه الرَّسالةِ رسائلَ أغناطيوس، التي أرسلَها إليكم، وكلَّ الرسائلِ الأخرى التي في حوزتِنا، بحسبِ طلبِكم. ستَجنُون منها فائدةً كبيرة. ستجدون فيها الإيمانَ والصبرَ وكلَّ ما يتعلَّقُ بالتقدُّمِ نحوَ الرَّبّ. إذا بلغَتْكم أنباءٌ أكيدةٌ عن أغناطيوس ورفقائِه، فأَعلِمونا.
كتبْتُ لكم هذه الرسالةَ بواسطةِ كريشانس ((Crescens الذي كنتُ قد أوصَيْتُكم به حديثًا، وأكرِّرُ التوصية. قضَى معَنا فترةً، وكانَتْ سيرتُه بينَنا بلا عيب. واعتقادي أنَّه سيكونُ كذلك عندَكم. أُوصِيكم أيضًا بشقيقتِه، عندما تصلُ إليكم.
كونوا سالمِين، في الرَّبِّ يسوعَ المسيح، وَلْتكُنْ نعمتُه معكم جميعًا. آمين.
…………………….
البابا فرنسيس والإيمان
“إنَّ الإيمان هو عطية من عند الله، وينبغي علينا أن نحافظ على هذه الهبة. إنّ المرء لا يصل إلى الإيمان من خلال الدراسة لأنّ الإيمان عطية ويُنال كهدية”.
(البابا فرنسيس)
“إنّ هناك العديد من المسيحيين الذين يعترفون بأنَّ يسوع هو الله، وهذا ما يفعله العديد من الكهنة والأساقفة وتساءل عما إذا كان هؤلاء يشهدون فعلا للرب. إنَّ الرعية تصير عاجزة عن الشهادة لإيمانها إذا ما كثرت في داخلها الثرثرة”.
(البابا فرنسيس)
…………………….
القديس أنسلموس الأسقُف (1033-1109)
“الإِيمانُ يَسعى إِلى الإِدراك”.
(القديس أنسلمس الأسقف ومعلم الكنيسة 1033- 1109)
…………………….
الإيمان والكاردينال شارل جورنيه (1891 – 1975)، لاهوتيّ
محاضرات ألقيت في جنيف حول إنجيل القدّيس يوحنّا (من سنة 1972 إلى سنة 1974)
اتّحاد الإيمان
أنظروا إلى حضور يسوع الإلهيّ. يجب ألّا ننسى ذلك: الرّب يسوع ليس أيًّا كان، هو ليس نبيًّا، هو ابن الله الأزليّ الكُلّيّ القدرة، مالك العناصر بحسب مشيئته. “قالوا له: ماذا نَعمَلُ لِنَقومَ بِأَعمالِ الله؟ فأَجابَهُم يسوع: عَمَلُ اللهِ أَن تُؤمِنوا بِمَن أَرسَل” (يو 6: 28-29). في هذا المقطع يطلب الرّب يسوع الإيمان فيه. لم يقدّم أي مؤسّس دين نفسَه على أنّه موضوع عبادة لتلاميذه؛ لا نجد ذلك أبدًا إلاّ في الإنجيل. لم يقم بذلك أيّ مؤسّس دين؛ جميعهن قاموا بإعلان رسائل، لكن لم يزعم أيّ منهم أنه موضوع عبادة، وهدف الرسالة. وحده الرّب يسوع قام بذلك، لأنّه مساوٍ لأبيه. “عَمَلُ اللهِ أَن تُؤمِنوا بِمَن أَرسَل”. معنى النص الأصليّ هو: “أن تؤمنوا بذهابكم نحو مَن أرسل”. هناك الحركة، حركة الانتقال. ٱنتقلوا بقلبكم وفكركم ومحبّتكم، لتثقوا بالذي أرسله. “الإيمان بـ” يعني: بَذل الذات بالكامل، “الايمان باللّه” يعني الذهاب نحو الله بكلّ كيانِنا. هو ليس مجرّد فعل ساكن، هو بَذلٌ للذات مع كلِّ ما فينا من قدرة على الإيمان، على الاتّحاد. إنَّ الكلمة التي يستعملها القدّيس توما الأكويني عندما يتكلّم عن الإيمان هي: الاتّحاد. الاتّحاد باللّه بالعقل والقلب معًا بالطبع. إذًا، إنَّ “عَمَلَ اللهِ هو أَن تُؤمِنوا بِمَن أَرسَل”.
