تأملات آباء الكنيسة حول مثل الزوان
آباء الكنيسة
مثل الزؤان والقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 – 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة
عظات حول إنجيل القدّيس متّى، عظة رقم 46: 1-2
مثل الزؤان
إنّ طريقة الشيطان هي أن يمزج دائمًا الحقيقة في الخطأ المتخفّي وراء مظاهر وألوان الحقيقة، بحيث يتمكّن بسهولة من الإيقاع بالذين ينخدعون بسهولة. لذا، تكلّم ربّنا فقط عن الزّؤان لأنّ هذه النبتة تشبه القمح. وبعدها، وصفَ الطريقة التي يتّبعها الشيطان للخداع: “وبَينما النَّاسُ نائمون”. من هنا، نرى أهميّة الخطر الذي يحدق بالرؤساء، وخاصّة أولئك الذين أوكلَتْ إليهم مهمّة حراسة الحقل؛ وفي مجال آخر، إنّ هذا الخطر لا يهدّد الرؤساء فقط، إنّما مَن هم دونهم مرتبة. وهذا يُظهر لنا أيضًا كيف يأتي الخطأ بعد الحقيقة… فالرّب يسوع المسيح كلّمَنا بكلّ هذا ليُعلّمنا ألاّ ننام. ومن هنا ضرورة قيامنا بحراسة شديدة التيقّظ. لذا، قال أيضًا: “والَّذي يَثبُتُ إِلى النِّهاية فذاكَ الَّذي يَخلُص” (مت 10: 22). تأمّلْ الآن حماس الخدّام. هم يريدون اقتلاع الزؤان في اللحظة عينها. مع أنّ ذاك التصرّف كان متسرِّعًا، لكنّه يبقى دليلاً على ٱهتمامهم بالزرع. هم لم يبالوا سوى بخلاص الحصاد، ولم يكن يهمّهم الانتقام من الذي زرع الزؤان… بمَ أجابَ المعلّم؟ “لا، مَخافةَ أَن تَقلَعوا القَمْحَ وأَنتُم تَجمَعونَ الزُّؤان”. يا له من جوابٍ رائع نهى من خلاله الرّب عن الحرب والعنف وإراقة الدّماء من أجل الكنيسة. نعم يجب عدم إيذاء حياة الهراطقة؛ بغير تلك الطّريقة سنشعل الحروب والانقسامات دون توقّف. “حتَّى إِذا أَتى وَقْتُ الحَصاد” أي الوقت المناسب… اصبروا، فقد يخرجون من ظلمات خطئِهم ومن زؤانٍ قد يصيرون قمحًا صافيًا… إن ٱقتلعنا الزؤان الآن، قد نُلحق الأذى بالحصاد الآتي، من خلال ٱقتلاع مَن يمكن أن يتغيّر ويصبح أفضل.