Liturgical Logo

تأملات آباء الكنيسة حول قيامة الموتى

آباء الكنيسة

قيامة الموتى من خطب القديس أنسطازيوس أسقف أنطاكية
(الخطبة 5 في قيامة المسيح: 6، 7 و9: PG 89، 1358 – 1359 و1361 – 1362).
سيحوِّل المسيح جسد ضعفنا
مات المسيح وعاد إلى الحياة ليكون رب الأموات والأحياء (روما 14: 9) وليس الله إله أموات، بل إله أحياء (ر. متى22: 32) فالأموات إذاً الذين يسودُ عليهم مَن عادَ إلى الحياة ليسوا بعدُ أموات بل هم أحياء. ومِن ثَم تسود فيهم الحياة لكي يحيوا ولا يخافوا الموت بعد مثل المسيح «الذي بعد ما أُقيم من بين الأموات لن يموت بعد» (روما 6: 9)
بعد ما أُقيموا وحُرِّروا من الفساد لن يروا الموت بعد بل أصبحوا شركاء في حياة المسيح المُقبلة كما كان هو شريكًا معهم في موتهم ولم ينزل لسببٍ آخر إلى الأرض التي كانت حتى مجيئه سجنًا أبديًّا نزل ليحطم «مصاريع النحاس ويكسر مغاليق الحديد». (ر.أشعيا45: 2؛ مزمور 106: 16) وليجذب إليه حياتنا فيُنجّيها من الفساد ويهبنا الحرية بدل العبودية. ليس هذا التدبير بعد مكتملاً فما زال الناس يموتون وأجسادهم تتحلَّل بالفساد: إلاّ أنَّ هذا ليس سببًا لعدم الإيمان، لقد تسلَّمنا عرابين جميع الخيرات المذكورة سابقاً وبها نصعد إلى أعالي السماوات فنجلس معه هو الذي رَفَعنا الى العُلى كما قال بولس: «أقامنا معه وأجلسنا معه في السماوات في المسيح يسوع» (أفسس2: 6). سنبلغ إلى التتمّة عندما يحين الزمان الذي حدَّدهُ الآب، أي عندما نخرج من الطفولة ونبلغ قامة الانسان الكامل. هكذا رأى الله أبو الأبدِ، لتكونَ هِبَتُه فينا ثابتةً فلا نزدريها مرَّةً ثانية إذا ما عاد ذهننا إلى المراهقة. ولا حاجة بنا إلى القول إنَّ جسد المسيح قامَ جسدًا روحيًّا، لأنَّ بولس يقول في الأجساد “إنها تُزرعُ أجسادًا حيوانية وتقوم أجسادًا روحيَّة» (ر. 1قورنتس15: 44)، أي متحوّلةً على مثال تجلي جسدِ المسيح، قائدِنا الذي تقدَّمَنا. وكان الرسولُ يَعلَمُ بذلك فسَبَق وقال ماذا سيحدث للجنس البشري عن يَدِ المسيحِ الذي «سيُغَيِّرُ جسدَنَا الحقيرَ فيَجعَلُهُ على صورةِ جسدِهِ المجيد» (فيلبي3: 21). التجلّي هو التحوُّلُ إلى جسَدٍ روحيٍّ أي شبيهٍ بجسدِ المسيحِ المُمَجَّد: لأنَّ المسيحَ قامَ بجسدٍ روحيٍّ، وهو نفسُهُ الجسدُ الذي «زُرع في الهَوان» (1قورنتس 15: 4)، ولكنَّه هو أيضًا نفسُهُ الذي تحوَّلَ إلى جسدٍ مُمَجَّدٍ. لما قَدَّم المسيحُ إلى الآبِ بواكيرَ طبيعتِنا أي جسدَهُ فقد جَذَبَ معه أيضًا الكَوْنَ كلَّهُ متمِّمًا ما وَعَدَ به: «وأنا إذا رُفِعتُ مِن الأرضِ جَذَبتُ إليَّ الناسَ أجمعين» (يوحنا 12: 32).