…………………….
جاهدوا جهاد الإيمان من رسائل القديس كبريانس الأسقف والشهيد (205- 258)
(الرسالة 58، 8- 9و 11: CSEL 3، 663- 666)
جاهدوا جهاد الإيمان
يَنظُرُ اللهُ إلى جهادِنا وكفاحِنا في سبيلِ الإيمانِ، وينظُرُ ملائكتُهُ، وينظُرُ المسيحُ. يا لَسمُوِّ المجدِ. يا لَسعادةِ مَن يُجاهِدُ في قيادةِ الله، ومَن يُكَلِّلُه المَسيحُ الدَّيَّانُ.
لِنَتسلَّحْ، أيّها الإخوةُ الأحبّاء، بكلِّ قِوانا، وَلْنَستعِدَّ للمعركةِ بعقلٍ غيرِ فاسدٍ، بإيمانٍ قويمٍ، وبفضيلةٍ متفانيةٍ.كذلك تتقدَّمُ جيوشُ اللهِ إلى المعركةِ التي تخوضُها.
يُعَلِّمُنا القديسُ بولسُ ضرورةَ التَّسَلُّحِ والإِستعدادِ عندما يقول: “شُدُّوا أوسَاطَكُم بِالحَقِّ، وَٱلبَسُوا دِرعَ البِرِّ. وَٱنتَعِلُوا بِالنَّشَاطِ لإعلانِ بِشَارَةِ السَّلامِ. وَٱحمِلُوا تُرسَ الإيمَانِ فِي كُلِّ حَال، فِيهِ تَستَطِيعُونَ أن تُخمِدُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ المُشتَعِلَةِ. وَٱتَّخِذُوا لَكُم خُوذَةَ الخَلاصِ وَسَيفَ الرُّوحِ أي كَلِمَةَ الله” (أفسس 6: 14- 17).
لِنَتَّخِذْ هذه الأسلحةَ، بهذه الوسائلِ الروحيَّةِ والسماويّةِ، لِنُعِدَّ أنفسَنا لليومِ الصعبِ فنقدرَ أن نقاومَ فيه تهديداتِ إبليس.
لِنَلبَسْ دِرعَ البِرِّ، فيكونَ صدرُنا مجهَّزًا ومَحمِيًّا أمامَ سهامِ العدوِّ. لِتَكُنْ أقدامُنا منتعلةً ومتسلِّحةً بتعاليمِ الإنجيلِ، فندوسَ الحيَّةَ ونطأَها فلا تقدرَ أن تعُضَّنا أو تَهزِمَنا.
لِنَحمِلْ دِرعَ الإيمانِ بِقُوَّة، فهو يَحمِينا وينطفئُ دونَه كلُّ سهمٍ مُشتَعِلٍ يَرمِينا به العدُوُّ.
ولْيَكُنْ غطاءَ رأسِنا الخوذةُ الرُّوحيّةُ، لتَحمِيَ الآذانَ فلا تَسمعَ كلامَ الموت، وتَحمِيَ العيونَ فلا تَرى صُوَرًا كريهةً، وتَحمِيَ الجبينَ فتبقى شارةُ اللهِ عيه سالمةً، وتحمِيَ الفمَ فيعترفَ اللِّسانُ المظفَّرُ بالمَسيحِ الرَّبِّ.
لِنَتسلَّحْ بيمينِنا بسيفِ الرُّوح، فنرُدَّ ونُبعِدَ ذبائحَ الشَّرِّ، ونذكُرَ الإفخارستيا التي بها نَتناوَلُ جَسَدَ الرَّبِّ، فنأخذَ مِنَ الرَّبِّ فيما بعدُ مُكافَأَةَ الإكليلِ السَّماويِّ.
