عيد الأسرة المقدّسة: أسرة يسوع ومريم ويوسف
الأب بيتر مدروس
في ثمانية العيد
القراءة الأولى تحدّثنا عن إبراهيم خليل الله، وعن الوعد له بنسل يكون “مثل نجوم السماء”. وهذه هي المشكلة التي لا تنتهي، بل تزيد تعقيدًا وامتدادًا بين ابناء “إبراهيم” الحقيقيين والمزعومين. واليوم يساعدنا فحص الحامض النووي الديإنايه DNA (وليس الديانة!) في تبيان بعض الأمور! الصراع بين ابناء يعقوب وابناء إسماعيل. يأخذ العبرانيون على ابناء عمّهم أنهم بنو “حمار وحشيّ” (تكوين 16: 12) ويلوم الإسماعيليون أبناء عمّهم أنهم أحفاد “محارب الله” بل أحفاد القردة والخنازير. ولا يقف الصراع عن الكلام بل بالأسلحة. ويتّسع ليتعدّى حدود فلسطين، فهنا خلافة وهنا نصرة وهنا “مسيحيون صهاينة” هم تناقض حيّ وانتصار لشعب ظالم على شعب مظلوم! أمّا المسيحيون فيُلامون أنهم كفّار مشركون يعبدون ثلاثة آلهة
في مسألة “أبناء إبراهيم” يتميّز المسيحيون بل ينفردون – والحقّ يقال- بموقف عقلانيّ لا سبيل إلى دحضه أو رفضه : يقولون بعد يسوع والمعمدان ومار بولس: نحن ابناء إبراهيم بالإيمان وليس بالضرورة بالعِرق (بكسر العين). يسوع هو هو نسل إبراهيم. ونحن أتباعه وإخوته
ومن النتائج العلمية “عسيرة الهضم” أنّ معظم اليهود الأشكينازيين أي الغربيين، ليسوا يهودًا عِرقًا، وقد أثبت هذه المعطيات بشكل أكيد وطيد، كلّ من أرييلا أوبنهايم وعيران إلحايك منذ سنة 2002. وما هم إلاّ قبائل تركمانية بقرب القوقاز اعتنقت اليهودية في القرن الميلادي الثامن
لا أرض الميعاد بل “الأرض الواعدة”
يقول احد الرجال السياسيين الفلسطينيين المسيحيين المقدسيين، هذه العبارة الجميلة الصحيحة لاهوتيًّا، ونأمل أن تتمّ عمليًّا، اي أن تعد هذه الأرض بالخير، مع أنها حتّى الآن أثبتت كلام العبرانيين عنها اي عن أرض كنعان : “إنها أرض تأكل ساكنيها!” على كلّ حال لا يذكر العهد الجديد عبارة “أرض الميعاد” سوى مرّة واحدة، وفقط في رسالة إلى عبرانيين تنصّروا. وأرض الموعد ما هي إلاّ رمز شاحب مؤقّت للوطن السماوي الذي هو أفضل (عبر 11: 16). فوطننا جيّد والسماء أفضل وأكمل وأمثل
وروّجت البدع المنشقة، ولا سيما الأمريكية والرافضة لمعمودية الأطفال وللكهنوت ولسواها من العقائد والممارسات التقوية – روّجت وما تزال – في نفس الوقت لفكرتين خطيرتين : الأولى أنّ لا وطن لنا – نحن غير اليهود – على هذه الدنيا ، والثانية أنّ أرض الوعد هي لليهود، وإن لم يؤمنوا بيسوع! وهكذا روّجوا لعدم الانتماء للوطن، والهدف من قصد أو من غير قصد، أن يتخلّى كلّ منّا عن وطنه، وأن يتركه لليهود، أو يترك العبرانيين ومشايعيهم يسيطرون عليه
ويتذرّع المنشقّون بالكلمات السيدية لبيلاطوس :”ليست مملكتي من هذا العالم” (يوحنا 18: 36) ولكن يسوع لم يقصد “سلخنا” عن أوطاننا وهو الذي بكى وطنه وحزن أن ” لا كرامة لنبيّ في وطنه”، بل قصد أنه هو شخصيًّا يرفض أن يكون مسيحًا عسكريا دنيويًّا سياسيًّا مراوغًا مع مكايد وألاعيب واسلحة وحريم وخدع
خاتمة
لنكرم الزواج والوالدين! لنحسبنّ بصواب كلّ الإنسانية أسرتنا الله أبوها والسيدة العذراء امّها.