“من أورشالم تخرج الشريعة ” (أشعيا 2: 3)

الأب بيتر مدروس

“من أورشالم تخرج الشريعة ” (أشعيا 2: 3)

في هذا الاحد الاوّل من زمن المجيء تقدّم لنا الكنيسة القراءة الاولى من سفر أشعيا الفصل الثاني حول المدينة المقدّسة التي “ستخرج منها الشريعة “. لا يعرض المرء هنا تفسيرا علميا للايات المشار اليها بل هذا شرح روحاني: أورشالم من غير الهيكل السليماني الهيرودسي الزوروبابلي ستكون ملتقى جميع الشعوب. ما تحققت هذه النبوّة إلاّ في المسيحية منذ ما يقارب ألفي سنة. ومعروف أن شريعة موسى خرجت من سيناء والشريعة الاسلامية من ديار العرب ولكن شريعة المحبة عند يسوع – لا محبة الشريعة – أتت يوم العنصرة سنة 30 للحساب الميلادي في العليّة ، في أحضان المدينة المقدّسة “أم الشعوب” – هذه المدينة التي شهدت صلب الفادي وقيامته المجيدة وصعوده السعيد.
“سوف تجري إليها جميع الامم”: نعم، تؤمّها كل الامم من حجّاج وسيّاح. وللاسف هاجر منها ومن سائر فلسطين معظم سكّانها الفلسطينيين المسيحيين، وذلك منذ قرون.
يتنبأ نص أشعيا عن جنح أهل اورشالم وسائر البلاد إلى السّلم وكأنهم يريدون أن يحقّقوا معنى اسم المدينة الذي يحوي جذر”شلم” أي السلام! ولكننا بعيدون كل البعد في ايامنا ومنذ عقود عن “رؤية السلام” وعن حقيقته، والسبب القاهر هو هذه المدينة نفسها التي هي هي مركز الصراع ومحوره!
من ناحية بشريّة وبسبب ظروف لاإنسانية تسيطر على هذه المدينة والوطن والكنيسة، لا يبدو أن السيد المسيح يسود على “مدينة الملك العظيم” بما أن معظم سكّانها لا يؤمن بيسوع لا مسيحا ولا فاديا ولا ابنا لله أي تجسدا لكلمته الازلية. ولا يجد المرء في المدينة المقدّسة سلاما ولا وئاما، مع الكلمات المعسولة التي يسمعها المرء من جانب أو آخر.
وبالضبط في هذه الظروف الحالكة ترتسم في كبد السماء “علامة ابن الانسان” أي الصليب، رمزا للعذاب والمعاناة والذلّ والموت، وأيضا كعربون رجاء ومصالحة وقيامة وخلود !