لتَنغرِسْ هذه الكلماتُ، أيّها الإخوةُ الأحبّاءُ، في قلوبِكُم. فإذا تأمَّلْتُم فيها وفكَّرْتم فيها، ثُمَّ جاءكم الإِضطهادُ يومًا، لم يَخَفْ جنديُّ المَسيحِ المُثَقَّفُ بِتَعاليمِ الرَّبِّ ووصاياه، ولم يَترُكِ المَعرَكَةَ بل كانَ مُستَعِدًّا لإكليلِ الظفَرِ.
…………………….
إِيمانٌ لا يُقْهَر القِدِّيسُ قُبريانُس الأُسقُف الشَّهيد (205-258)
(الرسالة 10، 2- 3 و5: CSEL 3، 491- 495)
إيمان لا يُقهَر
بأَيِّ مَديحٍ أَمدَحُكُم، أَيُّها الإِخوةُ الأَشِدَّاءُ؟ بأَيِّ نَشيدٍ أُشِيدُ لِثَباتِ جَنانِكُم ورُسوخِ إِيمانِكُم؟ تَحَمَّلْتُم أَقسى الآلامِ إِلى أَن بَلَغَتْ كمالَها في المَجدِ. لم تَخضعوا للعَذابِ، بل العَذابُ خَضَعَ لَكُم. العَذابُ عَجِزَ عَن وَضْعِ حَدٍّ لآلامِكمُ، فَكانَ إِكليلُ المَجدِ هو الحَدُّ والنهايَة. ثابَرَ الجَلاَّدُ وقَسَا وٱزدادَ شراسَةً في عَمَلِه، ولَكِنَّه لَمْ يُزَعزِعْ إِيمانَهم الرَّاسِخَ، بَلْ جَدَّ فأَسرَعَ بِتَوصيلِ رجالِ اللهِ إِلى الله.
رَأتْ جُموعُ الحاضِرِينَ بإِعجابٍ جِهادَ السَّماءِ هذا في سبيلِ الله، ومَعرَكةَ الرُّوحِ في سبيلِ المَسيح. رَأتْ خُدَّامَ اللهِ يَقِفونَ بِصَوتٍ حُرٍّ طلِيقٍ، وذِهْنٍ سليمٍ، تَسْكُنُهم قُوَّةٌ إِلهِيَّةٌ، عُزَّلاً من أسلِحَةِ هذا الدَّهرِ، لَكِنَّهم مؤمنونَ ومُسلَّحونَ بأَسلِحَةِ الإِيمانِ، مُعَذَّبِينَ ولَكِنَّهُم أَقوى مِن مُعَذِّبِيهِم، وبأَعضائِهِم المُحَطَّمَةِ والمُمَزَّقَةِ ٱنتَصَروا على مُحَطِّمِيها ومُمَزِّقِيها.
لَمْ يَقْدِرِ الجَلاّدُ أَنْ يَقْهَرَ الإِيمانَ الَّذي لا يُقْهَرُ، مَعَ أَنَّه غالى ضرَباتِه مدّةً طويلةً على خُدّامِ الله، فَمَزَّقَ أحشاءَهُم. ولَمْ يَعُدِ العَذابُ يُصيبُ الأَعضاءَ بَلْ الجِراحَ فيَزيدُها جِراحًا. سالَ الدَّمُ المَجيدُ الَّذي كانَ يَقْدِرُ أَنْ يُطفِئَ حَريقَ الإِضطهاد، وأَنْ يُهَدِّئَ لَهيبَ الجَحيمِ ونيرانَها. يا لَروعَةِ المَشهدِ الَّذي قَدَّمَه الرَّبُّ، يا لَلسُّمُوِّ، ويا لَلعظمة! كَم هي مَرضِيَّةٌ في عينَيْ اللهِ أَمانةُ جُندِيِّهِ لِسِرِّه العَظيمِ. قالَ الرُّوحُ القُدُسُ في سِفرِ المَزاميرِ لإرشادِنا نَحنُ أَيضًا: “كريمٌ عندَ الرَّبِّ مَوتُ أصفِيَائِهِ” (مزمور 115: 15). كَريمٌ مَوتُهم، لأَنَّهُم ٱشتَرَوْا الخُلودَ بِثَمَنِ دَمِهِم وكَرامَتِه، ولأَنَّهُم نالُوا الإِكليلَ مِنَ اللهِ بِبُلوغِهِم كَمالَ الفَضيلة.
