تأملات آباء الكنيسة حول حول الصلاة الجماعية
آباء الكنيسة
حَيثُما ٱجتَمَعَ إِثنانِ أَو ثلاثةٌ بِٱسمِي كُنتُ هُناكَ بَينَهم القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم
(نحو 349-407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة
العظة الثامنة عن الرسالة إلى أهل رومة
إِنْ طلبتُ مِنكُم الإِقتداءَ بالقدّيس بولس الرَّسول، فهذا لا يعني: أقيموا الموتى وٱشفوا البرص. إنّما إِفعلوا أفضل من ذلك: فلتكن فيكم المَحبّة. فليكن فيكم ذلك الحُبُّ الذي كان يُحَرِّكُ القدّيس بولس، لأنَّ هذه الفضيلة تتفوّق على قدرة صنع العجائب. حيث تكون المحبّة، فإنَّ اللهَ الإِبن يملك مع أبيه وروحه القدّوس. لقد قالها الرَّبّ يسوع: “فَحَيثُما ٱجتَمَعَ إِثنانِ أَو ثلاثةٌ بِٱسمِي، كُنتُ هُناكَ بَينَهم” (متى18: 20). محبّة أن نكون سويّة هو نمط صداقة قَوِيَّة وحَقيقيَّة.
هل تظنّون أنّ هناك أُناسًا تُعساء لدرجة أَلاَّ يَتوقوا إلى رؤية المسيح فيما بينهم؟ نعم يا أحبَّائي، هؤلاء الناس هُم نحن؛ إنّنا نطردُه مِن بَينِنا حينَ نَكونُ على خلاف فيما بيننا. سوف تقولون لي: ماذا تقول؟ ألا ترى أنّنا مجتمعون بٱسمِه، الكُلُّ داخلُ الجُدرانِ نَفْسِها الَّتي تؤلّفُ الكنيسة، للإصغاءِ إِلى صوتِ راعينا؟ ليسَ فيما بيننا خلاف، ونَحنُ نُنْشِدُ الأناشيدَ نَفْسَها، ونتلو الصلوات نفسها ونسمع سويّة صوت راعينا. أينَ الخلافُ إذًا؟
أعرفُ أنّنا في الحظيرةِ نَفْسِها، ونَنتَمي إلى الرَّاعي نَفْسِه. ورُغم ذلك، لا أجدُ شيئًا أَبكيه بمرارَةٍ أكثَرَ من هذا… فإن كنتم هادئين ومُطمئنّين في هذا الوقت، فعند خروجِكُم من الكنيسةِ سأَجِدُكُم تُوَجِّهونَ الإِنتقاداتِ بَعضِكُم لِبَعض؛ وبَعضُكُم سيَهينُ الآخرَ علانيّة. أَمَّا البعضُ الآخر، فسوفَ يَتَمَلَّكُه الغيرة أو البخل أو الرَّغبة. هناك آخرونَ سيُفَكِّرونَ في الإِنتقامِ أو في الشَّهواتِ الجَسَدِيَّةِ أو الغِشِّ أو التزوير… فلْنَحتَرم إِذًا هذِه المائِدة المُقَدَّسَة الَّتي نَجتمع حولها لتناول جَسَدَ الرَّبّ؛ ولْنَحتَرم المسيح الّذي سُحِقَ لأَجلِنا، ولْنَحتَرِم الذَّبيحة الإلهيّة الَّتي تُقَدَّم على هذا المذبح في وَسْطِنا.