“مخلّص” فارسيّ صغير وفادي الإنسانيّة الكبير!
الأب بيتر مدروس
قورش ملك فارس “منقذ” للعبرانيّين لا “بعبع إيرانيّ”!
إذا كان فعلاً “التاّريخ معلّم الحياة” وكان على المرء أن يتعلّم عن الحاضر عن طريق الماضي، فموقف “قورش” الإيجابيّ نحو اليهود يفيدنا أنّ الفرس أي أنّ “الإيرايّين” أعادوا العبرانيّين إلى “الأرض الواعدة”. وهكذا يصعب على المرء أن يصدّق أنّ الإيرانيّين أعداء لليهود ألدّاء بحيث يتذرّع بهم الإسرائيليّون ليصرفوا النّظر عن ظلمهم للشّعب الفلسطينيّ وسائر شعوب الشّرق الأوسط.
“الخلاص من النّعمة بالإيمان” (أفسس 2: 4- 10)
مع أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة وإخوتنا اللّوثريّين اتّفقوا منذ أكثر من عشرين سنة على قضيّة “التّبرير بالإيمان” فما زال سوء الفهم سائدًا في كثير من الأوساط الشّعبيّة. من جهة أخرى، هنالك جماعات لا تُعدّ ولا تُحصى ترفض تعميد الأطفال تفرّعت عن المبدأ اللّوثريّ الخطير القاضي ب”حرّيّة التّفسير الفرديّ” للكتاب المقدّس لكل إنسان (بخلاف 2 بطرس 1 : 20، ثم 3: 14 وتابع): تلك الجماعات ما زالت تصرّ على “الخلاص بالنّعمة وبالإيمان لا بالأعمال”، مع كلّ ما جلبه سوء الفهم لكلمات مار بولس من شرور وانحرافات شكى منها لوثير نفسه وإيراسموس وسواهما.
نجد الإيضاح في قراءة اليوم: الله لم ينتظر منّا أعمالاً صالحة عندما خلّصنا بدم المسيح الثّمين ووهب لنا النّعمة. ولكن بعد أن نلنا الخلاص مبدئيًّا، وجب علينا “أن ننهل من ينابيع النّجاة” وأن نتجاوب مع هذا الخلاص إذ “خلقنا (الله) في المسيح يسوع للأعمال الصّالحة التي اعدّها بسابق إعداده لكي نمارسها”. يعني بالعربي أنّ الله يريد منّا الأعمال الصّالحة وتساعدنا نعمته في أن نمارسها بحرّيّتنا. وقد كتب مار يعقوب أوّل أساقفة مدينتنا المقدّسة زهرة المدائن:” كما أنّ الجسد بغير الرّوح ميت، فهكذا الإيمان من غير أعمال” (2: 26). ولخّص مار بولس الموضوع: “في المسيح يسوع، لا شأن للختان ولا لعدم الختان، بل للإيمان العامل بالمحبّة” (غلاطية 5: 6).
“هكذا أحبّ الله العالم حتّى أنه جاد بابنه الوحيد” (يو 3: 14- 21)
ما الهدف؟ “لئلاّ يهلك من يؤمن به” أو “لئلاّ يهلك أيّ من المؤمنين به”. يجب أن ينتبه المرء هنا إلى أنّ الصّيغة العبريّة “ليس كلّ” (بخلاف العربيّة التي تعني “بعض”) تعني “لا أحد”، كقول سِفر الجامعة: “ليس كلّ جديد تحت الشّمس” بمعنى: ما من شيء جديد.
خاتمة
منحنا الله المخلّص، فكيف ” لا يهب لنا معه كلّ شيء”؟ (رومية 8: 32). وما المسيح مختلف عن الذات الإلهيّة لأنّه “كلمة الله”. وبما أنّ الله أعطانا الحياة والنّجاة والنّعمة والإيمان، فلنطلبنّ منه “أن يديمها علينا نعمة” “وأن يتمّ الله فينا، إلى يوم المسيح يسوع ، العمل الصّالح الذي بدأه” (عن فيليبّي 1: 6).