كَم ٱبْتَهَجَ المَسيحُ هُناك، كَم كانَ مُطْمَئِنًّا في جِهادِهِ في مِثلِ هؤلاءِ الخُدّامِ، فيهم جاهَدَ وٱنتَصَرَ: إِنَّه حامي إِيمانِهِم، وواهِبُ المُؤمنينَ كُلَّ واحدٍ بِقَدْرِ ما يَقْدِرُ أَنْ يأخُذَ. كانَ ذلك جِهادَه فَكانَ حاضِرًا فيه. جاهَدوا بٱسمِه وبٱسمِه بَشَّرُوا فَثَبَّتَهُم، وقَوَّاهُم وأَحياهُم. إِنَّ قاهِرَ المَوتِ مَرَّةً مِن أَجلِنا يَقْهَرُ المَوتَ دائِمًا فينا.
يا لَلكنيسةِ السَّعيدةِ، الَّتي ٱستَضاءَتْ بِشَرَفِ هذِه الكَرامَةِ الإِلَهِيَّةِ، والَّتي تَسطَعُ في أَيَّامِنا بِدَمِ الشُّهَداءِ المَجيدِ. كانَتْ مِن قَبلُ ساطِعَةً نَقِيَّةً بأَعمالِ الإِخوَةِ. فصارَتِ الآنَ حَمراءَ بِدَمِ الشُّهداءِ. فالزَّنْبَقُ والوَردُ حاضِرانِ بَينِ زهورِها. فَلْيُجاهِدْ كُلُّ واحِدٍ الآنَ لِيَبْلُغَ المَجدَ الرَّفيعَ في كِلا الكَرامَتَيْن: لِيَبْلُغَ بأَعمالِه الصَّالِحَةِ الأَكاليلَ النَّاصِعَةَ البَياضِ والأَكاليلَ القانِيَةَ بالدَّمِ وبالآلامِ الَّتي تَحَمَّلوها.
…………………….
عن فضيلة الإيمان
الفضائل الإلهية الثلاث: الإيمان والرجاء والمحبة
هدف الفضائل الإلهية، أن يعيش المؤمنون في علاقةٍ مع الثالوث الأقدس. هي أساس الفعل الأخلاقي المسيحي، وهي تُفاض علينا عندما نعتمد بإسمِ الثالوث. وهذه الفضائل هي التي تعطي الفضائل الأخلاقية صورتها وتحييها. يهب الله هذه الفضائل على المؤمنين ليجعلهم قادرين على أن يسلكوا كأبنائه، وأن يستحقوا الحياة الأبدية. إنها عربون حضور الروح وفعلهِ في قُوى الإنسان البشري. فالإيمان يقربنا من الله، ويوحدنا به ٱتحادًا روحيًّا، لأن بالإيمان نعرفه كما تجلى لنا، ونؤمن بكلامه ونقبل إيحاءاته. وبالرجاء نصعد إليه ونصبو للتمتع بنعيمه، وأنه سيعطينا ما وعدنا به من ملكوته، لأنه رحيم وصادق. وبالمحبة فإن قلبنا يذوب في نار حبه، لأننا نرى فيه كل خير وبهاء وجمال وكمال، فنحبه بكل جوارحنا وعواطفنا حتى نصبح وإياه واحدا. وهكذا وبهذه المحبة نستطيع أن نتحد به على الأرض، ريثما نتحد به بالمحبة في السماء إلى الأبد.
فضيلة الإيمان
الإيمان هو فضيلة إلهية التي بها نعتقد وجود الله. وكل ما كلمنا به وأوحى، وتعرضه الكنيسة المقدسة علينا لنعتقده، لأن الله هو الحق ذاته. بالإيمان يسلم الإنسان أمره كلَّه لله. لذلك يسعى المؤمن إلى معرفة إرادة الله وإلى فعلها. “البار بالإيمان يحيا” (رو 17:1). ففي المسيح يسوع لا قيمة للختان ولا للقلف، وإنما القيمة للإيمان العامل بالمحبة (غلا 6:5).
الإيمان هو التصديق بالقلب، نقول: آمنت بالشيء أي صدقتهُ، واعتقدتهُ، ومعنى الاعتقاد هو القبول والاقتناع، لا بل هو التصديق الذي يطمئن له القلب دون أن يؤيده، أو يكذبه برهان منطقي أو مشاهدة حسية، وهو مُغاير للعلم الذي يعتمد على أسباب عقلية كافية. كما أنَّ عمل فضيلة الإيمان، هو عمل روحي وعقلي، لأنه عمل قبول وتصديق لحقيقة عقلية.
الإيمان هو القُوَّة التي بها نعطي موافقتِنا لله، ونرى به الحقيقة ونتَّحِد شخصيًّا فيه.
ما هو مصدر فضيلة الإيمان وكيف نمتلكه؟ الإيمان هو نعمة مُفاضة من الله تجاه الإنسان، لكن هي أيضا بحاجة إلى عمل إنساني من خلال جهد العقل والإرادة الحرة. الإيمان بحاجة إلى الصلاة من أجل تقويته وتعزيزه وتنميته.
أقوال في الإيمان
القديس توما الأكويني (1225-1274)
“من الضروري للإنسان أن يستلم بواسطة الإيمان ليس فقط الحقائق التي تفوق العقل، بل أيضا تلك التي ممكن إدراكها بواسطة العقل”.
“ما كنتُ لأُؤمِنُ لو لم أُدرِكْ أنَّ الإيمانَ منطقي”.
القديس يوحنا فيانيه – خوري آرس (1786- 1859)
“نفوس أولئك الذين يعوزهم الإيمان تكون عمياء، تماماً مثل أولئك الذين لا عيون لهم. نحن في هذا العالم نشبه الضباب؛ غير أن الإيمان هو الريح التي تُبدِّدُ هذا الضباب، وتجعل الشمس الجميلة تُشرقُ على نفوسِنا”.
القديس بيو (1887- 1968)
“عندما تشترك بالقدَّاسِ الإلهيِّ جَدِّد إيمانَكَ وتأمَّلْ تلكَ الضَّحيَّة الَّتي تُذْبَحْ للعدلِ الإلهيِّ حتَّى تُرضيهِ وتجعلها مقبولَةً لديه”.
(الطوباوي الكاردينال جون هنري نيومن (1801- 1890)
“من طبيعة الإيمان قبول الحقيقة التي لا يستطيع عقلَنا إدراكَها. وهي تستند بطريقةٍ سهلة وضروريَّة على الشهادة”.
أقوال الطوباوي يعقوب كبوشي (1875-1954)
“الإيمان هو الإِعتقاد غير المتزعزِع بِالحقائِقِ التي أوصى بها الله”.
“روحُ الإيمان يجعلُنا نعملُ كُلَّ أعمالِنا قُدَّامَ الله كأنَّه حاضِرٌ أمامَنا، ينحني نحوَنا عندما نُصلِّي”.
“روحُ الإيمان: عينٌ فائقةُ الطبيعة تُرينا دائِماً اللهَ موجوداً وحاضِراً”.
“روحُ الإيمان: هو أن نستَحضِرَ دائِماً الله ونراه في كُلِّ شيءٍ وفي كُلِّ موضِع”.
“إنَّ اللهَ يُعطي الإيمان. فهو هِبَةٌ من عَلُ. ومِثلَ نجمِ المجوس يقودُنا إلى يسوع”.
“الإيمان هو نِعمَةٌ ساميَةٌ لأنَّه نورُ العقل”.
“لنَعلَم أنَّ المجوس لو حادوا عن الطريقِ السَّائِرِ فيها النجمُ الدَّليل، لتاهوا وما وصلوا إلى يسوع”.
“الإيمانُ ضروريٌّ وبدونِه لا يقدِرُ أحدٌ أنْ يُرضي اللهَ، لنتمسَّك كتمسُّكِنا بالحياة”.
“لنجتهِد أن نُنَمِّي فينا الإيمان بالصَّلاة”.
“لإنماءِ إيمانِنا يلزَمُنا مزاولة واجبات ديانَتِنا وٱقتبال الأسرار والتَّخلُّق بِالآدابِ الإنجيليَّة”.
“بِالإِمتحان، يقوىَ إيمانُنا وتزدادُ فضيلتُنا”.
القديس بوليكاربس الأسقف والشهيد إلى أهل فيلبي
لنركض بالإيمان والبِرّ
أسألُكُم جميعًا أن تُطِيعوا كلمةَ البِرّ، وأن تتجمَّلوا بالصَّبرِ، كما رأيْتُم ذلكَ، ليس فقط في الطوباويين أغناطيوس، وزوسِموس، وروفُس، بل وفي آخَرِين أيضًا من بينِكم، وفي بولسَ نفسِه، وسائرِ الرسل. وقد ثبتَ لكم أنَّ هؤلاءِ لم يسعَوْا عبثًا (ر. فيلبي 2: 16)، بل ٱستحقّوا بإيمانِهم وبِرِّهم المكانَ المعدَّ لهم في جوارِ الرَّبِّ الذي تألمَّوا معه. فهم “لم يُحِبُّوا هَذَا الدَّهرَ” (2 طيموتاوس 4: 10)، بل أحبُّوا الذي ماتَ عنَّا، والذي أقامَه اللهُ من الموتِ من أجلِنا.
أقِيموا على هذا، وٱقتدوا بالربّ، وكونوا “أشِدَّاءَ فِي الإيمَانِ، ثَابِتِينَ، مُحِبِّينَ لإخوتِكُم وَلبَعضِكُم بَعضًا”، مشتركِين في الحقّ، محتملِين بعضُكم بعضًا بحنانِ الربّ، ولا تحتقروا أحدًا. ولا تُرجِئُوا عملَ البِرِّ عندما تقدرون أن تعملوه، “لأنَّ الصَّدَقَةَ تُنقِذُ مِنَ المَوتِ” (طوبيا 4: 10). “لِيَخضَعْ بَعضُكُم لِبَعضٍ” (أفسس 5: 21)، “وَسِيرُوا سِيرَةً حَسَنَةً بَينَ الوَثَنِيِّينَ” (1 بطرس 2: 12)، حتى تنالوا أنتم المديحَ ولا يُجَدَّفَ على ٱسمِ الرَّبِّ بسببِكم. الويلُ لمن بسببِه يجدَّفُ على ٱسمِ الرَّبِّ. ثَقِّفُوا الجميعَ على الإِعتدالِ بحسبِ ما تعيشون أنتم.
صلاة لتعزيز الإيمانِ والرَّجاءِ والمحبَّة
أَبتِ الذي في السَّموات، ما أَلذَّ وأَطيبَ أَن أَعرِفَ أَنَّكَ أَبي وأَنِّي ٱبنُكَ!
لا سيما عندما تُظْلِمُ سماءَ نفسي ويَثقُل صليبي، أَشعرُ بأمسِّ الحاجةِ إلى ترديد هذه الكلمات: أَبتِ، إِنِّي أُؤمنُ بحُبِّكَ لي! نعم، أُؤمنُ بأنَّكَ أَبي في كُلِّ لحظةٍ من لحظاتِ حياتي، وبأَنِّي ٱبنُكَ!
أُؤمنُ بأنَّكَ تُحِبُّني حُبًّا أَبديًّا! أُؤمنُ بأنَّكَ تسهَرُ عَلَيَّ ليلاً ونهارًا، فلا تسقطُ شعرةٌ واحدةٌ من رأسي إِلاّ بإذنِكَ! أُؤمنُ بأنَّك كُلِّيُّ القدرة، يُمكِنُكَ ٱستخراجُ الخيرِ من الشَّرِّ أَيضًا!
أُؤمنُ بأنَّكَ كُلِّيُّ الصلاح، تعملُ ما هو خيرٌ لأَجلِ الذينَ يُحِبُّونَكَ. وأَيضًا، تحت الأيادي الضاربة، أَقبَلُ يدَكَ الشافية! أُؤمنُ… لكن زِد فِيّ الإيمانَ والرَّجاءَ والمحبَّة. علّمني أَن أَرى دائمًا حُبَّكَ كمُرشدٍ لي في كُلِّ أَحداثِ حياتي. علّمني أَن أَترُكَ لكَ ذاتي كطفلٍ في أَحضانِ أُمِّه.
أَبتِ، أَنتَ تعلَمُ كُلَّ شيء، ترى كُلَّ شيء، تعرِفُني أَكثرَ مما أَعرِفُ نفسي: أُقدِّمُ لكَ كُلَّ صلواتي، وتضحياتي، وإماتاتي، وكُلَّ أَفعالي. ولكي أكونَ أَكثرَ أَمانةً نحو واجبي، هبني نورًا ونعمةً وقوةَ روحِكَ القُدُّوس! ثبِّتْني في هذا الرُّوحِ حتى لا أَفقِدَه أَبدًا، ولا أُحزِنَه ولا أُضعِفَه فِيَّ.
أَبتِ، إنِّي بٱسمِ يسوعَ ٱبنِكَ أَتضرَّعُ إليكَ، وأطلُبُ منكَ أن تحفظَني من الشِّرِّير وأن تزيدَ فيَّ الإيمانَ والرَّجاءَ والمحبَّة! وأَنتَ، يا يسوعُ، إِفتح قلبَكَ وضَعْ فيه قلبي، ومع قلبِ مريمَ قدِّمْهُ لأبينا الإلهي! أُحصلْ لي على النِّعمة التي أَحتاجها! أَبتِ الإلهي، أُدعُ إليكَ جميعَ البَشَر. ليُعلِنَ العالمُ كلُّه صلاحَكَ الأبويَّ ورحمتَكَ الإلهية!
كُنْ أَبي الحَنون، إِحمني في كُلِّ مكانٍ كَحَدَقةِ عينكَ. إِجعلني دائمًا أَهلاً أَن أَكونَ ٱبنَكَ: إرحمني! يا أَبتِ الإلهي، يا رجاءَ نفوسِنا العذب، لتكُن معروفًا ومكرَّمًا ومحبوبًا من كُلِّ البَشَر!
أَبتِ الإِلهي، كُلِّيُّ الجودِ والصلاح، يا مَن تفيضُ ذاتَكَ على كُلِّ البَشَر، لتكُن معروفًا ومكرَّمًا ومحبوبًا من كُلِّ البَشَر!
أَبتِ الإلهي، يا ندى البشرية المُنعِش، لتكُن معروفًا ومكرَّمًا ومحبوبًا من كُلِّ البَشَر!. آمين.
أُنظُر ما تقول الوصية الروحية للقديس لويس لابنه
ملكٌ عادلٌ حَكَمَ الأرض
بُنَيَّ العزيز، أعلِّمُكَ أوّلا أن تحبَّ الرَّبَّ إلهَكَ بكلِّ قلبِكَ وكلِّ قوّتِكَ: لأنَّه لا خلاصَ من دونِ هذا.
بُنَيِّ، يجبُ أن تحفظَ نفسَك من كلِّ ما تَعرِفُ أنَّه لا يُرضِي اللهَ، أي من كلِّ خطيئةٍ مميتةٍ. يجبُ أن تَقبَلَ بأن تُعذَّبَ بكلِّ نوعٍ من العذابِ ولا ترتكبَ أيَّةَ خطيئةٍ مميتةٍ.
ولهذا، إذا سمحَ اللهُ بأن تعترِيَكَ أيّةُ شدَّة، يجبُ أن تحتملَ بالصبرِ الجميلِ وبالشكرِ والحمدِ: فكّرْ أنَّ ذلك حدَثَ لخيرِك، وأنَّك قد تكونُ استحقَقْتَ ذلك حقًّا. وإذا منحَكَ اللهُ أيَّ نجاحٍ يجبُ أن تشكرَه أيضًا بتواضع، محترسًا من أن يؤدِّيَ بك النجاحُ إلى ما هو أسوأُ، سواءٌ بسببِ المجدِ الباطلِ أو لأيِّ سببٍ آخَرَ، لأنَّه يجبُ ألا تقاومَ اللهَ ولا تُهِينَه في عطاياه.
واظِبْ على فروضِ الكنيسةِ بطِيبةِ خاطرٍ وتقوى. وما دمْتَ في الكنيسةِ احذَرْ التشتُّتَ والحديثَ الباطلَ. بل صلِّ إلى الربِّ بتقوى، بفمِكَ أو بالتأمُّلِ في قلبِك. ليكُنْ قلبُكَ مُفْعَمًا بالرحمةِ للفقراءِ والأشقياءِ والمعذَّبين، وحاوِلْ أن تساعدَهم وأن تعزِّيَهم بقدرِ ٱستطاعتِك. ارفعِ الشكرَ إلى اللهِ لجميعِ الإحساناتِ التي أحسنَ بها إليكَ، فتستحقَّ أن تنالَ أكثرَ منها. كُنْ عادلاً مع مرؤوسيك. حافِظْ على خطِّ العدالةِ، ولا تنحرِفْ عنه يَمنَةً أو يَسرَةً. قِف إلى جانبِ الفقيرِ أكثرَ من وقوفِك إلى جانبِ الغنيِّ، إلى أن تثبُتَ لك الحقيقةُ. أحبِبْ كلَّ ما يَحفَظُ جميعَ رعاياكَ في السلامِ والعدلِ، ولا سيّما رجالَ الكنيسةِ والرهبانَ.
كُنْ تقيًّا مطيعًا لأمِّنا الكنيسةِ الرومانيّةِ وللحبرِ الأعظمِ وٱعتبِرْه بمثابةِ الأبِ الروحيِّ. اجتهِدْ في استئصالِ كلِّ شرٍّ وخطيئةٍ من أرضِكَ، ولا سيَّما التجديفَ والهرطقات.
بُنَيَّ العزيزُ، وفي الختامِ أمنحُكَ كلَّ بركةٍ يقدرُ أن يمنحَها أبٌ لابنِه، وَلْيَحفَظْكَ الثالوثُ القدُّوسُ وجميعُ القدِّيسين من كلِّ شرٍّ. لِيَمنَحْكَ اللهُ أن تعملَ مشيئتَه تعالى، ليُخدَمَ ويُكرَّمَ على يدِك. حتى نَصِلَ يومًا كلُّنا معًا بعدَ هذه الحياةِ إلى مشاهدتِه وحبِّهِ وتسبيحِه بلا نهايةٍ. آمين.
…………………….
الإيمان والقديس يوحنا السلمي (525- 606)
“وَرِّث أَبناءَكَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ إِيمانًا خالِصًا وعَقيدةً سليمَة، وهكذا تَقودُ إِلى الرَّبِّ في طريقِ ٱستقامَةِ الرَّأي ليسَ فقط أَبناءَكَ بل أَبناء أَبنائِكَ”.
…………………….
آمنت فَشَدِّد إِيماني الضَّعيف إسحَق السريانيّ (القرن السابع)
أحاديث نسكيّة، السلسلة الأولى، الرقم 72
«آمنتُ، فشَدِّدْ إِيمانيَ الضَّعيف» (مر 9: 24)
إِنَّ الإيمانَ هو بابُ الأَسرار. ما تُمَثّلُه الأشياءُ المَحسوسَةِ بالنّسبةِ لأَعيُنِ الجَسَدِ، يُقابِلُه الإِيمانُ بالنّسبةِ لأَعيُنِ النَّفْسِ الخَفِيَّةِ. يقولُ الآباءُ – ولكلّ منهم رؤيته الخاصّة في هذا المجال- أنّه كما لِجَسَدِنا عَينان، كذلكَ لَدينا عَينانِ روحِيَّتانِ لِنَفْسِنا. فبواسطة العين الأولى نرى أسرارَ مَجْدِ اللهِ المَخفِيِّ في كائناتِ خلقِه، أَي قُوَّتُه وحكمتُه وعنايتُه الإلهيّةِ الأَبدِيَّةِ الّتي تُحيطنا والّتي نفهمها حين نستدركُ عظمةَ اللهِ الّتي يُسيِّرنا من عُلاهَا. وبواسطة العين نفسها، نتأمّل أيضًا القُوَّاتُ السَّماوِيَّةِ والملائكة، “نُظَرائِنا في الخدمة” (رؤ 22: 9). غير أنّنا، بواسطة عين الإِيمان الأُخرى، سنَتَأَمَّلُ مَجدَ طَبيعَةِ اللهِ المُقَدَّسة، حينَ يَسمَحُ بأَنْ يُدخِلَنا إِلى قَلبِ أَسرارِهِ الرُّوحِيَّةِ ويَفْتَحُ أَذهانَنا على مُحيطِ الإِيمان الشَّاسِع.